بين العسكر والمدنيين .. عراقيل تهدّد بتفجير الاتفاق في السودان

0

في أوّل اتفاق من نوعه بعد إسقاط عمر البشير، توّصلت المعارضة المدنية والعسكريون إلى حلّ أكبر النقاط العالقة في مستقبل البلاد، وذلك بإعلان إقامة مجلس للسيادة سيكون ممثلاً بشكل متوازن نسبياً بين الجانبين، وسيرأسه الطرفان بشكل متناوب لمدة تصل إلى ثلاث سنوات، أيْ خلال المرحلة الانتقالية.الاتفاق دون التطلعات، ولا يستحق التهليل والتأييد الذي يعبّر عنه البعض” يقول منتصر أحمد محمود، ناشط سياسي سوداني مستقل، لكنه يستدرك القول إنه يجب كذلك التعامل مع الاتفاق بـ”منطق واقع الحال، والاستفادة ما أمكن من الحقوق التي ستمنح في المرحلة المقبلة”، متحدثا:” أنا لست متفائلاً، لكنني مراهن على الشارع السوداني في التصدي لأيّ انقلاب جديد”.

عراقيل أمام الاتفاق

عاش السودانيون لعقود تحت سيطرة تحالف بين الجيش وقوى سياسية متعددة آخرها حزب المؤتمر الوطني، ذو المرجعية الإسلامية. ويُدرك المتتبعون أنّ خروج العسكر من المعترك السياسي لن يكون هيناً، وقد يستعين بأطراف سياسية داخلية أخرى لتثبيت وجوده عبر صفقات يتقاسمون من خلالها النفوذ، أو حتى أطرافاً إقليمية تتوجس من صعود تيارات ديمقراطية في السودان، بما أن ذلك قد يهدّد مصالح هذه الأطراف.

ولا تتوقف القوى المناوئة للثورة فقط عند الحدود الإقليمية، بل يرى منتصر أحمد محمود أن قوى دولية أخرى كذلك رفضت هذه الثورة، “ومنها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، التي كانت منذ البداية ضد تغيير نظام البشير”، حسب زعمه، لكن عندما تأكدت أنه راحل لا محالة، تغوّلت لأجل تأكيد مصالحها عبر فرض المجلس العسكري ودعمه في سياسة “العصا والجزرة”، أي قمع المتظاهرين ثم تقديم بعض الوعود إليهم وفق قوله. ويرى منتصر أن السودان سيكون مختطفا في المرحلة المقبلة بما يحقق مصالح هذه القوى التي التزم معها المجلس بعدة صفقات.اتفاق تاريخي” سيغيّر وجه السودان وشرق أفريقيا، وهو ليس نتيجة تحالف السلطة والمال والقوة، بل هو نتيجة خضوع المال الخليجي للقوة الأميركية والصهيونية، إنه فصل من فصول الحرب الناعمة على أمتنا، الانتصار والسيطرة من دون إطلاق رصاصة واحدة.ينفجر الخلاف بين المكونين المدني والعسكري الذين يشتركان في حكم السودان شيئا فشيئا، مع تصريحات من كل طرف تحمّل الآخر مسؤولية الفشل في إدارة الفترة الانتقالية التي تعيشها البلاد بعد ثورة أطاحت بحكم عمر البشير الذي طال ثلاثين عاما. 

أسباب الخلاف

يرى المسؤول في اللجنة القانونية في قوى الحرية والتغيير، وعضو التحالف الديمقراطي للمحامين، سمير شيخ، أن الخلاف بين المكونين المدني والعسكري يعود إلى ثلاثة أسباب رئيسية. 

يقول الشيخ الأمر الأول يتعلق باللجنة الأمنية والمكون العسكري حيث أنه مسؤول عن إجهاض الثورة ويعمل على إعاقة استكمال متطلبات الثورة، فضلا عن مسؤولية الجيش عن مجزرة فض الاعتصام وعدم إنفاذ القوانين وعدم هيكلة القوات النظامية وتصفية النظام السابق حتى الآن”.

أما السبب الثاني في الخلاف فهو “تغول المجلس العسكري على صلاحيات المكون المدني، وعلى السلطة المدنية ومحاولة إضعافها وإظهار أنه المسيطر، كما حدث في مهمة السلام مع الحركات المسلحة، من المفترض أنها من اختصاص الحكومة المدنية، لكن المجلس العسكري تغول على مسألة السلام، وهم الذين وقعوا الاتفاقية حتى أن وجود رئيس الوزراء عبدالله حمدوك في الاحتفالات كان تشريفيا”.ورفضت الحكومة الانتقالية قرار البرهان معتبرة أنه تخطى صلاحياته عبر إناطة صلاحيات موسّعة بهيئة جديدة، مشيرة إلى أنه يتناقض مع “الوثيقة الدستورية” الموقعة في أغسطس العام الماضي بين نشطاء مؤيدين للديمقراطية والقادة العسكريين.

واتهمت قيادات عسكرية بمجلس السيادة المكون المدني بالاستغراق في الخلافات الداخلية من دون رؤية موحدة للتعامل مع تردّي الأوضاع المعيشية في البلاد، وهي الاتهامات التي يردّ عليها المدنيون بتوجيه اتهامات مماثلة للعسكريين بالتباطؤ في إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية والسماح لفلول الرئيس السابق عمر البشير باختراقها وتصدير الأزمات واحدة تلو الأخرى.

وانتقد النائب الأول لرئيس مجلس السيادة السوداني محمد حمدان دقلو الأوضاع في السودان متحسراً على إهدار العديد من الموارد بسبب الخلافات السياسية، وشدد على أهمية تناسي الخلافات الحزبية والتخوين وإطلاق الاتهامات جزافاً ومحاكمة المفسدين والمجرمين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.