قضية قتل الشهداء هل اقتربت من طاولة المحكمة الجنائية
في الثالث من يونيو 2019 اقتحمت قوات بزي عسكري ساحة القيادة العامة للقوات المسلحة بغرض فض اعتصام المتظاهرين الذين اعتصموا ابان النظام السابق واستمروا حتى قيام الثورة حتى يشكلوا مركز ضغط لحماية مسار الثورة ، واسفر الاعتداء عن قتل عشرات وجرح العديد من المعتصمين وتسبب لبعضهم اعاقات مختلفة، ونفت كل الأطراف السلطوية قيامها بعملية الاقتحام في حين تحدث البعض عن فضهم لمنطقة كولمبيا التي كانت بحسب السلطات بعض المتفلتين الذين يشكلون مهدداً أمنياً للمجتمع .وفي عهد رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك تم تكوين لجنة تحقيق برئاسة القانوني المعروف د. نبيل اديب بيد أنها لم تستطع أن تكمل تقريرها وترفعه لرئيس الوزراء حتى حدث انقلاب الخامس والعشرين من اكتوبر الذي اطاح بحكومة حمدوك وأنهى الشراكة مع الحاضنة السياسية الحرية والتغيير، وظل يشتكي رئيس لجنة التحقيق من عدم وجود إمكانات فنية لفحص أشرطة الفيديو المتعلقة بوقائع فض الاعتصام وطالب بدعم فني خارجي ، ثم كشف اخيراً عبر حوار صحفي أن الخبراء وصلوا منذ مايو الماضي واضاف (وفي أثناء عملها وقع “انقلاب 25 أكتوبر”، ولم تعد هناك حكومة مدنية. نحن لجنة شكلها رئيس الوزراء، وبعد استقالته أصبح العمل معقداً، ويحتاج إلى اتصال يومي مع اللجنة للحصول على دعم الحكومة.
لكنه أشار قائلاً (ولأن رئيس الوزراء غير موجود الآن، وهذا وضع استثنائي، فوجود منصب في الدستور يساوي رئيس الوزراء هو ما سيحدد لنا إلى أين سنذهب بهذا التقرير) غير أن المراقبين يرون أنه حتى إذا تم تعيين رئيس وزراء بواسطة مجلس السيادي الحالي الذي يضم المكون العسكري والذي كان يحكم في تلك الفترة التي تم فيها فض الاعتصام فإن تقديم اللجنة للتقرير لشخص قام بتعيينه سيكون هناك محل شك في حياده وسيلقي ظلالاً كبيراً من الشك في إمكانية المضي به حتى الوصول للباب العدالة ، سيما وان لجنة أسر الشهداء حتى في وجود الحكومة المدنية مع الشراكة العسكرية لم تكن مطمئنة على شفافية التقرير نسبة للتعثر الذي صاحبه وهو ما دفعهم لبذل جهود للدفع بالقضية إلى المحكمة الجنائية ويكشف رئيس اللجنة فرح عباس عن اختراق تم في عمل المنظمة بالخارج.وقال عباس بحسب صحيفة “الانتباهة” الصادرة أمس الجمعة، إن عدداً من الملفات أسندت لعدد من المحامين الهولنديين توطئة لبدء الإجراءات القانونية أمام التحكيم الدولي “المحكمة الجنائية الدولية”.
وأضاف إن تحركات المنظمة دولياً تمضي في خطوات حثيثة لبدء تحقيق شامل من أجهزة عدلية خارج السودان على أن تتم المحاكمات داخل السودان، مبيناً أن المنظمة ستعلن تلك الخطوات للرأي العام في الفترة القادمة بجانب أن المنظمة التقت الوفد الأمريكي الذي زار البلاد في الأسبوع الماضي وأرسلت له رسائل أسر الشهداء التي تتعلق بإصلاح المنظومة القضائية والعدلية ومنظومة الدفاع و الأمن.وأشار عباس إلى مراقبة المنظمة للمنظومة القضائية والعدلية بالبلاد خاصة مع ظاهرة اختفاء ملفات الشهداء من النيابة العامة ومكاتبها المختلفة والمرتبطة بموعد تعيين نائب عام جديد كل مرة -على حد وصفه-.بيد أن مراقبين يرجحون بان البيئة الظرفية الآن ما بعد الخامس والعشرين من اكتوبر من الصعب أن تتمكن أي لجنة دولية من العمل بالقدر المطلوب سيما بأن الوقائع كلها جرت في المركز الخرطوم بينما كان الوضع في دارفور رغم تعقيداته مكنت المحكمة الجنائية من جلب معلومات ثرة عن الانتهاكات بسبب أن بعض الضحايا نزحوا إلى مناطق خارج السودان أو أماكن حدودية كما إن وجود المنظمات الحقوقية والانسانية ربما كان لها ضلع وافر في عملية جمع الإفادات من الضحايا وشهود عيان .
ربما كان توفر الدعم الدولي لسير القضية تجاه المحكمة الدولية قد يكون وارداً من بعض الدول الأوروبية كفرنسا والنرويج وربما بريطانيا والمانيا غير أن الولايات المتحدة التي لا تعترف بالمحكمة الدولية فإنها ربما لا تتدخل في تلك القضية سيما في ظل الظروف الحالية التي تعايشها البلاد التي تشهد تظاهرات شبابية مستمرة ضد حكومة الإنقلاب بإعتبار إنها ما زالت متمسكة بشراكة بين المدنيين والعسكريين وتريد أن تهيئ بيئة ظرفية لتحقيق هذا الغرض لكنها إذا ما فقدت الأمل في احداث تنازلات من القادة العسكريين بحسب رؤيتها لحل الأزمة واستمرت بالمقابل سياسة استمرار العنف المفرط تجاه المتظاهرين السلميين وحدوث اعمال قتل واعتقالات فإنها ربما تدفع بحلفائها الأوربيين بالدفع تجاه المحكمة الدولية من وراء ستار.تجدر الاشارة أن الاتحاد الافريقي سبق أن رفض تقديم دعم فني للجنة فض الاعتصام فيما يتعلق بفحص شرائط الفيديو التي تم تصويرها عن فض الاعتصام مما يجعله خارج دائرة الفعل تجاه تلك القضية .لكن يرى المراقبون انه مهما كانت التعقيدات والمطبات فإن قضية فض الاعتصام وغيرها من حوادث القتل ستجد يوماً ما طريقها للعدالة هكذا يقول مكنزم التاريخ وشرع السماء .