أبرز السيناريوهات المتوقعة في إسرائيل بعد فشل نتنياهو بتشكيل الحكومة

0

لم تُسفر الانتخابات الماضية، التي أُجريت في 23 مارس/آذار الماضي، عن فوز حزب الليكود بزعامة نتنياهو بعدد كافٍ من المقاعد في الكنيست لتشكيل حكومة.

وكانت تلك الانتخابات هي الرابعة على التوالي خلال أقل من عامين، إذ ينص الدستور في إسرائيل، على أن يتم تكليف رئيس الحزب الحاصل على أكبر عدد من المقاعد بتشكيل الحكومة وتكون المهلة هي 28 يوماً، وفي حالة الفشل يعود القرار لرئيس الدولة الذي يكلف رئيس الحزب الحاصل على المركز الثاني أو الثالث، أو أي من رؤساء الأحزاب الحاصلة على مقاعد في الكنيست.

وفي حالة الفشل يعيد الرئيس الأمر إلى الكنيست ويمهله 21 يوماً لاختيار رئيس للحكومة، وفي حالة استمرار الفشل يتم العودة إلى صناديق الانتخابات، وهذا السيناريو تكرّر أربع مرات بالفعل، ويبدو الآن في طريقه للتكرار خامساً.

ماذا يحدث الآن في إسرائيل؟

بعد أن أبلغ نتنياهو الرئيس ريئوفين ريفلين مساء أمس الثلاثاء -موعد انتهاء المهلة الممنوحة لنتنياهو لتشكيل الحكومة- فشله في مهمته، طلب اليوم الأربعاء المنافسان الرئيسيان لنتنياهو من الرئيس منحهما فرصة لمحاولة تشكيل حكومة، وهما يائير لابيد الذي حل حزبه (هناك مستقبل) المنتمي لتيار الوسط في المركز الثاني، وجرى مناقشة اتفاق تقاسم سلطة على نطاق واسع، يتبادل لابيد بموجبه تولي المنصب مع السياسي القومي نفتالي بينيت (49 عاماً) زعيم حزب يامينا، وهو السياسي الثاني الذي قابله الرئيس.

واجتمع ريفلين مع لابيد وبينيت على نحو منفصل، وقال متحدث باسم الرئيس إن كليهما طرح اسمه لقيادة محادثات ائتلاف، وأضاف المتحدث أن ريفلين قد يجتمع أيضاً مع زعماء أحزاب آخرين خلال اليوم إذا طلبوا لقاءه، بحسب تقرير لرويترز.

ويمكن للرئيس الآن تكليف لابيد أو بينيت أو شخصية أخرى بتشكيل الحكومة أو تمديد المهلة الممنوحة لنتنياهو لأسبوعين إضافيين، وأمام الرئيس مهلة 3 أيام ليتخذ قراره الذي ربما يكون أيضاً منح المهمة للكنيست مباشرة.

ويرجع السبب الرئيسي في حالة الجمود السياسي التي تواجهها إسرائيل منذ عام 2019 إلى تشبث نتنياهو بمنصب رئيس الوزراء الذي يحميه من الإدانة في محاكمة الجارية حالياً باتهامات الرشوة وخيانة الأمانة واستغلال النفوذ.

ما السيناريوهات المتوقعة الآن؟

ورغم أن الاحتمالات جميعاً لا تزال متاحة، إذ يمكن أن يمدد الرئيس المهلة الممنوحة لنتنياهو لمدة أسبوعين آخرين، لكن تظل فرصة النجاح في تشكيل الحكومة على حالها بالنسبة لنتنياهو، في ظل عدم وجود مؤشرات على تغيير كبير في المعطيات الحالية.

وبحسب تقرير لصحيفة The Telegraph البريطانية، توجد الآن أربعة سيناريوهات تواجهها إسرائيل، لم يكن فشل نتنياهو هو القشة التي قصمت ظهر البعير للزعيم المُحَاصر، الذي قد يتمكن من الاستمرار في السلطة إذا تمكن من كسب المزيد من المؤيدين في الأيام المقبلة وأقنع الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين بتمديد المهلة.

فنتنياهو يمتلك حنكة البقاء وقد يكون ما زال في جعبته مزيد من الأوراق، وهذا ما عبرت عنه المعلقة السياسية سيما كادمون في صحيفة يديعوت أحرونوت بقولها: “هذا اليوم لمن لديهم أعصاب قوية… كالعادة، لا أحد يعرف الخدعة التي ينوي نتنياهو إخراجها من قبعته في اللحظة الأخيرة”.

ولكن بعيداً عن تمديد المهلة، ومن ثم نجاح نتنياهو في تشكيل الحكومة، قد تكون الأسابيع القليلة المقبلة حافلة للتحالف المناهض لنتنياهو بقيادة لابيد، إذ تقول تقارير إعلامية إسرائيلية إن ريفلين يستعد لمنح لابيد الفرصة المقبلة لتشكيل حكومة في غضون 28 يوماً، حيث جاء حزبه في المرتبة الثانية بعد الليكود.

غير أن هذا لن يكون سهلاً، لأن الكتلة التي يقودها لابيد لا تملك حالياً أغلبية 61 مقعداً، وسيتعين عليها توحيد الأصوات في الأطياف السياسية ضد الليكود، وهو ما فشلت في فعله بعد الانتخابات الثلاثة السابقة، بحسب تقرير الصحيفة البريطانية.

وقد يحوّل لابيد انتباهه إلى بِينيت، ورغم إعراب الأخير عن تفضيله لحكومة بقيادة نتنياهو، فإنه كان قد صرح بأنه مستعد لتغيير رأيه إن كان ذلك هو الطريق الوحيد لتلافي إجراء انتخابات خامسة، وأكد بينيت أيضاً أنه سيقدم دائماً استقرار البلاد على مصالح حزبه، وهو ما قد يفضي به إلى التحالف مع لابيد.

الخيار الثاني أن ينجح نتنياهو

وقد يقول نتنياهو، رغم ما تظهر عليه الأمور، إنه قريب من تشكيل حكومة، وإن كل ما يحتاجه مزيداً من الوقت، فبحسب موقع Walla! الإخباري الإسرائيلي، يفكر زعيم الليكود في هذا الخيار رغم أنه ليس واضحاً كيف سيحرز أي تقدم إذا مُنح هذا التمديد.

لكن مكتب نتنياهو نفى هذا التقرير، وفي وقت متأخر من مساء الثلاثاء، 4 مايو/أيار، أشارت تقارير إلى أن الليكود لن يسعى إلى التمديد. ومن الناحية النظرية، قد يتمكن نتنياهو من تأمين أغلبية إذا تمكن من إقناع حزب الصهيونية الدينية اليميني المتطرف وحزب الحركة الإسلامية الجنوبية راعم بدعمه.

لكن كلاهما استبعد بالفعل هذا السيناريو، ما يشير إلى أنه في حالة حصول نتنياهو على تمديد فلن يفيده بشيء سوى تأجيل المحتوم.

وفي هذا السياق، قالت أوريت ستروك، النائبة عن الحزب في الكنيست التي تعيش في مستوطنة في الخليل بالضفة الغربية المحتلة، لراديو الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، إن الجلوس مع الحركة الإسلامية الجنوبية “سيجلب حصان طروادة إلى حكومة إسرائيل” ويعني “نهاية الصهيونية”.

سيناريو العودة للبرلمان ومن ثم انتخابات خامسة

في حالة عجز مرشح ريفلين المقبل عن الحصول على أغلبية، عندها يمكن ترك القرار للبرلمان الإسرائيلي (الكنيست)، وسيُمهَل الكنيست ثلاثة أسابيع ليقرر بنفسه من سيكون رئيس الوزراء المقبل.

لكن الحسابات البرلمانية ستظل على حالها، ولا نعرف كيف سيؤدي هذا الخيار إلى تغيير الوضع، وإذا فشل هذا الخيار فستتجه إسرائيل نحو ما قد يكون أسوأ سيناريو لناخبيها المرهَقين.

إذ في حالة استمرار غياب أي حل آخر لهذا المأزق، قد تضطر إسرائيل لإجراء انتخابات خامسة في غضون عامين ونصف فقط.

وستُجرى هذه الانتخابات على الأرجح أواخر الصيف أو الخريف، ما سيمنح الأطراف السياسية الرئيسية ذات الثقل الوقت الكافي للنظر في إعادة تشكيل التحالفات أو ربما حتى الانفصال لتشكيل أحزاب جديدة.

وهذا ما حدث قبل الانتخابات الماضية التي شهدت تشكيل السياسي السابق في حزب الليكود، جدعون ساعر، حركته اليمينية “الأمل الجديد”، التي كان أداؤها قوياً في استطلاعات الرأي في البداية.

على أن ساعر لم يتمكن من تأمين سوى ستة مقاعد في انتخابات مارس/آذار، في إشارة إلى أن الشعب الإسرائيلي لا يعتبره بديلاً يمينياً موثوقاً لنتنياهو. وقد يلقى ساسة آخرون يتسرعون في اندفاعهم نحو السلطة مصيراً مشابهاً.

وفي الأثناء، تستمر محاكمة نتنياهو بتهم فساد، رغم إنكاره الشديد لجميع التهم الموجهة إليه، ويظل منتقدوه مقتنعين بأن إبعاده عن السلطة هو الوسيلة الوحيدة لإعادة الاستقرار إلى المشهد السياسي الإسرائيلي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.