المساعدات الأمريكية للسودان.. قبول بالأمر الواقع أم تكتيك سياسي؟

0

ربما كان من غير المألوف أن تتسم العلاقات الأمريكية السودانية بالبرود والجفاء إبان الحقب المدنية الديمقراطية، بينما تكون في احسن حالتها في فترات حكم الأنظمة الدكتاتورية المغتصبة للسلطة غيلة في بلدانها وفي السودان خاصة، ففي فترتي حكم الفريق إبراهيم عبود الذي انقلب على الحكم المدني في نوفمبر من عام 1958م وحقبة حكم الرئيس جعفر نميري في فترة ما بعد 1971 وحتى سقوط حكمه الاستبادي عقب انتفاضة السادس من إبريل 1985م، كانت العلاقة جيدة بينهما وبين والولايات المتحدة، وكان هناك تعاون كبير بين الطرفين في عدة مجالات، في حين أنها اتسمت بالبرود إلى حد التجمد في فترة الحكم الديمقراطي ما بعد ثورة إبريل وسقوط حكم النميري إبان الحكومة الائتلافية التي ترأسها الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي التي شملت حزب الاتحادي الديمقراطي وحزب الجبهة الإسلامية قبل ينسحب من الائتلاف ليخطط للانقلاب على الحكم الديمقراطي بقيادة العسكريين والمدنيين في الحزب في الثلاثين من يونيو 1989م، حيث كانت الولايات المتحدة تدعم الحركة الشعبية بقيادة العقيد جون قرنق وترفض التوجه السياسي للحكومة الديمقراطية المتجهة تجاه إيران وليبيا، وتتخذ مواقف متشددة تجاه إسرائيل وترفض المحاور الأمريكية في المنطقة بقيادة مصر.

شهدت العلاقات الأمريكية أسوأ حالاتها التاريخية مع السودان إبان حكومة الجبهة الإسلامية تحت قيادة التنظيم العسكري برئاسة عمر البشير، حيث اطلقت الولايات المتحدة جملة من الاتهامات اعقبتها بسلسلة متتالية من العقوبات، فكان اتهام السودان بالإرهاب ووضعه ضمن الدول الراعية للإرهاب في 1992م، واتهامه بالاستمرار في مساندة حركة التمرد بجنوب السودان، ثم أخذت الولايات المتحدة تحشد المنظمات الدولية والدول في ذلك الوقت ضد حكومة الجبهة الإسلامية، وتمثل ذلك في قرار الاتحاد الأوروبي بتجميد عضوية السودان ومخصصاته في اتفاقية لومي حتى 1991م، وتجميد عضوية السودان في صندوق النقد الدولي في 1994م، وقرارات مجلس الأمن (1044، 1054، 1070) بالإدانة والعقوبات عقب محاولة اغتيال الرئيس المصري بأديس أبابا 1995م واتهام السودان بالضلوع في تلك المحاولة. وظلت هذه العقوبات الاقتصادية منذ عام 1997م تجدد فى كل عام. وعلى الرغم من ان اتفاقية نيفاشا التى طبقت الحكومة آخر بنودها بالاستفتاء وتقرير المصير، كان احد الوعود التى اطلقتها واشنطون حال تنفيذ هذه الاتفاقية بأنه سيتم رفع العقوبات على السودان وعدم الابقاء على اسم السودان فى قائمة الدول الراعية للارهاب،، لكنها لم توف بوعدها حيث أن واشنطون ترى أن حكومة المؤتمر الوطني ــ رغم أنها سمحت بالاستفتاء الذي أفضى لانفصال الجنوب كدولة مستقلة ــ ظلت تدعم المعارضة المسلحة في دولة الجنوب، كما أن الحكومة لها سجل مروع في مجال حقوق الانسان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.