الغرب يريد صياغة وتشكيل السودان بما يخدم مصالحهم فقط

تعد محاولات الغرب لإعادة صياغة و تشكيل المنطقتين العربية و الإفريقية، بما يخدم أهدافه و مصالحه الاستعمارية، نزعة متأصلة في الوجدان الغربي، و الحالة السودانية و ما تطرحه من تنافس دولي واضح، تمثل صورة مصغرة للمشهد الإفريقي العام في عصر الهيمنة الأمريكي.

من المهم تفهم الدوافع الحقيقية لحروب السودان المعاصرة، و التي أدت إلى الأزمة الهيكلية التي يعانيها السودان منذ الاستقلال ؛ متخذة شكل حروب مدمرة في مناطق شاسعة في الجنوب و الغرب و الشرق.

و جاء فشل مشروع الدولة الوطنية بعد الاستقلال، و عدم قدرته على تحقيق الاندماج القومي، و كذلك العوامل الاقتصادية و تقسيم الثروة و الموارد في البلاد، فضلا عن دور المتغير الخارجي في دعم أطراف الصراع، و التدخل في تفاعلاته المختلفة، لتشكل كلها المتغيرات الأهم في دوافع حالة الحرب في السودان.

و تتباين مواقف الدول الإقليمية و الدولية من القضايا السودانية على حسب أهدافها و إستراتيجيتها، فثم اهتمام بتلك القضايا من مؤسسات العمل الإفريقي المشترك، و دول الجوار، و الدول الأوروبية التي تعد الشريك التجاري الأول للسودان، و الدور الصيني الذي يحاول التخفيف من غلواء الضغوط الغربية على السودان ؛ حفاظا على مصالحه بالسودان، إضافة للدور الأمريكي البارز، و المنطلق مما تمثله المنطقة من أهمية خاصة في الإستراتيجية الأمريكية في الحرب على ((الإرهاب))، فضلا عن ثروات المنطقة المتعددة.

و عكست قرارات مجلس الأمن الرؤية الأمريكية البريطانية، و التي تسعى لتفتيت السودان باسم ((الشرعية الدولية))، فهي تعمل على إعادة هندسة المنطقة من الناحية الجيوبوليتيكية ؛ بما يحقق لها أهدافها و مصالحها التوسعية، و القضاء على الحركات الإسلامية في المنطقة.

و يبدو أن مستقبل التناحر و الحروب السودانية لا يخرج عن واحد من سيناريوهات ثلاثة : فإما التركيب القائم على معايير الانتماء الجغرافي بعيدا عن الهوية الدينية، و إما تفكيك تقسيم السودان إلى مجموعة من الكيانات ذات ارتباطات إقليمية مختلفة، و إما إعادة الفك و التركيب معا.

إن الدعوة إلى التمسك بالذات الحضرية للأمة العربية بتراثها الثقافي و الإسلامي تمثل المدخل الصحيح لهذه المواجهة التي يقودها الغرب تحت ذرائع و مسميات شتى، تستبطن في جوهرها العداء الدفين للعرب و المسلمين.يعني ذلك أن يكون حديث النهضة هو شاغل الأمة.
وفق للتدخلات الغربية عادت الساحة السودانية لتكون مسرحاً للتسابق الدولي مرة أخرى بعد الإجراءات التي اتخذها قائد الجيش، مع اختلاف التفسيرات والتأويلات لما حدث. وتنشط الدوائر العالمية مرة أخرى في تفسيرات نتائج الأحداث بلا وقوف عند مسببات الانهيار الذي انتظم البلاد. ساعية إلى فرض صيغة معينة للحكم باعتبارها هي النموذج للانتقال الديمقراطي.

فهنالك أكثر من مبادرة تدفعها أكثر من رؤية ومصلحة للتدخل في الشأن السوداني، فالولايات المتحدة تصارع روسيا في السودان، وتقوم بدعم المكون المدني، ليس من موقف أخلاقى ولا مبدئى، فكثيراً ما دعمت أمريكا انقلابات عسكرية كانت ترى فيها مصالحها، ولكنها ترى في عسكر السودان تقارباً مع روسيا.

فعندما يتولون مقاليد الحكم في السودان فقد يسمحون لروسيا بإقامة القاعدة العسكرية الروسية على البحر الأحمر، التى وافق عليها الرئيس السوداني السابق عمر البشير في العام 2017 ، ووقفت الحكومة الانتقالية المدنية المشروع تحت ضغط الولايات المتحدة، التي ترى فيها تهديداً مباشراً لمصالحها في المنطقة. لذلك تُصِرّ الولايات المتحدة والدول الغربية على بقاء عميلها حمدوك رئيساً للوزراء، رغم عدم تقديمه ما يشفع له في تجربته التي امتدت إلى ثلاثة اعوام.كل ماقدمه حمدوك هو جلب البعثة الاستعمارية ورفع الدعم عن المحروقات والسلع الأساسية ودفع مبالغ كبيرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.. وقدم لهم السودان في طبق من ذهب.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.