مجلس السيادة السوداني يعلّق مسار الشرق في اتفاق السلام
علّق مجلس السيادة السوداني، مساء أمس الخميس، مسار الشرق، بعد ساعات من تهديد مكونات قبلية هناك بإغلاق الإقليم، ابتداء من الإثنين المقبل، ومطالبتها بحق تقرير المصير، في حال لم يتم تنفيذ مطالبهم التي يتصدرها إلغاء مسار الشرق في اتفاق السلام.وأعلن نائب رئيس المجلس السيادي محمد حمدان دقلو “حميدتي”، في مؤتمر صحافي، تعليق مسار شرق السودان إلى حين حدوث توافق بين أهل الشرق، بعد الجلوس والتشاور مع كل الأطراف.
وأن “حميدتي، وأعضاء مجلس السيادة الجديد عبد الباقي عبد القادر والطاهر حجر وأبو القاسم محمد، أعلنوا تعليق المسار وتكوين لجنة عليا من أهل السودان لجبر الضرر”.وقالإن “أطراف الشرق سيجلسون الى طاولة واحدة للاتفاق على حل جميع مشاكل أهل الشرق”، مؤكدا أن “شرق السودان يهم جميع السودانيين والدول المجاورة لأهمية موقعه”، مؤكدا أن “عمل اللجنة سينطلق قريبا لاحتواء أزمة الشرق”.ويتمسك قادة مسار الشرق بموقفهم الرافض لإلغائه، وشددوا على أنهم سيطالبون بحق تقرير المصير، أيضا في حال عدم قدرة الحكومة على حل الأزمة.
وقال كبير مفاوضي مسار شرق السودان، عبد الوهاب جميل لـ”القدس العربي” إنه يجب على السلطات أن “توقف أي خطوات لإغلاق الشرق، لأنه سيضر بمصالح المواطنين”، مؤكدا أن “المشكلة سياسية، والمضي في التفاوض والحوار هو الحل”.ولفت إلى أن “الأزمة في الشرق تراوح مكانها، ومسار الشرق ظل مجمدا منذ البداية، ولكن الحكومة للخروج من الأزمة الراهنة استعانت بالوساطة الجنوب سودانية لإعلان ذلك بشكل رسمي، ثم حددت اجتماعات كل 15 يوما، وصولا لمؤتمر تشاوري جامع لمكونات شرق السودان”.وشدد على أن “الحكومة ظلت تقوم بحلول مؤقته وغير جذرية”، مؤكدا أنهم في مسار الشرق لا يريدون التصعيد الآن، باعتبار أن الأزمة سياسية ولا يجب إقحام المصالح الوطنية فيها”، ولكنه عاد وشدد على أنهم “لن يقبلوا إلغاء مسار الشرق، وسيطالبون بحق تقرير المصير أيضا إذا لم تحدث تسوية تضمن استقرار الأوضاع هناك”.
وأضاف: “يجب أن تقوم الحكومة بالدور المطلوب منها، إلغاء مسار الشرق ليس حلا للأزمة بل على العكس قد يزيده تعقيدا”، على حد قوله. وفي الثالث من اكتوبر/ تشرين الأول 2020، وقعت الحكومة الانتقالية في السودان اتفاق سلام مع مجموعة من التنظيمات والحركات المسلحة. ويتكون الاتفاق من عدد من المسارات مقسمة حسب أقاليم السودان – دارفور، النيل الأزرق، الشمال والوسط، وشرق السودان. ورفض عدد من المكونات القبلية في شرق السودان، اتفاق مسار الشرق، معتبرة المكونات التي وقعته لا تمثل الإقليم، ومع استمرار التصعيد تم تجميد الاتفاق لأكثر من عام، دون الوصول لتسوية بخصوصه.ولاقى قرار تعليق مسار الشرق في اتفاق السلات ترحيبا من المجلس الأعلى لنظارات البجا، مع أن أمين شباب المجلس الأعلى لنظارات البجا، والعموديات المستقلة كرار عسكر، الرافض لمسار الشرق، كان قد أكد في كلمة مصورة أنهم يتجهون إلى انتزاع حق تقرير المصير بمرجعية قرارات مؤتمر سنكات، وتوعد بإغلاق الشرق ابتداء من العشرين من الشهر الجاري.
وأضاف: نقول لنخب الخرطوم موعدنا 20 ديسمبر/ كانون الأولى، في أرضنا، سيكون شتاء ساخنا.وأكمل: “لا توجد حكومة في الخرطوم لتقرر إن كانت ستسمح أو لن تسمح لنا بإغلاق الشرق، نحن نغلقه متى ما نريد، نغلقه بسبب الظلم الواقع علينا وبسبب عدم قدرة الحكومة في الخرطوم على اتخاذ القرارات، وبسبب مسار الشرق الذي لا يمثل الإقليم”.كما قال مقرر نظارات البجا، عبد الله أوبشار، في بيان أمس، إن “حق تقرير المصير ليس وليد اللحظة، إنما هو مضمون في مقررات مؤتمر سنكات”.
وفي نهاية أيلول/ سبتمبر2020، سلم عدد من المكونات القبلية في شرق السودان، الحكومة مطالب تضمنت حق تقرير المصير والحكم الذاتي وإلغاء مسار الشرق في اتفاق السلام، خلال مؤتمر في مدينة سنكات شرقي السودان.وطالبوا أيضا بإقليم موحد لولايات شرق السودان الثلاث وفق الحدود الجغرافية التاريخية وتكوين هيئة تنسيقية عليا مشتركة بين كافة مكونات شرق السودان، ودعوا لعقد مؤتمر لمناقشة قضايا الشرق على أساس المشاركة من المحليات.وشددت تلك المكونات القبلية أيضا على الإيقاف الفوري لجميع المخططات السكنية والزراعية وتصديقات الأراضي، وإيقاف عمليات التعدين والشركات المركزية إلى حين وضع أسس تحقق مصلحة إنسان المنطقة .
ورهن أمين القوى السياسية في المجلس الأعلى لنظارات البجا، سيد علي أبو آمنة، في بيان أمس: “إغلاق الشرق بإلغاء مسار الشرق في اتفاق السلام، وإتاحة أرضية للتوافق تمكن الدولة من إعطاء الإقليم حقوقه كاملة”، حسب البيان.واستنكر المجلس تصريحات عضو المجلس السيادي عبد الباقي عبد القادر التي أكد خلالها أن “الحكومة ستفرض هيبتها، ولن تسمح بإغلاق شرق السودان مرة أخرى”.ووصف لقاءات عبد القادر بعدد من السياسيين من شرق السودان” بـ”المنحازة والبعيدة عن اتجاه الحل”. واعتبرت أن هدف تصريحاته “إشعال شرارة الأزمة من جديد”.
وقال إن “الدولة التي يريد عضو المجلس السيادي فرض هيبتها لم تتشكل بعد ولم نتوافق عليها بعد وحتى ذلك نحن الشعب أصحاب الحق الأساسي ونحن من يصنع الدولة ويفرض هيبتها وهيبة الشعب”.وأضاف: أن “نضالات أهل شرق السودان وثورتهم وإغلاق طريق الميناء هو ما أتى بعضو المجلس السيادي إلى الكرسي الذي يريد منه الآن أن يقمع صوتنا، وكان الأولى به أن يقول إننا سوف نحول دون إغلاق الطريق بأن نعطي الشرق حقه بإلغاء المسار الذي فتن بينهم لا أن يهدد بقمعهم بقوة الدولة “.
واعتبر البيان مسار الشرق “السبب في إثارة الفتنة والفرقة في الشرق، مطالبين بإلغائه والتأسيس لمنبر تفاوضي جامع لأهل الشرق كلهم لا يستثني أحدا”، وشدد على أن “إلغاء المسار ليس انتصارا لجهة إنما انتصار لجميع أهل الشرق”.وكان عبد القادر قد قال في تصريحات صحافية أمس إن “الحكومة لن تسمح مجددا بإغلاق الشرق والطريق إلى موان بورتسودان وستعمل على فرض هيبة الدولة، وذلك خلال لقاء جمعه الأربعاء، القنصل العام لجمهورية مصر العربية في السودان، أحمد عدلي.وأشاد عبد القادر بما وصفها بـ”وقفة مصر القوية مع السودان أثناء إغلاق طريق بورتسودان وتوقف الميناء، واستخدام الموانىء المصرية لانسياب البضائع السودانية”، مؤكدا “سعي الحكومة لاتفاق مرضي لكافة أهل الشرق وتوسيع مساره ليضم كل المكونات”.
وكان عضو المجلس الأعلى لنظارات البجا، عبود الشربيني، قد كشف لـ”القدس العربي” أن وعودا تلقوها بتعليق مسار الشرق بشكل رسمي إجراءات أخرى تحقق مطالبهم، مؤكدا أنه في حال تنفيذ الحكومة لوعودها سيتوقفون عن قرار الإغلاق.وكان رئيس الوساطة الجنوب سودانية توت قلواك، قد عقد مجموعة من اللقاءات مع أطراف الأزمة في شرق سودان، خلال اليومين الماضيين.وأكد في تصريحات أمس الثلاثاء، تعليق مسار شرق السودان في اتفاق السلام لمدة أسبوعين، مشيرا إلى الاتفاق على تكليف اللجنة العليا لترتيب الأوضاع في شرق السودان والتحضير لمؤتمر شامل لشرق السودان.