مع قرب الملء الثاني لبحيرة النهضة.. ما هي مخاوف وخيارات السودان؟

مع قرب الملء الثاني لبحيرة النهضة.. ما هي مخاوف وخيارات السودان؟
0

أسئلة عدة تطرح في السودان حول الآثار والتداعيات التي قد تترتب على الخطوة، والكيفية التي يمكن للسودان أن يعمل من خلالها على إدارة الأزمة, وذلك مع اقتراب موعد الملء الثاني لبحيرة سد النهضة الإثيوبي في يونيو المقبل بمقدار 13.5 مليار متر مكعب،

حيث بات جل التركيز يصب حول غياب آلية تنسيق البيانات التي تعتبر مسألة جوهرية بالنسبة للسودان، في ظل وقوع سد “الروصيرص”، أحد أهم مصادر الري والتوليد الكهربائي في السودان على بعد أقل من 100 كيلومتر فقط من موقع السد الإثيوبي الذي تبلغ سعته التخزينية 74 مليار متر مكعب، أي 10 أضعاف سعة سد “الروصيرص” السوداني.

والسبت، أعرب مسؤولون في وزارة الطاقة السودانية، تخوفهم من تأثر الإمداد الكهربائي بالاحتياطات التي أعلنت وزارة الري السودانية اتخاذها لتفادي أي أضرار محتملة على القطاع الزراعي، من جراء مضي إثيوبيا قدما في الملء الثاني لبحيرة سد النهضة دون اتفاق على آلية محكمة تضمن تنسيق البيانات بشكل يومي بين البلدين.

حيث تشمل إجراءات الاحتياط حجز كميات من المياه لضمان الاستفادة منها في مد المشاريع المعتمدة على الري الانسيابي، في حال نقص المخزون السوداني متأثرا بكميات المياه التي تعتزم إثيوبيا تخزينها في بحيرة السد ، خلال فصل الخريف.

كما ويشهد السودان في الوقت الحالي عجزا كبيرا في الإمداد الكهربائي يقدر بأكثر من 60 في المئة، حيث تعيش العديد من المناطق السكنية والصناعية والخدمية بلا كهرباء لمدد تصل إلى 12 ساعة في اليوم.

تركيز التفاوض على “آلية التنسيق”

وفي نفس الصدد ، أكد وزير الري الأسبق، عثمان التوم، أن الحجز الاضطراري للمياه في سد الروصيرص بداية من يونيو المقبل، كإجراء احتياط للآثار التي يمكن أن تترتب على الملء الثاني لسد النهضة في الشهر نفسه دون تنسيق البيانات، سيؤدي إلى خفض التوليد الكهربائي المائي، مما يؤثر على الإمداد العام في البلاد.

وحسب قول التوم فإن غياب المعلومات من الجانب الإثيوبي سيضر بالسودان، ولذلك لا بد من تركيز المفاوض السوداني على آلية التنسيق، إضافة إلى الجوانب القانونية والفنية الأخرى التي تضمن عدم تضرر السدود السودانية.

ومن الناحية الثانية يرى خبراء أن المشكلات والمخاوف المتعلقة بالموقف السوداني يمكن معالجتها من خلال انتهاج موقف تفاوضي يبنى على الفهم الصحيح لمجمل الأزمة.

ووفقا لخبير السدود، صادق شرفي، فإن الموقف التفاوضي الحالي لإثيوبيا لا ينفصل عن طموحاتها التاريخية التي تعود لأكثر من 55 عاما والمبنية على محاولة التأقلم مع طبيعتها الجغرافية الصعبة، حيث تقع معظم المياه والأراضي الإثيوبية على مناطق أخدودية عميقة لا تسمح لها بممارسة الزراعة بشكل واسع، لكن تمكنها من توليد الكهرباء من خلال إقامة عدد من السدود على النيل الأزرق.

ونظرا لوقوعها في مناطق أخاديد مائية، تواجه إثيوبيا أزمة حقيقية في الحصول على المياه الكافية لري مشروعاتها الزراعية والقضاء على الفجوة الغذائية الكبيرة التي يواجهها سكانها، البالغ تعدادهم نحو 110 مليون نسمة.

كما تطمح إثيوبيا في الجانب الآخر إلى تنفيذ خطة تاريخية وضعتها عام 1964 أي بعد سنوات قليلة من البدء في بناء السد العالي في مصر، تتضمن بناء ثلاثة سدود جنوبي الموقع الحالي لسد النهضة.

ويرى شرفي نظرا لاختلاف طبيعة الأضرار والفوائد بالنسبة لدولتي المصب السودان ومصر، أنه ليس من مصلحة إثيوبيا التمترس في مواقف تفاوضية تجعل من سد النهضة نقمة على السودانيين، مما يستوجب منها الوصول إلى صيغ تفاهمية تضمن وجود آلية تنسيق مشتركة مع الجانب السوداني حول الجوانب التشغيلية لسد النهضة القريب من سد الروصيرص السوداني، وهو ما يجعل المخاوف السودانية مبررة جدا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.