التدخلات الغربية بالشأن السوداني.. سباق الموارد والسيطرة
باتت التدخلات الخارجية في الشأن السوداني الداخلي مباشرة وأكثر وضوحاً بعد ثورة ديسمبر المجيدة وما تلاها من توافق على وثيقة دستورية برعاية أفريقية ومساعي شبه خفية إبان فترة الشراكة بين العسكريين والمدنيين، وأخيراً بعد إنقلاب ال(25) من أكتوبر الماضي، فالخارج الذي يسعى لدعم الإنتقال الديمقراطي بالبلاد بحسب مبادراته ورؤيته للحل، يراها مراقبون محض ممارسات للوصاية على الشعب السوداني بفرض حلول وفقاً لمصالح الخارج بالداخل..
جهات و سائط ورؤى
وساطات ومبادرات للحل بدءاً من دولة جنوب السودان وارتريا وإثيوبيا ومصر وصولاً إلى المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات وإسرائيل إضافة إلى العُظمتين أمريكا و روسيا وبعض الدول الأوروبية، فضلاً عن المنظمات والمؤسسات الإقليمية والدولية، تمثلت جميعها في جلسات للحوار أحادية الطرف أو ثنائية، وزيارات خارجية، وأيضاً مبعوثين للداخل وبرقيات ارسلت عبر دبلوماسيين حملت على متنها رؤى حل للازمة السودانية،فضلاً عن جهود الاستخباراتية..
بسبب سواحل الأحمر
مؤخراً وبُعيد وصول السفير الأمريكي بالبلاد جودي جودفري واعتماده بدأت مساعيه للحل تأخذ طريقها عبر الاجتماع بالاطراف الرئيسية، لتنطلق بعد ذلك جهود الآلية الرباعية”، التي تضم الولايات المتحدة والسعودية وبريطانيا والإمارات، وتفشل في أول إجتماع لها بسبب حضور أطراف غير مدعوة الأمر الذي أثار استياء أحد سفراء الغرب و دفع ممثلي الجيش وتحالف “الحرية والتغيير” إلى مقاطعة الاجتماع والذي كان طرفه الثالث المحلي شركاء سلام جوبا.
وقد أتت الرباعية بعد فشل الآلية الثلاثية (المكونة من الاتحاد الأفريقي ومنظمة إيغاد و يونيتامس) للتوصل لحل الأزمة..
ويرى المحلل السياسي د. الحاج حمد بروز الولايات المتحدة في المشهد بصورة أكثر قوة بسبب السواحل السودانية بالبحر الأحمر والسباق المحموم حولها من قِبلها و روسيا لإقامة قاعدة عسكرية، مشيراً الى أنها من أبرز دواعي تدخل الدولتين في الشأن الداخلي وأيضاً العودة مجدداً لصراع المعسكر الشرقي والغربي.
وكان القلق قد سيطر على الولايات المتحدة بحسب تقارير إعلامية صدرت من مؤسساتها مطلع أغسطس المنصرم بسبب تقارير أخرى أكدت حدوث تقارب بين منافستها وعسكريي السودان بعد الاخريين عن مساعدات اقتصادية من موسكو بدلاً من واشنطن.
سباق على الموارد
حمد أوضح بحديثه لـ(النورس نيوز) أن التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي قديمة ومرتبطة بموارد القارة الأفريقية والصراع الدولي عليها باعتبار أن القارة لم تستنزف مواردها إلى الآن، قاطعاً بأن التدخلات ناجمة عن الصراع التاريخي والمستمر بين المعسكرات الشرقية والغربية.
ولفت حمد إلى أن الخارج يصنع الحكومات والمعارضين لها في أوقات أخرى ، منوهاً إلى دعم الإدارة الأمريكية للإسلاميين بالسودان لأجل تفكيك الإتحاد السوفيتي بمنطقة القرن الأفريقي ومن ثم دعم المعارضين للإسلاميين لأجل القضاء على الإسلام السياسي بايعاز من حلفائها في المنطقة والممثلين في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات.
جوانب إيجابية وسلبية
مدير مركز فوكس للدراسات والأبحاث د. عبد الناصر سلم قال إن التدخل في الشؤون السودانية عادة قديمة، جازماً بأن اغلبية الحكومات السابقة رأت أن الحل يأتي من الخارج وليس الداخل ولذلك سمحت للاتحاد الأفريقي بالتدخل والأمم المتحدة، وسمحت للمنظمات في كثير من الأحيان أن يكون لها وجود في الشأن السوداني الداخلي.
وبيّن سلم بحديثه لـ(النورس نيوز) أن التدخلات الخارجية بها جوانب إيجابية وأخرى سلبية، واضاف: إيجابياً يمكن أن تساهم في الحل إذا كان الطرف الساعي في الحل لديه نية سليمة، أما إذا كانت نية أجندة سياسية بالتأكيد سيُعقِّد المشهد ونحن رأينا التدخل الدولي في الفترة الأخيرة عقّد المشهد بصورة كبيرة وأدى إلى تأزيم الأوضاع.
وأشار إلى أن الإهتمام بالسودان يأتي بسبب موقعه الجيوسياسي المميز، وأن والاضطراب به سيؤدي إلى اضطرابات بعدد من البلدان المجاورة، وتابع: شاهدنا أحداث دارفور في بداياتها كيف أثرت على الدول المجاورة، اي أن التدخلات تأتي من منطلق حفظ أمن هذه البلدان
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.