مجلة بريطانية : مستقبل مظلم للدول المنتجة للنفط في العالم العربي

لحق حقول إنتاج النفط في المملكة العربية السعودية \ The National
0

يبدو أن نهاية عصر النفط في العالم العربي باتت وشيكة نظرًا للاضطرابات الاقتصادية التي يعيشها العالم في الوقت الراهن، وسيشعر الجميع في المنطقة بألم هذا التحول قريبًا.

هذا ما ورد في تقرير لمجلة ذي إيكونومست البريطانية التي ذكرت أن مسار الارتفاع في ميزانيات الدول العربية المعتمدة على النفط قد توقف، حيث تحتاج الجزائر مثلا أن يرتفع سعر خام برنت (وهو مؤشر دولي للنفط) إلى 157 دولارا للبرميل، بينما تحتاج سلطنة عمان أن يبلغ سعره 87 دولارا، ولا تستطيع أي دولة عربية منتجة للنفط -باستثناء قطر- التحكم في ميزانياتها بسعر البيع الحالي البالغ حوالي 40 دولارا للبرميل.

خطوات جذرية

وجاءت أزمة وباء كورونا لتزيد الأمر تعقيدا، حيث انخفضت أسعار النفط إلى معدلات قياسية، مما اضطر الدول العربية إلى اتخاذ خطوات جذرية، فقد أعلنت الحكومة الجزائرية في مايو الماضي أنها ستخفض الإنفاق إلى النصف.

بينما يعتزم العراق -أحد أكبر منتجي النفط في العالم- تخفيض الرواتب الحكومية، وتكافح سلطنة عُمان للحصول على قروض بعد أن خفضت وكالات التصنيف الائتماني تصنيفها السيادي وغيّرت نظرتها إليها من مستقرة إلى سلبية، كما قد يصل العجز في الكويت إلى 40% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أعلى مستوى في العالم.

الأكثر تضررًا

ونقل موقع (الجزيرة نت) عن المجلة البريطانية تأكيداتها بأن ابتعاد اقتصادات العالم أكثر فأكثر عن الوقود الأحفوري، وتضخم العرض وتزايد القدرة التنافسية لمصادر الطاقة النظيفة، تؤشر على أن النفط سيظل رخيصا في المستقبل المنظور.

وتضيف أن الاضطراب الحالي في أسواق النفط ليس مجرد سحابة عابرة بل هو مؤشر على ما سيكون عليه المستقبل، حيث دخل العالم مرحلة جديدة تتسم بانخفاض الأسعار، ستكون دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الأكثر تضررًا منها.

فقد كانت التوقعات هذه السنة ترجّح أن تجني دول العالم العربي حوالي 300 مليار دولار من مبيعات النفط، وهو مبلغ لا يكفي لتغطية نفقاتها، لكن منذ مارس الماضي انقلبت الأمور رأسًا على عقب، وباتت حكومات عربية مضطرة لتخفيض النفقات وزيادة الضرائب والاقتراض، واستنزف كثير منها -وفي مقدمتها السعودية- احتياطاتها النقدية التي كانت موجهة لتمويل الإصلاحات.

النفط يقلب العقد الاجتماعي

وأكدت المجلة أن تأثيرات الأزمة الحالية ستمتد أيضا إلى دول العالم العربي المجاورة غير المنتجة للنفط، والتي اعتمدت منذ فترة طويلة على جاراتها لتشغيل مواطنيها، وبلغت قيمة التحويلات إلى بعض منها حوالي 10% من ناتجها المحلي الإجمالي.

وضربت مثالا بكل من لبنان الذي زادت أزمة انخفاض أسعار النفط بالخليج من حدة الأزمة الاقتصادية التي يمر بها، بينما ستتسبب الأزمة في كل من مصر والأردن -اللتين يعمل حوالي 3% و5% (بالترتيب) من رعاياهما في دول خليجية- في تراجع ملحوظ لقيمة التحويلات.

كما ستؤدي الأزمة -وفق المجلة- إلى قلب العقد الاجتماعي في الدول التي طالما اعتمدت على الهجرة لتصدير أزمة البطالة لديها، حيث يتخرج مثلا في لبنان 35 ألف طالب جامعي سنويا، يوظف الاقتصاد المحلي 5 آلاف فقط منهم، بينما يضطر معظمهم للبحث عن عمل في الخارج، وتحديدا في الخليج.

نهاية عصر النفط

وترى المجلة أن انخفاض عائدات النفط في الدول العربية قد يدفعها لتبني نموذج من الشراكة مع بكين، مما سيزيد علاقاتها مع واشنطن تعقيدا.

وتختم بأن شباب المنطقة باتت لديهم نفس المخاوف جراء الأزمة الاقتصادية الحالية -أي الهجرة بحثا عن حلول- فمصر تبدو وكأنها دولة تنهار بفعل ثقلها، والأردن يعيش أزمة اقتصادية دائمة، بينما يستمر مسلسل الإحباطات في تونس رغم كونها منطلق ثورة امتدت شرارتها لكل المنطقة. والأكيد أن “نهاية عصر النفط” يمكن أن تجلب معها التغيير، لكنها ستجلب الألم أولا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.