تبون يعمل على هيكلة القوات النظامية.. والهدف تقوية الجيش والمخابرات
هاجم العديد من النشطاء ورواد مواقع التواصل الاجتماعي في جمهورية الجزائر قبل تعليق تظاهرات الحراك الشعبي في البلاد في 20 مارس الماضي، قائد جهاز الأمن الداخلي التابع للمخابرات واسيني بوعزة .
إقالة مدير الأمن الداخلي
وكان السبب الأساسي في مهاجمة بوزعرة هو اتهامه بمحاولة لعب نفس دور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لجهة القمع وحملة الاعتقالات والتضييق على الناشطين والمعارضين والصحافيين، والضغط على القضاء والقضاة لإدانة الناشطين، والضغط على الإعلام، خصوصاً أن هذه الممارسات البوليسية سبّبت حرجاً كبيراً داخلياً وخارجياً للسلطة السياسية الجديدة .
وكانت تذهب هذه الممارسات باتجاه مخالف تماماً لرغبة والتزامات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون التي أعلنها للجزائريين والتعهدات الخاصة التي قطعها مع شخصيات معارضة التقاها عقب تسلمه السلطة في الجزائر .
لكن تبون وفي غفلة أزمة وباء كورونا المستجد في البلاد، قرر أمس الأول الإثنين إقالة المدير العام للأمن الداخلي، إحدى الأذرع الثلاث لجهاز المخابرات الجزائرية، وتعيين العميد عبد الغني راشدي بدلاً عنه .
يأتي ذلك بعد أقل من أسبوع من إقالة مدير دائرة حيوية في الجيش الجزائري هي “التحضير والعمليات”، اللواء محمد بشار، وتعيين اللواء محمد قايدي خلفاً له .
مرحلة ما قبل الانتخابات
وهاتان الخطوتان ترسمان بعض المؤشرات المتعلقة بمعالجة مخلّفات مرحلة ما قبل الانتخابات الرئاسية في ديسمبر الماضي، وتطلقان في المقابل إشارات إيجابية باتجاه رغبة جدية للرئيس تبون في إعادة هندسة مراكز السلطة، واستبعاد الجهاز الأمني من أي تأثير في المشهد السياسي وحصره في نطاق مهامه الأمنية فقط، قبل بدء الرئيس في إطلاق خطته للإصلاح السياسي والدستوري في البلاد .
وكان قائد الجيش بالنياب اللواء سعيد شنقريحة قد أشرف على تنصيب راشدي مديراً عاماً للأمن الداخلي، وقال لكبار الضباط في الجهاز: “إني آمركم جميعاً بالعمل تحت سلطته وطاعة أوامره وتنفيذ تعليماته، بما يمليه صالح الخدمة الوطنية تجسيداً للقواعد والنظم العسكرية السارية وقوانين الجمهورية الجزائرية، والالتفاف حول قائدهم الجديد ومساعدته على أداء مهامه بأكمل شكل ممكن ” .
وكان راشدي قد تخرّج من المدرسة العليا للأمن التابعة لجهاز الاستخبارات، ويحوز أيضاً على شهادة دكتوراه في العلوم السياسية، وعمل في عدد من الولايات الجزائرية كمدير لقسم الاستخبارات والتنسيق الأمني، كما أنه عمل كضابط لجهاز المخابرات الجزائرية في عدة عواصم في العالم .
وفي العام 2017، عهد إليه الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة بإنشاء وإدارة معهد الدراسات العليا في الأمن الوطني كمؤسسة مستقلة ملحقة بالرئاسة.
أسباب الإقالة
إن ملف الضغوط الأمنية في الجزائر على القضاء والتجاوزات التي حدثت في الفترة الأخيرة، لا سيما في قضية محاكمة الناشط البارز كريم طابو والطريقة الهوليوودية في اعتقال الناشط إبراهيم دواجي وغيرها، قد تكون وراء إقالة قائد أهم جهاز في الاستخبارات .
ومن الواضح أن بوعزة يتحمّل مسؤولية كبيرة في التجاوزات المفضوحة التي ارتكبتها بعض المحاكم لا سيما محكمة سيدي أمحمد ومجلس قضاء الجزائر، وتحديداً في قضية محاكمة كريم طابو، التي فضحت تدخلات بوعزة في شؤون القضاء، وزاده كذلك بيان نقابة القضاة الأخير الذي دعا تبون صراحة للتدخل في الوضع الحاصل .