السودان معاناة إثر معاناة .. جائحة كورونا ومن قبلها العقوبات الأميركية
وكأن لسان حال الشعب السوداني البسيط يقول إن جائحة كورونا جاءت لتكمل ما فعلته العقوبات الأميركية من تردي لاحوال السودان الاقتصادية، أو كأنهم يقولون: “الفينا مكفينا”، وهو مثل سوداني للدلالة على توالي الأزمات.
وأمس السبت دخلت العاصمة السودانية الخرطوم مكوثًا اجباريًا يستمر لثلاثة أسابيع قادمة، وذلك ضمن الإجراءات الاحترازية التي قامت بها السلطات للحد من تفشي انتشار وباء كورونا.
وكان السودان قد سجل أعلى حصيلة لحالات الإصابة بفيروس كورونا أمس الأول بعد اكتشاف 30 حالة جديدة .
ومع تسجيل 30 حالة جديدة، يرتفع العدد الكلي لحالات الإصابة بفيروس كورونا إلى 66 حالة، و10 وفيات.
قائمة العقوبات تفاقم المعاناة
وقبل بداية الثلاثة أسابيع للدخول في فترة الإغلاق الكامل في العاصمة الخرطوم، منحت السلطات المواطنين ثلاثة أيام من أجل تجهيز أنفسهم وتأمين الاحتياجات الضرورية.
وعلى الرغم من التأكيد المستمر للسلطات، بأن الخدمات الأساسية ستكون متوفرة للمواطن خلال فترة الإغلاق ولكن بضوابط محددة، إلا أن حالة من الهلع أصاب المواطن السوداني، وسيطر الحديث عن الارتفاع المهول في أسعار السلع الأساسية والمخلوف من هشاشة البنية الصحية على الاهتمام الأكبر.
وفي ذات الوقت برز اتجاه، يؤكد بأن انفلات الأسواق وتدهور المؤسسات الصحية، أسهمت العقوبات الأميركية في تدهورهما كما هو حال الاقتصاد السوداني، وذلك منذ أن تم وضع اسم السودان ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب منذ منتصف التسعينات من القرن الماضي.
وشكلت تلك العقوبات قاسمًا مشتركًا في زيادة حدة الأزمة التي يعيشها السودان حاليًا مع تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد.
فيروس العقوبات
السلع الأساسية في السودان تشهد ارتفاعًا ملحوظًا خلال فترة زمينة وجيزة، وذلك على خلفية ضعف العملة المحلية، التي تأثرت بالعقويات الاقتصادية الأميركية المفروضة على السودان والتي ألحقت ضررًا كبيرًا بالبنية الاقتصادية في البلاد، وخطورتها الشديدة على حياة الإنسان السوداني العادي الذي يدفع ثمن أخطاء وسلوكيات نظام المعزول عمر البشير الذي أطاحت به ثورة شعبية في أبريل 2019.
مأزق حقيقي
ويرى رئيس حزب المؤتمر السوداني، عمر الدقير والقيادي في قوى إعلان الحرية والتغيير، أن العقوبات الاقتصادية كان لها تأثيرها الكبير والمباشر على حياة الشعب السوداني، وفي هذا الوقت تحديدًا الذي يعيش يواجه فيه السودان تحديًا صحيًا على خلفية جائحة كورونا التي أصابت العالم أجمع.
ويؤكد الدقير في تصريحاته لموقع (سكاي نيوز عربية) أن النظام السابق هو المتسبب الأول في إدخال السودان في هذا المأزق.
ويقول الدقير إن العقوبات الاقتصادية أضرت بالشعب السوداني الذي كان هو نفسه ضحية لإرهاب نظام البشير، مما يعني انتفاء الأسباب.
وشدد الدقير على مساعي الحكومة الانتقالية التي تهدف إلى إزالة اسم السودان من القائمة، مشيرًا إلى الاتصالات الجادة التي قامت بها مع الإدارة الأميركية في هذا الصدد، وذلك من أجل تخفيف الضغوطات اليومية التي يواجهها بسبب تلك العقوبات.
ووفقا للدقير، فإن المنطق العدالي والإنساني يتطلب من الولايات المتحدة أن ترفع العقوبات المفروضة على السودان حتى يتمكن من مواجهة جائحة كورونا ، وحماية أرواح مواطنيها وتجاوز الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعصف بهم وتجعل الغالبية منهم يواجهون صعوبة بالغة في الحصول على السلع والخدمات الأساسية.
أمر غير مبرر
أما الأمين العام لجميعة حماية المستهلك السودانية، ياسر ميرغني، فيؤكد بأن استمرار تواجد اسم السودان ضمن قائمة الإرهاب الأميركية يعد أمر غير مبرر، وذلك لأن سياسة النظام السابق هي من تسببت بفرض العقوبات على السودان، وبعد رحيل نظام البشير لم يعد هنالك أي جدوى من تواجد السودان ضمن القائمة السوداء الأميركية، لأن المتضرر الوحيد هو المواطن السوداني.
يصف محمد ابراهيم قرض وهو صيدلاني متخصص في مجال استيراد الأدوية والأجهزة الطبية الأضرار التي لحقت بالقطاع جراء العقوبات بالكارثية.
ويشير إلى أن النقص الكبير في الأدوية والأجهزة والمعينات الطبية الذي يعاني منه السودان في ظل مخاوف انتشار جائحة فيروس كورونا الحالية هو انعكاس طبيعي للقيود والصعوبات التي أوجدتها العقوبات المرتبطة بوضع اسم السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب.