المكون العسكري يستعجل الحوار المباشر مع القوى السياسية
أقر الاجتماع المشترك بين الآلية الأممية الأفريقية والقادة العسكريين في السودان، أمس، ضرورة الإسراع في الحوار المباشر مع الأطراف السودانية، والانتهاء منه في فترة زمنية محددة، للوصول إلى اتفاق يسمح بإدارة الفترة الانتقالية. وفي غضون ذلك تظاهر أمس آلاف السودانيين على مقربة من القصر الرئاسي بالخرطوم للتعبير عن رفضهم سيطرة الجيش على السلطة، والمطالبة بعودة مسار الانتقال المدني.
وقال مجلس السيادة الانتقالي في بيان، أمس، إن الآلية الثلاثية التي تضم الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة (إيقاد)، ناقشت مع القادة العسكريين، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وشمس الدين كباشي، وإبراهيم جابر، الحوار بين الأطراف السودانية. فيما أكد عضو مجلس السيادة، إبراهيم جابر، في تصريح صحفي، الدعم الكامل للمجهودات التي تبذلها الآلية الثلاثية لإنجاح الحوار بين الأطراف السودانية، وتسهيل مهمتها. وقال إن الاجتماع مع وفد الآلية الثلاثية «يأتي ضمن عملية التشاور المستمرة بين الجانبين، وفي إطار تسهيل الحوار السوداني للتوصل إلى اتفاق لإدارة الفترة الانتقالية». مبرزا أن اللقاء تناول أيضا ضرورة الإسراع في بدء حوار مباشر، والانتهاء منه خلال فترة زمنية محددة.
من جانبه، أوضح مبعوث الاتحاد الأفريقي، محمد الحسن ولد لبات، أن الآلية قدمت رؤية مفصلة لمقاربتها لعملية الحوار السياسي السوداني، وأنها جاهزة للإسراع بالعملية السياسية. مشيرا إلى أنها أجرت حواراً صريحاً وبناءً مع أعضاء مجلس السيادة من العسكريين، أكدت خلاله جاهزيتها لتسريع العملية السياسية.
وحث ولد لبات الجهات المسؤولة على اتخاذ إجراءات مشجعة لإجراء الحوار، وذلك بإطلاق سراح ما تبقى من المعتقلين السياسيين، وخاصة منسوبي لجان المقاومة، معبرا عن ارتياحهم في الآلية للردود التي تلقوها بالخصوص، ولما توصل إليه الاجتماع من نتائج.
وتجري الآلية الثلاثية حاليا حوارات غير مباشرة مع الأطراف السودانية، قصد التوصل إلى تقارب في وجهات النظر قبل الدخول في مفاوضات مباشرة لحل الأزمة السياسية في البلاد.
في غضون ذلك، وتزامنا مع اجتماع الآلية الأممية الأفريقية بالخرطوم أمس، تظاهر الآلاف على بعد مئات الأمتار من القصر الرئاسي للمطالبة بعودة الجيش للثكنات وتسليم السلطة للمدنيين. ونجحوا في اختراق الطوق الأمني، وسيطروا على تقاطع «شروني» مع شارع القصر، على الرغم من القمع العنيف الذي استخدمته قوات الأمن، التي انتشرت بكثافة، وسدت كل المداخل والطرقات المؤدية إلى وسط الخرطوم باستخدام السيارات العسكرية والأسلاك الشائكة.
وشهد وسط العاصمة اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن، التي أطلقت الغاز المسيل للدموع، والقنابل الصوتية للحيلولة دون وصول المتظاهرين إلى القصر الرئاسي. وأغلقت منذ الصباح جسر «المك نمر»، الرابط بين مدينتي بحري والخرطوم، بحاويات الشحن الضخمة، لكن على الرغم من ذلك استطاعت الجموع المحتشدة الوصول إلى جسر الحديد، إلا أن قوات الجيش نجحت في سد مدخل الجسر، ومنعتهم من العبور إلى الخرطوم.
وكانت لجان المقاومة (تنظيمات شعبية في المدن والأحياء) قد دعت أمس إلى تظاهرة مليونية، رفضا لاستيلاء الجيش على السلطة، وللمطالبة بعودة مسار الحكم المدني الديمقراطي الذي يقوده المدنيون. ورصدت «الشرق الأوسط» احتجاجات في ضاحية «بري» شرق العاصمة، والتي دأبت على الخروج في تظاهرات يوميا لإرهاق القوات النظامية، وتشتيت تركيزها من المناطق الأخرى، كما تجمع الآلاف في شارع الأربعين «بمدنية أم درمان، التي شهدت مطلع الأسبوع الحالي أحداث عنف واسعة، خلفت قتيلا وعشرات الإصابات بالرصاص الحي، وعبوات الغاز المسيل للدموع».
وهاجمت قوات الأمن بالغاز المسيل للدموع التظاهرة منذ بدايتها بمنطقة باشدار جنوب الخرطوم قصد تفريقها وتشتيتها، قبل أن تتحرك صوب القصر الرئاسي وسط العاصمة، بيد أن المتظاهرين أعادوا ترتيب صفوفهم، وانطلقوا في عدة مسارات وشوارع أخرى ليصلوا عند بداية شارع القصر. وعند تقاطع شروني وشارع القصر، بالقرب من كلية الطب جامعة الخرطوم، تمركزت قوات الأمن وأطلقت الغاز المدمع بكثافة، كما استخدمت مضخات المياه لوقف تقدم المتظاهرين نحو بوابة القصر .
وقالت لجنة أطباء السودان المركزية (غير حكومية) في بيان على صفحتها الرسمية بـ«فيسبوك» إن قوات الأمن قامت بإطلاق الغاز المسيل للدموع أمام مستشفى «الجودة» جنوب الخرطوم، ما أدى لاختناق المرضى، بينهم حالات حرجة ويتعالجون من أمراض مزمنة. كما أصيب الطاقم الطبي والمرافقون باختناق.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.