الفترات الانتقالية في السودان.. تباينات وتلاق..!

0

ثلاث فترات انتقالية مرت على السودان بعد استقلاله جاءت  بعد حكومات انقلابية تفاوتت في فترتها الزمنية كما تباينت في حصادها السياسي بحسب المراقبين ، لكن لعل العامل المشترك هو ان جميعها تخللتها عدة أزمات سياسية وأمنية ، كما أن بعضها كانت مدنية مثل حكومة سر الختم الخليفة والأخرى خليط بين المدنيين والعسكريين في كل من حكومة سوار الذهب والحكومة الحالية التي أعقبت ثورة ديسمبر 2019.لكن بالطبع هناك ثمة تلاق وتقاطعات بين تلك الحقب الانتقالية نحاول عبر هذه المساحة أن نعرض هذه المحاور باختصار .

الفترة الأولى

استولى الفريق إبراهيم عبود على السلطة في البلاد عقب انقلاب عسكري في الثامن من نوفمبر عام 1958 أطاح بالحكومة المدنية آنذاك  ،  واتفقت المصادر ان الانقلاب تم بتحريض من رئيس الوزراء عبد الله خليل ، الذي قيل إنه أقدم على هذه الخطوة خوفاً مما اعتبره خطراً يهدد استقلال البلاد في حال حدوث انقلاب وشيك مدعوم من الجارة مصر في ظل التيار الاتحادي الذي كان يدعو للوحدة مع مصر قبل وبعد الاستقلال في حين أن عبد الله خليل المنتمي لحزب الأمة كان من المنافحين عن الاستقلال والداعين لتقليل النفوذ المصري في السياسة السودانية وسيادة الحكم الوطني مع الاحتفاظ بعلاقات خاصة مع تلك الجارة ، وقالت مصادر إن عبدالله خليل أخطر عبود بأن يسلم السلطة مجدداً للمدنيين ، بيد أن عبود لم يلتزم بعهده واستمر في الحكم لمدة ست سنوات حتى أطيح بحكمه عبر ثورة أكتوبر الجماهيرية الشهيرة في الحادي والعشرين من أكتوبر عام   1964 والتي  سقط فيها عدد من الشهداء كان أولهم الطالب أحمد القرشي ، وقام الفريق عبود بحل الحكومة 

ثورة الأنصار

وصعّد حزب الأمة معارضته للحكومة وفي الرابع من فبراير حشد الحزب عدداً كبيراً من أنصاره جاءوا من أقاليم السودان المختلفة مطالبين بحل ما يسمونه بحكومة الشيوعيين وتكوين حكومة وطنية تعبر عن مصالح البلاد، بينما هدد أحمد المهدي باستخدام القوة في حال تعذر الحل السياسي ، ثم اصطف عبد الرحمن نقد الله سكرتير الحزب إلى خطاب التصعيد وهدد بجلب المزيد من الأنصار.

استقالة سر الختم الخليفة

وتكللت تلك الاحتجاجات بدفع رئيس الوزراء الانتقالي سر الختم الخليفة للاستقالة  في الثامن عشر من فبراير 1966 وحدث فراغ  دستوري في غياب الحكومة حيث لم تتكون إلا بعد ستة أيام (23 فبراير من نفس العام  ليعود  مرة أخرى سر الختم الخليفة رئيساً للوزراء ، وخلت الحكومة هذه المرة من الحزب الشيوعي وجبهة الهيئات وممثلي العمال والمزارعين و تركت أربع وزارات شاغرة ثلاث منها لحزب الشعب وواحدة للحزب الشيوعي ، ولم يلبث أن عاد الشيوعيون إلى الوزارة تحت لافتة التجمع الاشتراكي الديمقراطي والذي شمل حزب الشعب وجبهة الهيئات بجانب المزارعين والعمال ، وكان الشيوعيون يرفضون قيام الانتخابات في توقيتها فحين ترى بقية الاحزاب الأخرى ضرورة قيامها ، غير أن رئيس الوزاء سرالختم الخلفية يرى ان الوقت غير مناسب لقيامها بحجة الأوضاع الأمنية في جنوب البلاد وعدد النازحين منهم ،  وهو ما اثار غضب كل من حزب الأمة والوطني الاتحادي  وجبهة الميثاق الإسلامي ثم انضم إليها الحزب الاشتراكي الإسلامي والأخوان المسلمون وأعلنوا تصميمهم على قيام الانتخابات في موعدها ، بينما فشل رئيس الوزراء سر الختم الخليفة في إقناع الأحزاب الداعية لقيام الانتخابات بضرورة تأجيلها نسبة لضعف السجل الانتخابي بجنوب السودان بسسب الأوضاع هناك ، وعليه أصدر مجلس السيادة قراراً بتاريخ 7 أبريل بقيام الانتخابات في موعدها في 21 أبريل 1965 لقيام جمعية  تأسيسية. وبالفعل تم إجراؤها  وقاطعها حزب الشعب الديمقراطي وشارك فيها الحزب الشيوعي رغم معارضته لها .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.