قحت ضيعت هوية السودان

لقد توالت عمليات طمس هويتنا الإسلامية بكل السُّبل،وخصوصا بعد أن نصب الغرب عملاءه حكاما علينا بعد سقوط الانقاذ أولئك العملاء الخونة الذين يحملون راية التغريب، ويعتبرون أن التمسك بالهوية الإسلامية تخلُّف ورجعية إلى العصور الوسطى.والذين لم يرسلهم إلينا الغرب إلا لتنفيذ اجندته وفي مقدمتها طمس الهوية وبالتالي يسهل عليهم تنفيذ بقية الأجندة الشيطانية الخبيثة الماكرة بعد أن يصبح الشعب بلا هوية وبلا هدف
كما أن الهوية الإسلامية اليوم تُواجه بعدَّة أطروحات مضادَّة، وفكر متناقض، وتبدأ المواجهة بهويات عَلمانيَّة شرقية وغربية، منها ما يسمى: الفكر اليساري، والفكر اليميني؛ كالماركسية والليبرالية، أو الاشتراكية، أو الرأس مالية…، وعند طرح الهوية الإسلامية يقال: إن هذا نوع من الرجعية والتخلف
 كما تعاني الهوية العربية الإسلامية من هجمة غربيَّة وأمريكية تحت اسم العَوْلمة في كل مجالات الحياة، وهي في حقيقتها تذويبٌ للهوية الإسلامية في هوية العولمة الغربية؛ لقمعها والقضاء عليها باسم الإرهاب والتخلُّف، وعدم مواكبتِها للتقدُّم العلمي والحضاري (ولقد أعلن أصحاب مشروع السودان الجديد أنهم يريدونه سودانا جديدا بلا دين وبلا لغة عربية …يعني طمس كامل للهوية )
 فما يسمى بالعولمة ما هي إلا عملية تهدف إلى هَيْمنة الفكر والثقافة الغربية على الثقافات الأخرى بدعوى التعاون والتواصل، وإزالة الحدود والمسافات بين الدول والشعوب، فالدول الغربيَّة لديها قدرات استثنائية للتَّغَلْغُل، وبالتالي للتأثير؛ لذلك فالعولمة تمثل خطرًا مُدمِّرًا على الشعوب والأمم التي تفتقر إلى ثوابت ثقافية، والشعوب الضعيفة اقتصاديًّا، والمتخلفة تنمويًّا، فهذه لا تملك أن تقاوم الضغوط الثقافية، أو تصمد أمام الإغراءات القويَّة لتحافظ على نَصاعة هوياتها، وطهارة خصوصياتها، على عكس تلك التي تملك رصيدًا ثقافيًّا وحضاريًّا غنيًّا، والتي تملك التنمية الاقتصادية والاجتماعية في موازاةٍ مع العمل من أجل تقوية الاستقرار، وترسيخ قواعده على جميع المستويات، ولا يقتصر تأثير العولمة على الجانب الاقتصادي والسياسي، بل يتعدَّاه إلى الجوانب الأخرى، وخاصة فيما يتعلَّق بالناحية الثقافيَّة والإيديولوجيَّة والدِّينيَّة.
  لقد حدث خلل كبير في الانتماء العقَدي لشبابنا بعد استيلاء هؤلاء العملاء على مفاصل الدولة إلى جانب تنامي عوامل التفكُّك في الأبعاد الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهذا قد سمح لهؤلاء الشباب – مع هذا التفكُّك والضعف – بالارتباط بالفكر الغربي، وأصبح هو مصدرَ التلقِّي والتوجيه، وأصبح القبول بمقولات وسلوكيات وطريقة تفكير الغرب شيئًا طبيعيًّا، وربما يتنامى ذلك أيضًا للاعتقاد
 ويمكنك أن ترى أزمة الهوية الإسلامية في الشباب في لبسهم ومظهرهم وحلاقة شعرهم وسلوكياتهم وحتى في سعيهم البهيمي في إشباع شهواتِهم، بل ظهر الشواذ مطالبين بحقوقهم في تحد سافر لدين وقيم المجتمع وقد عين لهم الحمدوك مستشارة واعطاهم دار جمعية القرآن الكريم مقرا لهم وظهر من فتيات الإسلام كذلك من تعرَّت، وتفسخت، وتركت حجابها،ونادت بتغيير قوانين الأسرة والطفل . كذلك نجد في المسلمين اليوم الذين يتخلَّوْن عن جنسيَّة بلادهم الإسلامية ويفتخرون بالفوز بجنسية البلاد الكافرة، كما نجد المذيع المسلم الذي يعمل بوقًا لإذاعة معادية لدينِه من أجل حَفْنة دولارات… ونجد أستاذ الجامعة الذي يسبِّح بحمد الغرب صباحَ مساءَ.
 كما نجد فئات وشرائح ومؤسسات في المجتمعَيْنِ العربي والإسلامي تعمل كوكيل للثقافة الغربية؛ وذلك بتقديم المساعدات المالية لمشاريع أبحاثها، وعقد الندوات واللقاءات التي تدعم توجهاتها الثقافيَّة للهيمنة على الثقافتين العربية والإسلامية، ونجد مجموعة من المراكز والمؤسسات التي تؤثِّر مباشرة على الثقافة العربية؛ مثل: المدارس التبشيريَّة، ومراكز اللغات والترجمة، ومؤسسات خيرية، ومدارس أجنبيَّة يتمثَّل دورها جميعًا في التأثير الفكري والتربوي واللغوي على طلبة العلم والمعرفة، وفرض مناهجها وأفكارها مع التقليل من مواد اللغة العربية والتربية الإسلامية، ثم القيام بالتبشير والتنصير (والخطورة كل الخطورة تَكمُن في تخريج هذه الأجيال على النَّهْج المريب من التغريب)، وهي أجيال لن تعودَ لها صلةٌ بماضيها وتراثها وثقافتها، ولن يكون لها ولاءٌ ولا انتماءٌ لآبائها وأقرانها ممن يتخرجون في المدارس العربية، وكأننا بذلك نعمل على إيجاد حالة من الانفصام في شخصية المجتمع وبِنيته الأساسية، تبدو آثاره في ظاهرة استعلاء لُغويٍّ، ومباهاة بلغة الغرب وثقافاتهم وإعلامهم.
  هو صراع التعليم، وتفريغه من كل ما يُنْشِئ الروح الإسلامية، والعقلية الإسلامية، والنفسية الإسلامية، ومحاولة استغلال فترة غياب الهُوية.(وقد رأيتم مافعله القراي في مناهج التعليم) في فترة إدارته للمركز القومي للمناهج والبحث التربوي
 إن هذه التحديات والمخاطر التي تهدد هويتنا العربية والإسلامية لا بدَّ للأنظمة التعليمية والتربوية من مواجهتها بصورة حاسمة؛ فمن خلال التربية يمكن أن تتحدد القِيَم، والمعارف، والمهارات، والسلوكيات التي تتطلبها الأمة، بل وتتحدد التنمية الاقتصادية، والاجتماعية، كما تساعد التربية في عملية التغلُّب على المعوِّقات والمشكلات، التي تعتبر بمَثابة قيود على الأمة تمنع انطلاقتها.
 وأول ما نبدأ به من هذا الجهد هو تصحيح منهج التلقِّي من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وسيرة السلف الصالح رضوان الله عليهم؛ أي: من الأسس الإسلامية للتربية، وليس من أفكار دخيلة ومنحرفة، ثم تأتي مرحلة اشتقاق أهداف هذه التربية من هذه الأسس، ثم تتوالى عملية بناء المناهج التربويَّة، وتتلوها مهمَّة التربية على هذا البناء الصحيح الذي تُرجى معه الثمرة.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.