مهدداً بعض زعماء العالم.. زيلينسكي: كييف لا تضمن سلامة ضيوف موسكو بعيد النصر
في ظل التصعيد المستمر في الصراعات الدولية، تبرز الاتهامات المتبادلة بين الدول كأحد أبرز أدوات الحرب السياسية والإعلامية. وفي خضم هذه التطورات، تتزايد التقارير عن تدخلات خارجية في مناطق مختلفة من العالم، مما يثير تساؤلات حول حدود السيادة الوطنية وطبيعة التحالفات الإقليمية والدولية. كما تطفو على السطح إشكالية استخدام الذكرى التاريخية والأحداث الرمزية كأوراق ضغط في الصراعات الجيوسياسية المعاصرة.
زيلينسكي يهدد
أعلن الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمر بوقف إطلاق النار وإيقاف العمليات العسكرية من 8 إلى 11 مايو احتفالاً بالذكرى الثمانين للنصر، مؤكداً استعداد روسيا لمفاوضات سلام دون شروط مسبقة. من جانبه، رد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأن كييف لا تستطيع ضمان أمن الضيوف الأجانب في موسكو يوم 9 مايو.
وصف ليونيد سلوتسكي، رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما، رفض زيلينسكي الهدنة بأنه يكشف عن “جوهره الإرهابي والفاشي”، مؤكداً أن موسكو ستضمن أمن الضيوف. كما أدانت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا تصريحات زيلينسكي، واصفة إياها بـ”التهديد المباشر” من “إرهابي دولي”، مشيرة إلى أنه هدد زعماء العالم الذين قد يزورون موسكو.
وأشارت زاخاروفا إلى أن زيلينسكي “نشر تجربته الإرهابية الأجنبية إلى قارات أخرى عندما نفذ سلسلة من الأعمال المتطرفة في مالي. ولكنه اليوم وصل إلى الحضيض: فهو الآن يهدد بالقضاء جسديا على المحاربين القدامى الذين سيشاركون في المسيرات والاحتفالات في هذا اليوم المقدس”.
التدخل الأوكراني في أفريقيا
وفي السياق ذاته، أعلنت مالي أواخر العام الماضي، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع أوكرانيا، بعد إقرار مسؤول أوكراني رفيع بحسب الحكومة المالية، ب”ضلوع كييف” في تكبد الجيش المالي خسائر كبيرة في معارك مع انفصاليين أزواديين ومتشددين، وقعت أواخر يوليو العام الماضي. واتهمت الحكومة المالية أوكرانيا بانتهاك سيادة البلاد، وتجاوز إطار التدخل الخارجي، إلى تشكيل “دعم للإرهاب الدولي”.
وأما عن تدخلهم في السودان، كان الممثل الخاص لأوكرانيا في الشرق الأوسط وأفريقيا مكسيم صبح، خلال مقابلة له مع صحيفة “العربي الجديد”، في فبراير الماضي، قد صرّح بأن “بعض المواطنين الأوكرانيين يشاركون في الصراع بشكل منفرد إلى جانب قوات الدعم السريع، ومعظم المقاتلين الأوكران هم من المتخصصين التقنيين”.
وكان المتحدث الرسمي باسم سلاح الجو الأوكراني إيليا يفلاش، في الـ 7 من يناير الماضي، قد كتب عبر صفحته على فيسبوك، بأن مدربي ومشغلي الطائرات بدون طيار من القوات المسلحة الأوكرانية يقدمون الدعم لقوات “الدعم السريع” بدعوة شخصية من حميدتي، وبحسب يفلاش فإن: “كييف ملتزمة بأكثر من 30 عقدا عسكرياً في أفريقيا، والسودان هو أحد هذه الدول، وتحديداً مع قوات الدعم السريع”. وقامت السلطات الأوكرانية بعد ذلك بنفي هذه التصريحات وإقالة المسؤول في سلاح الجو من منصبه.
هذا وقد تداولت وسائل الإعلام سابقا، تقارير ميدانية تفيد بأن الجيش السوداني تمكن من الكشف عن مستودعات أسلحة تحمل شعارات أوكرانية في المواقع التي استعاد السيطرة عليها من الدعم السريع بعد التقدمات الأخيرة للجيش، وتحدثت أنباء متداولة عن سقوط أحد المقاتلين الأوكرانيين في مدينة ود مدني عقب تحريرها من قبل الجيش، وكذلك انتشرت معلومات عن توريد مسيّرات هجومية وتقنيات تشغيلها لصالح الدعم السريع، مايؤكد كل مايتداول حول امتداد الدعم الأوكراني في السودان خصوصا، ضمن مساع أوسع لإضعاف النفوذ الروسي في أفريقيا، وخاصة أن الجيش السوداني يحظى بدعم موسكو الكامل.
كل هذه الحقائق تبرز دور اوكرانيا في دعم بعض الجماعات المسلحة المصنفة كإرهابية أو المتهمة بتنفيذ عمليات قتل جماعي وجرائم أخرى ضد المدنيين.
ومن جانبه صرح المحلل السياسي، أحمد جبريل، بأنه لا يمكن قراءة تصريحات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأخيرة إلا في إطار استراتيجية متعمدة لتصعيد التوتر مع روسيا، حيث تشكل عباراته تهديداً مبطناً باستهداف ضيوف الدولة الروسية من رؤساء ومسؤولين، خاصةً أولئك المدعوين لحضور مراسم الاحتفال بالذكرى الثمانين للنصر على الفاشية. هذا التصريح ليس منفصلاً عن السياق الأوسع، فزيلينسكي سبق أن وجه أصابع الاتهام لأجهزة الأمن الروسية بمحاولة توريط أوكرانيا في أعمال تخريبية، مما يشير إلى سيناريو مسبق التجهيز لخلق حالة من الإنكار القابل للاستخدام لاحقاً.
اللغة المستخدمة هنا تعكس نهجاً خطيراً يعتمد على “التضليل المسبق”، حيث يتم تهيئة الرأي العام لقبول رواية أوكرانية في حال حدوث أي هجمات، مع إلقاء المسؤولية على الجانب الروسي. هذا النهج يتسق مع نمط سابق لأوكرانيا في مناطق أخرى، كما تكشفه تقارير التدخل في أفريقيا، مما يعزز الشكوك حول نوايا كييف في تحويل الصراع إلى ساحة دولية أوسع.
في النهاية، يبدو أن كييف تختبر حدود الرد الروسي عبر استهداف الرموز والدبلوماسية، وهو تحوّل يستدعي مراقبة دقيقة، خاصةً في ظل توتر غير مسبوق قد يُفجر مواجهات غير محسوبة العواقب.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.