لوَّح مهدداً بتجاوزه.. مناوي والمركز.. لمن الغلبة؟

0

يبدو ان ثمة أزمة جديدة تلوح في الأفق تزيد من تعقيدات حكومة الانتقال التي ناءت اكتافها عن رتل ما تواجه من مشكلات تكاد أن تعصف بها. فقبل أن تهدأ أزمة الشرق المستعرة وتلتقط الحكومة قفاز الحل، تجلس دارفور (الجريحة) القرفصاء في انتظار أزمة مرتقبة، وذلك من واقع تهديدات حاكمها مناوي الذي لوح مهدداً المركز بتجاوزه في قضية ملف الترتيبات الأمنية الذي ظل معلقاً لنحو العام، ما جعل الكثيرين غير متفائلين، لاعتبارات كثيرة في شخصية الرجل الذي لا يتحدث ــ وفق البعض ــ الا عقب استناده إلى مركز قوة معين، فضلاً عن ان عصا التلويح التي رفعها في وجه الحكومة لم ترفع من فراغ، فهل ينفذ مناوي تهديده سيما في ظل التعقيدات التي تواجه ملف الترتيبات الأمنية على رأسها التمويل؟ وهل العصا المشهرة في وجه المركز حقيقية أم أنها كرت ضغط ليس إلا؟ وكيف سيتعامل المركز مع حاكم الإقليم؟.ألمانيا.. علاقة الخصوصية
على من يتكئ مناوي؟ تساؤل رئيس يضاف إلى قائمة الأسئلة أعلاه، خاصة إذا ما وضعنا في الاعتبار الطريقة التي صاحبت كيفية تنصيبه على إقليم دارفور، سيما أنه قرار كان ينبغي أن تسبقه الكثير من الإجراءات المتعلقة بالمهام والإشراف والعزل وغيرها، لاعتبار أن إقليم دارفور ينضوي تحته عدد من الولايات، فضلاً عن أنه اقليم مأزوم وذو خصوصية محددة. وفيما اعتبر البعض القرار خطوة في طريق تنفيذ اتفاقية السلام، عد البعض الآخر تعيينه دون الاتفاق على شكل الاقليم، خطوة متعجلة نحو الوراء والسير في خطى النظام السابق باتخاذ القرارات من أفراد وليس من مؤسسات. وتلويح مناوي للمركز على الرغم من أنه الأول الا ان الرجل عرف عنه اتخاذه قرارات فردية، وذلك عندما قام بتعيين امين عام لحكومة الاقليم متجاوزاً الجبهة الثورية. وفي ما يبدو فإن ثمة خيوطاً متشابكة بين مناوي وألمانيا في علاقة ذات خصوصية، وهي بحسب مراقبين من دفعت إلى تعيينه حاكماً على إقليم دارفور عقب زيارته لها، بعد تذمره واعتراضه بمناسبة مرور ستة أشهر على توقيع اتفاقية سلام جوبا، على البطء الملازم لتنفيذ كثير من بنود الاتفاقية والتأخر في قيام مؤتمر الحكم الفيدرالي.في انتظار البقية
وفي حين تصوب الانتقادات نحو الحكومة لتماهيها مع الوضع الأمني المختل في البلاد وعدم الإسراع في تنفيذ الترتيبات الأمنية، أكد بالمقابل عضو لجنة الوساطة ضيو مطوك في تصريح سابق ان الحكومة اعتذرت عن إكمال ملف الترتيبات الأمنية وتكوين القوات المشتركة بسبب نقص الأموال، ليصبح السؤال حول كيفية إكمال هذا الملف، وبحسب مصادر فإن الحكومة في انتظار التوصل لاتفاق مع عبد العزيز الحلو وعبد الواحد محمد نور لإكمال عملية الدمج بصورة موحدة، ولكن تعقيدات الموقف جعلتها تعتذر للوساطة وللجميع بنقص المال. ويبقى الشاهد في الأمر خطوة المركز حيال تهديدات مناوي، فهل ستعجل بإكمال الملف؟ وبسب المحلل السياسي نصر الدين بابكر فإن المركز لن يترك تلويح حاكم الإقليم دون وضع اعتبار له، مؤكداً في حديثه أن الحكومة الآن تسعى جاهدة لإخماد اية شرارة أو أي شيء من هذا القبيل، وهو ما دفعها إلى إكمال عملية السلام المعقدة.
لمن الغلبة؟

وأثار تعيين قائد حركة تحرير السودان مني اركوي مناوي حاكماً لإقليم دارفور جدلاً واسعاً، ولعل من ضمن عناصر المفاجأة وقتها كان فى عودة دارفور بولاياتها الخمس الى اقليم دون بقية مناطق البلاد ودون تبلور قانون الحكم الإقليمي، ولكن تعيين (مناوى) بحسب القرار الذى اصدره رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وقتها والذي أتى عملاً بأحكام الوثيقة الدستورية لسنة (٢٠١٩)م، وبناءً على اتفاق جوبا للسلام، هو ما جعل الدهشة تصبح منخفضة تدريجياً لتكون أمراً واقعياً، بعد التعمق فى قراءة القرار باعتبار أن اتفاقية جوبا نصت على العودة لنظام الحكم الفيدرالي فى البلاد القائم على (٨) أقاليم بدلاً من (١٨) ولاية، لكن ستبقى دارفور كتجربة اقليم تحت نظر المراقبين. ويظل السؤال قائماً حول الغلبة لمن تكون؟ وطبقاً للمحلل نصر الدين فإن الغلبة ربما تكون لمناوي، لكن لا يجب قراءتها من واقع الغلبة وإنما من واقع الحكمة التي ستتبعها الحكومة في مثل تلك المواقف. ويرى في حديثه أن الحكومة وسيما المكون العسكري أكثر حرصاً على ملف السلام لأنهم يعلمون ضريبة الحرب.
بسط السلام
ويؤكد بالمقابل استاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين مصعب محمد علي في حديثه أن مستوى الحكم بدارفور بعد إعلانها اقليماً واحداً، خطوة يمكن أن تعزز الاستقرار السياسي إذا ما تم إشراك كل القوى السياسية والاجتماعية في الحكم، منوهاً فى ذات الوقت بأن مستقبل إقليم دارفور يظل مرهوناً بامكانية .تحقيق التعايش السلمي، لكن التحدي يبقى قائماً بسبب الصراعات وتعدد القوى المسلحة في الإقليم، ويجب أن يتم ذلك بترتيبات امنية ومحاولة تحول الحركات المسلحة لمنظمات مدنية وسياسية، وبالتالي تحول في الأدوار من عقلية صراع ونزاع الى عقلية بناء وإعمار.
وفي ذات السياق يرى مراقبون أن مناوي يسعى جاهداً لفرض السلام في إقليمه الذي لن يتأتى الا بإكمال ملف الترتيبات الأمنية، وعلى حكومة المركز الوقوف إلى جانبه بأبسط التكاليف. وفي الوقت نفسه أكد خبراء عسكريون أن عملية الدمج تتم وفق معايير محددة تتعلق بالتعليم وإعادة التأهيل واللياقة البدنية والصحة، وان طريقة استيعابهم لن تكون أمراً هيناً.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.