جدل متواصل حول الإصلاح الأمني والعسكري في السودان
جدل كثيف ظل محتدماً في السودان، فيما بعد عملية دمج القوات والميليشيات غير النظامية تحت لواء جيش وطني واحد، مع مخاوف متزايدة من انهيار الأوضاع الأمنية لا سيما في ظل تعدد التشكيلات العسكرية، وتأخر تنفيذ بند الترتيبات الأمنية التي نصت عليه اتفاقية جوبا لسلام السودان.
وظلت قضية الإصلاح الأمني والعسكري حاضرة على طاولات التفاوض سواء كان مع الفصائل المتمردة أو القوى المدنية، إذ خصصت القضية ضمن القضايا الخمس التي يتوقف عندها توقيع الاتفاق النهائي بين المدنيين والعسكريين.
تتفق جميع المكونات المدنية والعسكرية التي تتصدر المشهد السوداني حول عملية بناء جيش وطني واحد، إلى الوصول إلى هدف ظل بعيد المنال. فما تم التوصل إليه من ترتيبات أمنية بناء على اتفاقية جوبا للسلام ظل حبراً على ورق الاتفاق، من دون أن يتنزل على أرض الواقع، إذ لا تزال قوات الحركات الموقعة على السلام، تضع إصبعها على (الزناد) بعيداً عن المنظومة الأمنية للبلاد لأكثر من عامين.
فيما يحتدم الجدل حول قضية دمج قوات الدعم السريع التي يتزعمها نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو، وبرغم تأكيدات الأخير بقبوله مبدأ الدمج الذي نص عليه الاتفاق الإطاري إلا أن المخاوف لا تزال قائمة.
عملية معقدة
ويؤكد خبير إدارة الأزمات، اللواء متقاعد (م) د. أمين مجذوب لـ«البيان» أن عملية الإصلاح العسكري والأمني عملية معقدة وتتطلب جهداً مكثفاً، وإرادة من كل الأطراف، ويشير إلى أن عملية بناء جيش وطني واحد بحاجة إلى ترتيبات محكمة وجداول زمنية، يتم فيها وضع سقوفات لمعالجة قضية الدمج والتسريح، إذ يتم الدمج الكامل داخل الجيش أو تسريح من يرغب في العودة للحياة المدنية.
ومن ثم إخضاع القوات التي يتم دمجها لقوانين ولوائح القوات النظامية، ويؤكد مجذوب أن الجيش السوداني الذي تأسس منذ العام 1908 موجود كقوات منظمة، وله تاريخه. بدوره، يشير الصحافي المختص بقضايا النزاع النذير إبراهيم لـ «البيان» إلى أن الهدف الرئيس من عملية الإصلاح الأمني والعسكري يتمثل في معالجة الخلل والقصور في المؤسسات الأمنية، وبناء قوات عسكرية موحدة.
ويلفت إلى أن العقود الثلاثة الماضية شهدت حالة انهيار شبه كامل للوضع الأمني، إذ عمد النظام المخلوع على إحداث تغييرات كبيرة على المنظومة العسكرية والأمنية ، وعمل على تحويل المؤسسات الأمنية لخدمة مصالحه الحزبية بعيداً عن المصلحة الوطنية العليا.
ويؤكد أن ذلك جعل الضرورة ملحة لإعادة النظر بعمق، في الخلل داخل تلك المؤسسات المهمة بطريقة مؤسسية لتأهيل المنظومة الأمنية وتأسيس منظومة قائمة على الكفاءة ومرتكزة على الانتماء الوطني الحقيقي بعيداً عن المحاصصات الحزبية والإثنية والقبلية، لضمان قيام مؤسسات أمنية فاعلة تحمي مصالح البلاد وتحافظ على أمنها واستقرارها، مع العمل لدمج كل التشكيلات والحركات والقوات الموازية بما فيها قوات الدعم السريع داخل تلك المنظومة
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.