ملامح التسوية… ما يدور بالغرف المغلقة يخرج للعلن..!!


تترقب الساحة السياسية السودانية هذه الأيام، مشروع تسوية سياسية بين الأطراف المدنية والعسكرية، كما أعلنت عنه الآلية الثلاثية واصفة إياها بالمرضية لكل أطراف العملية السياسية، وأكد نائب رئيس مجلس السيادة على ضرورة التوصل إلى حل، من خلال اتفاق يمهد لتشكيل حكومة لاستكمال الفترة الانتقالية.
الخروج من النفق
وقال الممثل الخاص للاتحاد الأفريقي بالسودان السفير محمد بلعيش، في تصريحات صحفية عقب لقاء أعضاء الآلية التي تضم فولكر بيرتس رئيس بعثة اليونيتامس ، والسفير محمد بلعيش الممثل الخاص للاتحاد الإفريقي وممثل مبعوث الإيقاد محمد يونس، بنائب رئيس مجلس السيادة حميدتي ، قال إنه آن الأوان لينخرط الجميع في العملية السياسية بروح بنّاءة، لإخراج البلاد من هذا النفق، من أجل تطبيع علاقات السودان مع محيطه الإقليمي والدولي، ومعالجة الوضع الاقتصادي، فضلاَ عن استكمال السلام الشامل، وأوضح أن الاجتماع تناول الحراك الذي تقوده اللجنة التسييرية لنقابة المحامين، إلى جانب الحوار الجاري بين المكونات السياسية.

التزام
وأكد رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان، علمه بكل تفاصيل مبادرة الشيخ كدباس التي تدعو لتوحيد أهل السودان معلنا موافقته عليها، وجدد التزام القوات المسلحة بإفساح المجال للسياسيين والقوى المدنية لتشكيل حكومة مدنية كاملة ، وقال سنعمل فيما يخصنا شأن وهو الأمن والدفاع ، وأضاف (البقولوا القوات المسلحة داعمة المؤتمر الوطني نقول لهم أنتم كذابين وزمن السواقة بالخلا انتهى.(

الحد الأدنى
وفي محاولة معرفة التسوية السياسية المطلوبة لإحداث نقلة في المشهد السياسي الذي طرأ منذ إجراءات ٢٥ أكتوبر التي نتجت من عدم وجود توافق بين القوى السياسية المختلفة ووجود حالة من الاحتراب السياسي بين المكونات السياسية حتى تشظت القوى الى ثلاث او أربع كتل سياسية تبلورت لاحقا في قوى نداء السودان والتوافق الوطني والحرية والتغيير القوى الوطنية والمبادرة السودانية ومجموعة المجلس المركزي ومجموعة التغيير الجذري ست كتل سياسية كل كتلة تضغط في اتجاه رؤاها السياسية بمعزل عن القوى السياسية الأخرى، وكان موقف المؤسسة العسكرية طيلة الفترة الماضية المنادي بالاتفاق السياسي وضرورة إحداث توافق كلي بين كل المكونات السياسية حتي لا يتم إخفاء قوى سياسية يمكن أن تثير حالة عدم الاستقرار السياسي في الفترة الانتقالية لأنها فترة قائمة على التوافق ولا تقوم على انتخابات، لذلك يجب ان تتفق كل القوى السياسية على رؤية موحدة تبنى على الحد الأدنى وان تكون هنالك حاضنة سياسية يمكن أن تنسق فيما بينها لاستقرار الفترة الانتقالية، والآن هناك عدة كتل سياسية بدأت تتجمع من ست كتل سياسية وهي التوافق الوطني والمبادرة السودانية والى حد ما الحرية والتغيير القوى الوطنية فهذه كتل أصبحت أقرب الى بعضها البعض، والمجلس المركزي بلور كتلة رابعة وهي التغيير الجذري مجموعة الحزب الشيوعي، والمجموعات الأخرى فالتجميع قلل من عدد من الكتل.

الملامح الأساسية
ويوضح القيادي بالتوافق الوطني أحمد موسى بان الملامح الأساسية للتوافق السياسي هي حاضنة سياسية في طريقها ان تتكون وتشمل حتى الآن التوافق الوطني والمبادرة السودانية والمجلس المركزي وهنالك قوى تقف على الرصيف حتى هذه اللحظة حتى تجد لها موطئ قدم داخل كتلة التغيير الجذري ونداء أهل السودان، مازال العمل متواصلا بين الجهات التي تعمل على تقريب وجهات النظر للوصول الى الخطوة الثالثة وهي الأقرب بين قوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية في كتلة واحدة ثم تذهب الى الخطوة التي بعدها وهي كيفية إشراك نداء أهل السودان والتغيير الجذري في المرحلة الانتقالية القادمة، وأضاف بان خطاب الرئيس في كدباس كان واضحا جدا في ضرورة إشراك جميع القوى السياسية في الفترة الانتقالية لضمان استقرار المرحلة وصولا الى الانتخابات.
إدارة الدولة
ويقول موسى ايضا في حديثه لـ ( الإنتباهة) من ملامح التسوية السياسية الظاهرة، هي ضرورة التوافق على شكل إدارة الدولة والتوافق على المؤسسات التي تدير الفترة الانتقالية ومدة المرحلة نفسها وبعدها تكون الانتخابات، بجانب التوافق على الوثيقة الدستورية الحاكمة للفترة الانتقالية وعلى وضعية المؤسسة العسكرية في المرحلة الانتقالية باعتبارها أهم نقاط الخلاف بين المبادرات السياسية المختلفة التي يعمل عدد من المهتمين بالشأن السوداني على تجميعها في مبادرة واحدة وتشمل كل هذه الأفكار وتقرب بين الأفكار بعضها البعض للوصول الى الحد الأدنى من التوافق السياسي في القضايا الأساسية التي تناقش في جميع المبادرات وهي الوثيقة الدستورية ووضعية المؤسسة العسكرية والخدمة المدنية والفترة الانتقالية ومؤسساتها وأجهزة العدالة والقضاء والمحكمة الدستورية والمجلس التشريعي وتفكيك نظام الثلاثين من يوليو.
إزالة التباينات
وأضاف بان المرحلة القادمة يمكن او تساهم بقوة لإعلان التسوية السياسية التي يتوقعها الشعب هي إزالة التباينات بين القوى السياسية حول السبع قضايا الأساسية، اذا تم الاتفاق عليها يمكن ان يعلن التوافق في أي لحظة، فالتوافق الآن قارب على نهاياته خاصة وان هناك أكثر من جهة وآلية تعمل على إحداث الاختراقات في المواقف وهناك مبادرة شيخ كدباس ولقاءات سياسية تعمل مع بعضها البعض معلن وغير معلن كلها تعمل على التقارب، فهذه الجهود جميعها وصلت الى نهاياتها وعليه أتوقع ان يعلن التوافق السياسي قريبا جدا بين نداء السودان والتغيير الجذري، وفيما يتعلق بوضع المؤسسة العسكرية فان هناك تباينا بين وجهات نظر الكتل السياسية حولها، فموقف المؤسسة هي أن تبعد عن المشهد السياسي ولكنها تتحدث عن ابتعادها عن المشهد السياسي وليس الوطني فلا يمكن ان تكون بعيدة عن مؤسسة الانتقال ولكن يمكن أن يكون لديها موقف محدد واضح بمهام محددة منصوص عليها في الوثيقة الدستورية أو الأوامر الدستورية التي تحكم الفترة الانتقالية، فموقف كتلة نداء أهل السودان يقارب موقف المؤسسة العسكرية الذي يتحدث عن إنشاء مجلس أعلى للقوات المسلحة، وهناك ايضا خلاف على مهامه هل يقوم بمهام الدفاع والأمن والحفاظ على وحدة البلاد، ولكن أهل السودان يرى ان تقوم المؤسسة بمهام محدودة، أما التوافق الوطني يذهب في اتجاه أن يكون هناك مجلس سيادة مدني بدون ان يعترض على مجلس أعلى للقوات المسلحة، وتتحدث مبادرة الجبهة الثورية عن ان تقوم بمهام القوات المسلحة في الأمن والدفاع وحماية الدستور ولكن لا علاقة لها بالسيادة، أما المجلس المركزي موقفها ان المؤسسة العسكرية تكون خارج المشهد السياسي وان يتبع الجيش والشرطة للحكومة المدنية ويتكون مجلس سيادة مدني، ولكن الواضح هناك تسوية بين الموقفين ربما تشمل رؤى القوى السياسية وتحاول ان تصل الى مربع ثالث يوجد مساحة للمؤسسة العسكرية داخل الفترة الانتقالية دون أن يكون لها سلطات سيادية تنفيذية أو تشريعية ظاهرة او واسعة.
هندسة أصحاب المصلحة
وفي ذات السياق ألمح الممثل الخاص للاتحاد الأفريقي في السودان، السفير محمد بلعيش في تصريح صحفي، عقب لقائهم أمس رئيس مجلس السيادة، ان لقاءهم اتسم بروح الصراحة والإرادة المشتركة، الصادقة والقوية، للتوصل إلى تسوية سياسية تكون من هندسة أصحاب المصلحة أنفسهم وعلى أساس أوسع توافق ممكن.
وأضاف بلعيش أن الحوار بين السودانيين، لا محيد عنه، مشيرا إلى أن السودان في أمس الحاجة إلى الانفراج لتأمين التحول الديمقراطي المنشود وبناء السودان الجديد.
ومن حديث بلعيش يبدو ان التسوية ستشمل الجميع من حركات مسلحة وقوى الحرية والتغيير مجموعة المجلس المركزي ،وربما تستبعد مجموعة التغيير الجذري وجزءا من لجان المقاومة لرفضهم في الأصل اي شكل من أشكال التسوية أو مجرد الجلوس مع المكون العسكري .. والأيام القليلة المقبلة ستكشف ما يجري في الغرف المغلقة ..!

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.