بعد انسحاب العسكر الطرف الرئيس فى الأزمة من الحوار… فمن إذن يحاور من؟؟؟

القرار الذى اعلنه البرهان عن انسحاب المكون العسكري من العملية التفاوضية الرامية إلى حل الأزمة التى تكاد تعصف بالوطن ، قد زاد المشهد ارتباكا و ترك الباب مواربا أمام كافة الاحتمالات ، و القى بظلال قاتمة لم يعد أحد يرى من خلالها بصيص ضوء فى اخر النفق…
و ما يدعو فعلا للغرابة انسحاب الطرف الرئيس فى الأزمة الراهنة، بل من زادها تعقيدا منذ الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي.. حيث أشعل فتيل الحراك الجماهيري فى الشارع من جهة و ما تمخض عنه من سقوط عشرات الشهداء و الآلاف الجرحى من الشباب ، و من جهة أخرى أحكام طوق العزلة الدولية و الإقليمية و عودة البلاد إلى مربع القطيعة مع المؤسسات المالية الدولية متعددة الأطراف … فضلا عن انهيار اقتصادى و انفلات امنى اعترفت به قيادة المكون العسكري الحاكم. و لعل أكبر دليل على ذلك تصريح البرهان نفسه في إفطار ياسر العطا ٠٠حيث قال ان المواطن السوداني لم يعد آمنا في بيته و لم يعد يملك من ما يعيزه من المسبغة و شظف العيش…
و قد لا يفوت على فطنة اى مراقب أن فى تصريح البرهان بانسحاب الجيش من الحوار الوطني ما يشئ بارسال رسالة خاطئه تناقض منطق الواقع السياسي، أن المكون العسكري لا شأن له بأزمة هى فى الواقع من صنع يده منذ الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي و فى تنصل عن مسئولية من حدث بل و إشارة صريحة فى بيانه ان ما أسماه بالمشاكسات بين القوى السياسية هى وراء هذه الازمة.؛!!، و لا أدرى ما هو دور هذه القوى السياسية فيما حدث بعد الخامس من أكتوبر… من إزهاق للأرواح كما جاء في بيانه و فى عزلة دولية و عدم استقرار سياسي اقعد تماما باقتصاد البلاد و جعلها على شفاء حفرة من تصنيفها كدولة فاشلة…!!

بانسحاب المكون العسكري الحاكم و الطرف الأساسى فى الازمة الراهنة يبقى السؤال المنطقى و المشروع…. من يفاوض من؟؟؟ فى غياب الطرف الرئيس… فالمشكل هو بين طرفين فقط لا ثالث لهما. .. بين من قام بالانقلاب و انحرف بالمسار الديمقراطي بزعم تصحيحه و بين من كل من يعارض و يناهض ما ترتب عن هذا الانقلاب على الوضع الديمقراطي و الدستوري،. من قوى سياسية كانت شريكة مع نفس المكون العسكري الحاكم و قوى ثورية و مدنية، و ليس مع وكلاء الانقلاب الذين هم من استدعوا هذا الإنقلاب و حرضوا عليه و أعدوا المسرح له، و من لف لفهم ممن دعموا اعتصام القصر و إغلاق الشرق. .. سيما و ان هذه القوى السياسية المتماهية مع المكون العسكري الحاكم هى على طرفى نقيض مع القوى المناهضة له… فكيف يتم حوار او توافق ينشده العسكر بين رافعة سياسية له ترى ضرورة بقائه في الحكم و عدم انسحابه تماما من المشهد السياسي و قوى ثورية و سياسية و مدنية آخرى تنادى بضرورة انسحاب المؤسسة العسكرية و عودة العسكر للثكنات.. انسحاب لن يتم طالما رهنه البرهان فى بيانه على توافق بين قوى سياسية على طرفى نقيض و على خطين متوازيين.. قوى سياسية شكلت رافعة سياسية لمكون عسكري حاكم و قوى سياسية و مدنية تشكل رافعة سياسية لحراك ثورى فى الشارع ينادي بعودة العسكر للثكنات و إستعادة مسار التحول الديمقراطي و و ارساء دعائم دولة مدنية كاملة الدسم. . حراك ثورى حظى باصطفاف من المجتمع الدولي الذى ربما يزيد من طوق العزلة على الدولة كلما ازدادت وتيرة الحراك الثوري و إصرار السلطات الأمنية على مواصلة استخدام العنف المميت ضد الاحتجاجات السلمية…

عليه….ما لم تحدث معجزة… يبدو أن الوطن على موعد مع خريف الغضب و المزيد من الحراك الثوري يجعل الوطن مفتوحا على كل الاحتمالات….ما لم يستشعر الجميع بمن فيهم المكون العسكري الحاكم خطورة الوضع… فالوطن قد وصل إلى مرحلة اللادولة… و انه فى مفترق طرق و يكون أو لا يكون… و يستوجب ذلك تقديم الكثير من التنازلات من قبل المكون العسكري الحاكم سيما و انه هو الطرف الرئيس فى الأزمة الراهنة و يجدى التنصل من المسؤولية فالكل شريك فيها مدنيين و عسكر.. و إلا سيضيع الوطن من بين ايدى الجميع..

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.