مركزي قوى التغيير يكشف ملامح الإعلان الدستوري المرتقب

كشف الناطق الرسمي باسم “قوى الحرية والتغيير” في السودان شهاب إبراهيم لـ”الشرق”، الثلاثاء، أنَّ الإعلان الدستوري المرتقب للبلاد يتضمن فترة انتقالية بين 18 إلى 24 شهراً، وأن اجتماعاً سيعقد السبت المقبل لمناقشة الإعلان، وذلك في وقت رحبت فيه قوى سياسية بإبداء نائب رئيس المجلس السيادي محمد حمدان دقلو عزم القوات المسلحة الانسحاب من السلطة.

وتعتزم “الحرية والتغيير” تقديم مسودة الإعلان الدستوري إلى “قوى الثورة” للتشاور بشأنه، أملاً في إخراج البلاد من الأزمة السياسية.

ووفقاً للمتحدث، يغطي الإعلان الدستوري الجديد “شكل الدولة السودانية، وهياكلها، ومستويات، وصلاحيات الحكم”.

وأوضح أنَّ الإعلان الدستوري “يؤكد على تشكيل مجلس تشريعي، ويحدد عدد الأعضاء، كما أنه يحدد موعد الانتخابات المرتقبة”.

ترتيبات جديدة
وكان القيادي البارز في “قوى الحرية والتغيير” محمد الفكي سليمان كشف السبت أنه سيتم الإعلان عن ترتيبات دستورية ورئيس وزراء مدني خلال أسبوعين، مشيراً في مقابلة مع صحيفة “سودان تربيون” إلى أن رئيس الوزراء سيمنح صلاحيات واسعة لتشكيل حكومته دون أن يُفرض عليه أي شخص، شريطة أن يجري الأمر بالتشاور مع “قوى الثورة”.

وأوضح الفكي أن القوى المعنية بهذا التعيين هي “الحرية والتغيير والحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام ولجان المقاومة وكيانات مدنية أخرى”، وأنها تنظر الآن في عدة ترشيحات لاختيار أحدهم رئيساً للوزراء.

وأشار إلى أن رئيس الوزراء سيكون مسؤولاً أمام البرلمان الانتقالي عن أداء الجهاز التنفيذي، متوقعاً إلغاء مجلس السيادة في الإعلان الدستوري الجديد.

وأكد رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان حرصه على إكمال عملية التحول الديمقراطي بالبلاد، وصولا إلى انتخابات حرة ونزيهة، وذلك خلال لقائه، الثلاثاء، في الخرطوم السفيرة الفرنسية لدى السودان رجاء ربيعة

ترحيب بتصريحات حميدتي
إلى ذلك، رحب سياسيون سودانيون بتصريحات نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي” التي أقر فيها بـ”فشل التحرك العسكري”، الذي وُصف بـ”الانقلاب” في أكتوبر 2021، إذ اعتبر عدد من السياسيين تلك التصريحات “إيجابية”.

أشار الأمين العام لـ”حزب الأمة القومي” الواثق البرير إلى أن تصريحات حميدتي تحمل إشارات إيجابية؛ “تحتاج إلى تأكيدات على أرض الواقع من أجل إيجاد مخرج للوطن من الأزمة الراهنة”.

وأضاف في تصريحات أن الحديث عن “فشل المكون العسكري والعمل على قيام مؤسسات مدنية مع الالتزام بتكوين جيش واحد”، يصب في مصلحة الانتقال المدني والتحول الديمقراطي بالبلاد.

وفي ذات السياق، قال الناطق باسم “التحالف الوطني السوداني” شهاب الدين إبراهيم إن تصريحات حميدتي تُقرأ في إطار “التنافس بين مراكز القوى المسلحة، ورغبتها في احتكار أي شكل لحل الأزمة”، واصفاً ذلك بـ”وضع خطير على أي عملية سياسية لحل الأزمة التي انتجها الانقلاب بنفسه”، وفق تعبيره.

وأضاف إبراهيم أنه لا يمكن بناء “أي خارطة طريق مع وجود أي من أعضاء المكون العسكري في أي مستوى من مستويات السلطة، أو أن تبنى على صيغة من صيغ الشراكة”.

وأعرب عن اعتقاده أنه “حتى قادة الجيش أصبحوا الآن أكثر قناعة بأن دورهم ينحصر في المرحلة القادمة في الانخراط في توحيد الجيوش المتعددة في الدولة، ليكون جيشاً مهنياً محترفاً لا يشارك ولا يبحث في التأثير على العملية السياسية”.

“نقد ذاتي”
من جهة أخرى، قال الخبير العسكري أمين إسماعيل مجذوب لـ”الشرق” إن التصريحات التي أدلى بها نائب رئيس المجلس السيادي؛ “تحمل الكثير من النقد الذاتي للتجربة السابقة”.

وأشار مجذوب إلى أن خروج المكون العسكري من الحوار والعملية السياسية سيعمل على “ردم الهوة بين المكون العسكري والشعب السوداني، لأن هناك قوة كبيرة من الشارع ترفض وجود العسكريين والقوات النظامية في العملية السياسية”.

وأكد أن دور القوات النظامية سيكون “إشرافياً يتعلق بتنفيذ السياسة الأمنية وحماية الدولة، بالإضافة إلى تنفيذ الوثيقة الدستورية أو التعديلات الدستورية الجديدة المرتقبة”.

بدوره، قال الخبير الأمني والاستراتيجي الرشيد إبراهيم لـ”الشرق” إن تصريحات حميدتي تشير إلى أن هنالك تبايناً واختلافاً بشأن منهج إدارة البلاد وبالتحديد مع القوى السياسية المعارضة.

ويرى الخبير الأمني أن قضية انسحاب الجيش من المشهد السياسي والعملية السياسية “عملية جادة ومتفق بشأنها”.

وأوضح أن “هناك فرضيتين في المرحلة القادمة، أن المكون العسكري يضع في حسبانه أن القوى المدنية لن تتمكن من تكوين حكومة انتقالية أو مدينة، ولن تتوافق القوى السياسية، ما سيؤدي بالأمور إلى تشكيل المكون العسكري حكومة منفردة لإجراء انتخابات تحت رقابة المجتمع الدولي والإقليمي”.

أما الفرضية الثانية، فهي “أن يحدث تلاقي بين القوى المدنية والعسكرية، ويتم تشكيل حكومة انتقالية، وحينها سيلعب الجيش دور المراقب، ويلتزم بقضية الأمن والدفاع، وفقاً لقانون القوات المسلحة السودانية”.

الانسحاب من السياسة
وكان “حميدتي” قال في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” بثت الاثنين: “لم ننجح في التغيير لأسباب لن أتحدث عنها.. وعندما تفكر في تغيير فمؤكد أن لديك هدف ورؤية.. لكن للأسف الشديد لم يتم ما كان مخططاً له وفشل الأمر.. والآن مضينا للأسوأ على الرغم من وجود بعض الإيجابيات”.

وأكد قائد قوات الدعم السريع التزام الجيش السوداني بالانسحاب من التفاوض مع القوى السياسية، قائلاً: “التزامنا صادق وحقيقي بالخروج من السياسة بعد أن رجحنا مصلحة الوطن والاستقرار.. نمضي للسنة الثالثة والنتيجة صفر.. والآن ننفذ رأي الشارع السوداني المطالب بخروج الجيش والقوات النظامية من المشهد السياسي وإذا كان الأمر سيسهم في استقرار البلاد نحن ملتزمين”.

من جهته، أعلن البرهان أيضاً في 4 يوليو الماضي، عدم مشاركة المؤسسة العسكرية في المفاوضات التي تسهلها الآلية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي ومنظمة “الإيقاد”، مشيراً إلى أن الهدف من تلك الخطوة “إفساح المجال للقوى السودانية من الجلوس لتشكيل حكومة من الكفاءات الوطنية”.

وأكد أن “القوات المسلحة ستلتزم بمخرجات الحوار”، لافتاً إلى أنه وبعد تشكيل الحكومة التنفيذية “سيتم حل مجلس السيادة وتشكيل مجلس أعلى للقوات المسلحة من القوات المسلحة والدعم السريع”، مشيراً إلى أنه “سيتولى القيادة العليا للقوات النظامية”، ويكون “مسؤولاً عن مهام الأمن والدفاع وما يتعلق بها من مسؤوليات تستكمل مهامـه بالإتفـاق مع الحكومة التي يتم تشكيلها”.

وكان قائد الجيش عبدالفتاح البرهان قد أطاح في أكتوبر الماضي بالشركاء المدنيين في السلطة الانتقالية، والتي قال إنها “إجراءات تصحيحية”، لكن العديد من القوى السياسية رفضت ذلك ووصفته بالانقلاب العسكري، ومنذ ذلك الوقت يشهد السودان احتجاجات تدعو إليها لجان المقاومة، التي تطالب بإبعاد الجيش عن الحكم، وأدى قمع القوات الأمنية للمظاهرات إلى سقوط 116 متظاهراً، وفقاً لإحصاءات تصدرها لجان طبية مستقلة.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.