السودان والبعثة الأممية.. علاقة متوترة وأزمة متصاعدة
المبعوث الأممي للسودان فولكر بيرتس متهم من قبل العسكر بعدم الحياد في الأزمة السودانية الحالية
دون اكتراث للحملة المستعرة ضد بعثته في الخرطوم قدم المبعوث الخاص للأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتس أول أمس الثلاثاء تقريره لمجلس الأمن الدولي متضمنا تفاصيل تطورات الأوضاع في السودان خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة.
وتوترت العلاقة بين العسكريين القابضين على السلطة وبعثة الأمم المتحدة المتكاملة “يونيتامس” (UNITAMS) منذ عدة أشهر، وذلك حين تحركت حملات شعبية للمطالبة بطرد بيرتس تحت ذريعة تدخله في الشؤون الداخلية بتأييد العسكريين الذين سمحوا للتجمع الغاضب بالوصول إلى مباني البعثة دونما اعتراض، فيما كانت الاحتجاجات المنظمة ضد الحكومة تقمع بعنف.
وبعدها بدأ رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان في التصريح جهرا بأن مبعوث الأمين العام لا يظهر الحياد ويميل إلى أحد الأطراف -في إشارة إلى قوى الحرية والتغيير التي اختلف معها البرهان وأصدر قرارات رأت فيها انقلابا في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2020- كما تحدث عن انصراف بيرتس عن مهامه والانشغال بالمبادرة السياسية، فيما كان عليه متابعة تنفيذ اتفاق السلام والتحضير للانتخابات وغيرها من المهام.
وفي مطلع أبريل/نيسان الماضي قال البرهان إنه لن يتردد في طرد المبعوث الأممي، وبعدها طلب بيرتس لقاء البرهان، حيث أبلغه بامتعاضه من تقريره لمجلس الأمن لأنه لم يذكر المؤشرات الإيجابية على الأرض وفقا لتصريح من مجلس السيادة وقتها، ودعا البرهان البعثة “إلى الوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف في الساحة السياسية، بما فيها الجيش”.
وبعد 3 أشهر من تلك التطورات تخللتها تراشقات بين المكون العسكري والبعثة الأممية بدا واضحا أن بيرتس يتعمد سلوك الأطر الدبلوماسية وتجاوز الدخول في معارك كلامية مع المسؤولين السودانيين، فرغم مغادرته الخرطوم بالتزامن مع مؤشرات بأن السلطات أبعدت كبيرة مستشاريه روزاليند مارسدن فإن الرجل آثر خلال حديثه لمجلس الأمن عدم الخوض في الجوانب المتعلقة بالعلاقات المباشرة مع الحكومة، وحصر تقريره في رصد التطورات المهمة في السودان.
وحسب مسؤول في البعثة الأممية تحدث للجزيرة نت، فإن البريطانية مارسدن قررت مغادرة السودان في صمت بعد تلكؤ الحكومة في تجديد إقامتها، وكان الجميع يعتقدون أن التأخير ليس سوى إجراءات بيروقراطية، لكن استمرار الأمر بعث رسالة لمسؤولي الأمم المتحدة بأن مارسدن “غير مرغوب فيها”.
ومع تسرب أنباء متضاربة عن موقف الحكومة تجاه المسؤولة الدولية اضطرت بعثة الأمم المتحدة للخروج عن صمتها، وقالت في بيان قبل يومين إنه من المخيب للآمال عدم تجديد تأشيرة إقامتها بعد النظر في الطلب لعدة أسابيع.
ورأت البعثة أن ذلك قرار مؤسف، خاصة بالنظر إلى طلب السلطات السودانية من يونيتامس وشركائها مؤخرا تكريس المزيد من الاهتمام لدعم بناء السلام وحشد الموارد للعديد من الأنشطة ذات الأولوية، فيما التزمت الخرطوم الصمت حيال هذه التصريحات.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.