كيف تتلاعب (رويترز) بالرأي العام السوداني؟

يوم 17 أكتوبر 2022 نشر موقع بلومبيرغ تقريرا عن المحادثات الغير مباشرة بين الجيش والمجلس المركزي للحرية والتغيير ، جاء في نهايته الفقرة الآتية :
The pact would provide some form of independence and immunity from prosecution for the military, concessions that would roll back commitments made in a constitutional document written after Bashir’s fall .
وترجمتها :
سيوفر الاتفاق شكلاً من أشكال الاستقلال والحصانة من الملاحقة القضائية للجيش ، وهي تنازلات من شأنها أن تلغي الالتزامات التي تم التعهد بها في وثيقة دستورية كُتبت بعد سقوط البشير.
أعد التقرير سايمون مارك محرر شرق افريقيا بموقع بلومبيرغ ، والصحفي السوداني محمد الأمين مراسل راديو صوت أمريكا وأحد محرري موقع بلومبيرغ .

والفقرة الأخيرة ليست معلومات أو (نقلا عن مصادر) وإنما هي تحليل لمستقبل وضعية العسكريين في التسوية الجديدة بحيث توفر لهم مواقعهم في السلطة المقبلة حصانة إجرائية مؤقتة .
يوم 22 أكتوبر أعادت صحيفة الجريدة نشر ملخص لتقرير بلومبيرغ بواسطة الصحفي حمدي صلاح الدين ، وكان تقرير الجريدة بعنوان (أبرزها حصانة العسكر من الملاحقة القضائية .. بلومبيرغ تثير الشارع وتكشف تفاصيل التسوية) .

لتأتي وكالة رويترز بعد 18 يوما لتعيد نفس تقرير وكالة بلومبيرغ، وتسنده لمصادر (معماة) منها ثلاث مصادر في بداية التقرير ومصدرين من قوى الحرية والتغيير أكدا أنه (جرى التوصل لتفاهم مع الائتلاف لعدم ملاحقة كبار ضباط الجيش قضائيا، لكنهما أضافا أن المشاورات ستستمر على نطاق أوسع بشأن موضوعات الحصانة والعدالة الانتقالية) ..

ومع تأكيد وكالتي بلومبيرغ ورويترز على أنه لم يعقب أي من متحدثي الجيش ولا الحرية والتغيير على أي من الإدعاءات المسندة لكليهما ، إلا أن الحملة تندرج تحت إطار إصطناع ورقة تفاوضية جديدة للضغط على المؤسسة العسكرية ، ومن المفهوم أن تحجم الحرية والتغيير عن التعليق على هذه النقطة فهي لا زالت تنكر كثير من المجريات التي تحيط بمحادثاتها مع المكون العسكري ، لكن غير المفهوم هو التقديرات الإعلامية والسياسية التي تجعل الناطق الرسمي للقوات المسلحة يحجم عن الرد علي تلك الإدعاءات ونفي هذه النقطة بالذات والتي يعتبر النقاش حولها إدانة للمؤسسة العسكرية بأكملها لا قادتها وكبار ضباطها فقط .
ثم السؤال :
لصالح من تتلاعب وكالة رويترز بالرأي العام السوداني ، وكيف تغامر الوكالة بتاريخها الممتد لمائتي عام من المهنية والحياد والشفافية لتنتج تقريراً مليئا بالثقوب موجها لتضليل الرأي العام يقدم كورقة تفاوضية لأحد طرفي الخلاف السياسي بالسودان؟

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.