حزب السودان الحاكم سابقا يعود للساحة.. على مرأى ومسمع من الجيش
منذ قيام الجيش بانقلاب في السودان قبل ستة أشهر، سُمح للكثير من حلفاء الرئيس المخلوع عمر البشير بالعودة للخدمة المدنية، بينما أُخرج آخرون من السجون في محاولة على ما يبدو لتشكيل حكومة وطمأنة المانحين.
تأتي عودة حزب المؤتمر الوطني، الذي حكم السودان في عهد البشير قبل الإطاحة به في انتفاضة شعبية في 2019، وسط أزمة اقتصادية متفاقمة واحتجاجات مستمرة في الشوارع تطالب بالرجوع إلى الحكم المدني.
“التيار الإسلامي العريض”
وفي مؤتمر صحفي يوم الاثنين، أعلن أعضاء بعدة جماعات إسلامية منها حزب المؤتمر الوطني عن تدشين “التيار الإسلامي العريض”، في إشارة إلى عودتهم الرسمية إلى الحياة السياسة.
من ناحية أخرى، يُودع السجن مسؤولون يترأسون فريق عمل تم تعيينه لتفكيك نظام البشير.
والتطورات تعكس توجهات مضادة للثورات في أنحاء الشرق الأوسط بعد انتفاضات الربيع العربي في 2011.
والجماعات المطالبة بالديمقراطية، والتي ساعدت في الإطاحة بالبشير لكن الانقلاب زج بها خارج ترتيب لتقاسم السلطة، لديها مخاوف من عودة الحكم الشمولي الذي جاهدت لإنهائه.
وتسعى قوى إقليمية مهمة، منها مصر ودول بمنطقة الخليج، لتحجيم نفوذ جماعة الإخوان المسلمين دوليا، وقد يتملكها قلق حيال عودة نشاط الشبكات الإسلامية السودانية. لكنها ربما لا تزال ترى الجيش السوداني أفضل حليف في دولة هشة ذات موقع استراتيجي.
قالت أماني الطويل من مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في مصر “السودان يعاني أزمة وجودية … الجميع قلقون من التهديد الذي يواجه البحر الأحمر والساحل وإمكانية تحول السودان إلى مركز للإرهاب”.
وعلى الصعيد الداخلي، لا يزال دور الإسلاميين المهيمن في عهد البشير عالقا بالأذهان، لذا فإن السماح بعودتهم إلى الساحة قد لا تحظى بشعبية.
وظل حزب المؤتمر الوطني، المرتبط بجماعة الإخوان المسلمين، في السلطة في فترة شهدت حربا أهلية وتدهورا اقتصاديا وانتهت بالإطاحة بالبشير.
وتتملك المحتجين، الذين استمروا في تنظيم مسيرات مناهضة للجيش خلال شهر رمضان، مخاوف من أن يحاول الإسلاميون الوقوف في صف الجيش والعمل معه بهدف استعادة السلطة.
وقال رئيس حزب المؤتمر السوداني المنادي بالديمقراطية عمر الدقير هذا الشهر “حلف غير مقدس… ليعيد بلادنا مرة أخرى إلى ثنائية الاستبداد والفساد وما تنتجه من محاصيل الشقاء والعناء”.
وقال المحلل سليمان بلدو إن عودة الإسلاميين مع متمردين سابقين وجماعات أخرى موالية للجيش يمكن أن تؤجج التوتر السياسي وإنها ساهمت بالفعل في حالة الشلل الإداري.
ولم يرد مسؤول كبير في حزب المؤتمر الوطني على طلبات الإدلاء بتعليق.
ونفى مصدر مسؤول كبير وجود أي تحالف مع الإسلاميين قائلا إن الجيش يسعى لتحقيق “توافق وطني واسع” يستثني حزب المؤتمر الوطني.
وقال البرهان في 15 أبريل-نيسان إن إعادة بعض المرتبطين بنظام البشير لمناصبهم ستكون محل مراجعة وإنه يمكن الإفراج عن قيادات اللجنة التي أمرت بالتفكيك ومصادرة الأصول المرتبطة بحزب المؤتمر الوطني.
لكن يبدو أن العودة غير الرسمية لحزب المؤتمر الوطني تتسارع وتيرتها. ففي الأشهر القليلة الماضية، أعادت محكمة خاصة إلى العمل عشرات من موظفي البنك المركزي والقضاء والنيابة العامة ومكتب رئيس الوزراء ووزارة الخارجية ووسائل الإعلام الحكومية من بين مؤسسات أخرى.
وتقول مصادر في وزارة الخارجية إنه تم تكليف بعض الدبلوماسيين العائدين بقيادة بعثات في الخارج، في حين تقرر الأسبوع الماضي استبدال رئيس هيئة البث الحكومية المعين مدنيا.
وفي مارس-آذار تقرر رفع التجميد عن نحو ألف حساب بنكي، قبل أن يعاد تجميدها بعدها بأسبوعين بموجب أوامر من البنك المركزي. وفي الشهر الحالي، بُرئت ساحة رئيس حزب المؤتمر الوطني إبراهيم غندور من ارتكاب جرائم ضد الدولة وأُخلي سبيله. وقد كرر وصف قادة الجيش لانقلاب 25 أكتوبر-تشرين الأول بأنه إجراء تصحيحي
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.