نحن بين خداع البرهان وأكاذيب قحت ومسكنت الشعب


دعا البرهان أمس الأول جماعة الاتفاق الإطاري لاجتماع، وحضره خالد سلك وياسر عرمان وإبراهيم الميرغني.

وطلب منهم أن يمضوا بالاتفاق الإطاري إلى نهاياته، وأن يلتزموا بتاريخ اعلان صيغته والتوقيع عليه يوم 1 أبريل، وأن يكون يوم 6 أبريل يوماً تُعلن فيه حكومتهم وأن يكون يوم 11 أبريل يوم تتسلم الحكومة السلطة من العسكريين. هذا ما قاله البرهان لهذا النفر، في اجتماع بمقر إقامته في اجتماع هو الذي دعا له.
قالوا له لكن جبريل ومناوي لم يحضروا. فأفادهم أن حضورهم ليس ذا أهمية!!
واتفق معهم على اجتماع موسع يضم حميدتي وفولكر والآخرين بالقصر مساءً.

قال بهذه المعلومات المؤكّدة ، الذين حضروا إجتماع النهار ، لأن الحيرة تملكتهم من تنصله عن حضور الاجتماع الموسع . لأنه حينما حلّ الموعد مساءً اعتذر البرهان أنه لن يستطيع أن يحضر لارتباطه بالتزام آخر.

دعا البرهان للاجتماع واتفق مع هذه الأقلية التي التقته بالمضي قدماً في تنفيذ الإتفاق الإطاري !!
ولكن المفاجأة هي تناقضه في خطاب ألقاه في أم سيالة بشمال كردفان بالأمس.

فقد قال لجماعة الإطاري أن يمضوا في التنفيذ وحدد لهم التواريخ في اجتماع دعا له هو في منزله بالقيادة، وقال لهم إن مشاركة الآخرين مثل جبريل ومناوي غير مهمة!!
ليقول في خطابه في أم سيالة:
“القوات المسلحة لن تنحاز لفئة دون الأخرى وموقفها ثابت”
وقال:
“ندعم المسار ولكن والله إن لم يستصحب كل القوى وكل السودانيين سيتعثر قريباً”
وقال:
“رسالتي للسياسيين إذا أرادوا للبلد الاستقرار أن يستمعوا ويقبلوا الآخر”

فانظر يا رعاك الله لهذا التناقض بين ما قاله لجماعة الإطاري ثم تنصله عن الاجتماع الموسع، وما قاله في خطاب أم سيالة.
وحقيقة ما ينبغي أن نعجب لأي تناقض يصدر من البرهان. تاريخه طيلة أربع سنوات مليء بالتناقضات، مليء بالتسويف، مليء بالتأجيل والمراوغة، بل الخداع. ولنتذكر تصريحاته بعدم التفاوض مع قحت المركزي ثم التراجع عن ذلك. وكان أحيانا يرسل اللواء الغالي للتفاوض باسمه. ونكرانه لوجود الاتفاق الإطاري ثم الاعتراف به، وغيرها كثير.

تواترت الإفادات أن الأمريكان وشركائهم الغربيين ضمنوا للبرهان وحميدتي الحصانة من المساءلة الجنائية Immunity from Prosecution عن كل ما اقترفوه في مجزرة فض الاعتصام وغيرها (انظر بلومبيرج 17 أكتوبر 2022). وظل البرهان متوجساً من المساءلة الجنائية وخائفاً منها. وكذلك كان حميدتي، الذي قال إنه لن يستسلم والبعض “يسن سكاكينه” له، على حد تعبيره.
وقد أكد وزير العدل السابق نصر الدين عبدالباري أن العسكر طلبوا العفو بنص دستوري أو معالجة قانونية. وصدق عبد الباري وهو كذوب.
المهم أن قحت المركزي تناست كل تاكيداتها للشباب ولأسر من قُتلوا ووافقت على الحصانة التي منحها الخواجات للبرهان وربما حميدتي.

قحت والبرهان يستغلون طيبتنا وسذاجتنا وذاكرتنا السمكية. أو بعبارة أخرى Prey on our naivety.

ورغم التناقض بين ما قاله في اجتماعه مع عرمان و الميرغني وخالد سلك، وما قاله في أم سيالة، فالمؤكد أنه سينفذ ما قاله في اجتماعه مع عرمان وجماعته.
فالبرهان خاضع لابتزاز الخواجات وقحت المركزي وهو تحت التهديد برفع الحصانة الممنوحة له من الخواجات. لذا سيطيعهم ولن يعصي لهم أمرا.
وكل ما يقوله خلاف ذلك مراوغة، بل كذب على الجماهير، وكذا يفعل الكذبة، لأن الكاذب حرباء.
Liars are chameleons that take on
any color.

كأن البرهان يريد أن يثبت قاعدة جديدة وهي:
أهم صفتين لقائد الجيش هما (١) أن تكون مخادعاً، (٢) ونسيت أنا الثانية .

وهو بمسلكه الذي عشناه معه خلال أربع سنين أصبح أكبر عدو للحقيقة والنزاهة.

قال الرئيس الفرنسي تشارلي ديجول ساخراً ذات مرة:
من المهم في السياسة إمّا أن تخون الوطن أو الناخبين، وأنا أفضل أن أخون الناخبين.
�In politics it is necessary either to betray one’s country or the electorate. I prefer to betray the electorate.
لكن لأن البرهان واقع تحت ابتزاز قحت المركزي والخواجات بل ود زايد، فهو يخون الوطن ويخون الجماهير. وهذا هو السبب في تناقضاته وتصريحاته المتعارضة ومراوغاته. وهذا هو السبب في خداعنا.

وجراء كثرة تناقضات البرهان وخداعه أشك في أنه سيدمج الدعم السريع!!!
ومن حوله يصدرون التصريح إثرَ الآخر عن حَلّه ودمجه، ولكن أين الفعل. أسمع جعجعةً ولا أرى طِحْنَاً

انهار كل شيء ولكن همَّ وأولوية البرهان وحميدتي إرضاء من يبتزونهم ونجاة أنفسهم.

قال لي صديق متحسراً على حال السودان : “الناس وصلوا القمر ونحن بين خداع البرهان وأكاذيب قحت وجهل حميدتي”
قلت له: إن حل مشكلتنا أن نرسل كل هؤلاء إلى القمر once and for all.

وأمام كل القراء المحترمين، أود أن أعاهد البرهان :
توقف عن المراوغة وخداعنا، وأعاهدك أن أتوقف عن ذكر الحقائق بشأنك.

        ياسر أبّشر

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.