هل يعود قوش منتصراً أم منكسراً ؟ كتبها : م. محمد نور السموأل

في نهاية العام 2020 تواصلت مع السيد صلاح قوش عبر الهاتف وكان ذلك بعد نشري مقالي بعنوان ( السودان بعيون الشباب ) الحقيقه أن الرجل كان متمسكاً بقضايا الشباب وداعماً لها ، ومؤيداً للحراك الذي يحدث في الشارع ويري أن أبناء هذا الجيل أكثر وعياً وادراكاً من الجيل السابق ، حيث أنهم انتفضوا ضد الظلم والمحسوبية والجهوية التي كانت في أشد حالاتها بعد أحداث سبتمبر 2013 ، تلك الأحداث التي تسببت في حدوث فجوة كبيرة بين النظام الحاكم وبين الشباب الحر الذي بدأ يتمرد علي اساليب القمع والاستبداد ، ثم تبعتها أحداث العام 2016 التي لم تقل قساوة وقمعاً من سابقتها فكانت هذه هي شرارة التغيير ، والتي في رأيي أنها اشتعلت بسبب القرارت الخاطئة التي لم تراعي التغيرات الاجتماعية والفكرية التي حدثت لجيل التسعينيات وجيل الألفين ذلك الجيل الذي نشأ في عهد الأنقاذ مثل نشأة سيدنا يوسف في عهد فرعون .

ومن خلال حديثي مع هذا الرجل أدركت أنه زاهد في أي منصب سياسى وأنه يقدم المصلحة الوطنية علي المصلحة الشخصية ، وأنه قدم الكثير من التنازلات حينما اقتضي الأمر الانسحاب من المشهد ، وانه يتمني أن يتقدم الشباب الصفوف وأن يفرضوا ارادتهم الحرة في المشهد وأن يعملوا علي بناء بلادهم بالرؤية التي تتوافق مع أحلامهم وطموحاتهم ، وأنه لا يمانع من أن يكون مستشاراً للذي يحكم البلاد ولكن دون أن يكون له دور سيادي او تنفيذي فيها .

لا شك أن قوش سيعود للسودان عاجلاً أم أجلاً ، لكن عودته ترتبط بموقفه من الخارطة السياسية الحالية ، تلك الخارطة التي قد لا تتوافق مع التيار الاسلامي العريض ولا مع الاحزاب اليسارية التي ستجد نفسها خارج المشهد ، تلك التسوية التي تسوق لها أمريكيا وتدعمها الأمم المتحدة ، تلك التسوية التي ستعيد مقاليد الحكم لقحت التي لفظتها لجان المقاومة وحاربها الاسلاميين وتمرد عليها بعض عضويتها فانشقت وتشرذمت ، وبالرغم من ذلك استطاعت ان تعود بميثاق المحامين المستورد الذي تم تسويقه وترويجه والاتفاق مع العسكر عليه حتي صار أمراً مقضياً ينتظر الإعلان.

إن موقف قوش من التسوية هو الذي يحدد شكل عودته انتصار أم انكسار ، فالانتصار يكون بالاستمرار في تصحيح المسار الأول ذلك المسار الذي أخرجه من أرض السودان وحرمه من فرصه قيادة المشهد السياسي حتي أصبح زاهداً فيها ، أو أن يعود منكسراً متقبلاً لهذه الفرضيات التي ستكون بمثابة صدمة كبيرة بالنسبة لجمهوره الذي يترقب عودته من أجل الاصلاح وقيادة التغيير .

أو أن يعود منتصراً عبر تبني خارطة طريق جديدة يسلم بها العسكر وتدعمها المحاور الاقليمية ويتقبلها التيار اليساري والاسلامي ، حينها سيكون مضطراً لمواجهة عدد من التحديات ابرزها كراهية بعض الاسلاميين له وايضاً مواجهة اعداءه القدامي من السياسيين الذين كانوا داخل المعتقلات والذين كانوا سبباً في مغادرته بعد أن استلموا السلطة في السودان وايضاً اعداءه الاستراتيجيين من القادة العسكريين الذين يعتبرونه نداً ومنافساً لهم .

وفي إعتقادي أن عودة قوش في هذا التوقيت سيكون مرتبطاً بقبول التسوية او التماشي معها ولربما كانت هي الضامن الاساسي لعودته بدون أي ملاحقات قانونية محتمله وذلك وفق الاتفاقية المسربه للتسوية التي تضمن عدم ملاحقة القيادات العسكرية سياسياً .

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.