عام على سقوط الديكتاتور .. السودان آمال شعب وتحديات بالجملة
شكل الحادي عشر من أبريل أهزوجة سودانية ماثلة للعيان حينما تم الإعلان عن سقوط الديكتاتور .. ديكتاتور ظل متشبثًا بكرسي الحكم طوال ثلاثة عقود ضاق فيها شعبه مرارة التمكين والفساد فيما كان التلاعب باسم الدين سمة بارزة لحكم ما يعرف بـ(ثورة الإنقاذ).
والآن وعقب سقوط الديكتاتور تبدو التحديات ماثلة للعيان لا تغفلها العين، في الوقت الذي يتحرك فيه النظام الحالي نحو الديمقراطية ببط، حيث تبرز تلك التحديات السياسية والاقتصادية الهائلة يُضاف إليها وباء كورونا.
خرق الدستور
اتهم المدعي العام الأعلى في البلاد، سعيد اليزال محمد ساري، الرئيس المعزول عمر البشير، الإسبوع الماضي، بخرق الدستور عندما قام بانقلاب 1989. وبهذا يجد الدكتاتور السابق الذي أطاح به الجيش قبل عام، أي في 11 أبريل 2019 بعد مظاهرات حاشدة نفسه أمام كارثة قانونية إضافية. وقبل ذلك، في ديسمبر حُكم عليه بالسجن لمدة عامين بسبب الفساد.
علاوة على هذا أعلنت الحكومة الانتقالية المؤلفة من عسكريين ومدنيين بعد الانقلاب ضده في فبراير الماضي 2020 استعدادها لإحالة الدكتاتور السابق إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي بسبب جرائم حرب مفترضة في دارفور.
سقوط الديكتاتور
الثورة السودانية مضت بالمقارنة بوتيرة سريعة. وهذا يعود لعدة أسباب. فالسودانيون الكبار على الأقل تمكنوا مع منعطفين سابقين في 1964 و 1985 من جمع تجارب مع انتفاضات ضد أنظمة غير مرغوب فيها.
كما أن البشير لم يحظ بدعم جميع ممثلي الأجهزة الأمنية. والمتظاهرون الذين أجبروا الجيش باحتجاجاتهم الحاشدة على الانقلاب ضد البشير تمكنوا من الاعتماد على الدعم الأخلاقي ليس فقط من الاتحاد الأوروبي، بل حتى من الاتحاد الافريقي.
وعندما اتضح أن الوضع سيتدهور اقتصاديا تحت البشير، سحب الكثير من رجال الأعمال دعمهم. وتحت البشير كانت البنية التحتية على كل حال منهارة بشكل واسع: الزراعة وقطاع الصحة والنقل وقطاع التعليم ـ قلما كان قطاع يعمل بنجاح. كما أن البلاد خسرت شطرها الجنوبي في 2011 ومعه موارد النفط المربحة هناك. كل هذا أدى إلى بزوغ الانتفاضة التي شملت أجزاء في البلاد وشرائح سكانية واسعة. فالحدود العرقية والاجتماعية والدينية التي عرف البشير استغلالها بحنكة لضمان سلطته لم تعد تلعب أي دور في الانتفاضة ضده، فالناس تجاوزوا تناقضاتهم وطالبوا بحكومة ديمقراطية مدنية.
مشاكل قائمة
لكن التطور منذ تلك اللحظة لم يكن محميا من انتكاسات. فصدمة غير منسية تتمثل في مذبحة حصلت في 3 يونيو 2019 في الخرطوم ـ أكثر من مائة متظاهر تم رميهم بالرصاص في يوم واحد في تجمع احتجاجي، والحقيقة غير معروفة إلى يومنا هذا.
وأوائل مارس 2020 تم تنفيذ اعتداء على رئيس الوزراء عبد الله حمدوك المحسوب على معسكر المدنيين. ونجا حمدوك الذي أعلن أن الهجوم بالنسبة إليه دفعة إضافية لدفع عجلة التحول إلى الأمام. لكن هذا يعني أيضا أن عليه حل بعض المشاكل التي ظلت قائمة عقب سقوط البشير.
والكثير من السودانيين ينتابهم القلق من أن الجيش في الحقيقة يريد فقط ضمان سلطته السياسية عوض السير في طريق الدولة المدنية التي يخضع فيها العسكريون أيضا للقانون.
إنهاء النزاعات المسلحة
كما أن الحكومة المدنية الجديدة أعلنت أن إنهاء النزاعات المسلحة المتبقية في السودان من أولوياتها الكبرى، فمنذ أكتوبر تتفاوض في جوبا بالجنوب مع مجموعات متمردين مختلفة. كما وجب تقديم آفاق للاجئين الداخليين.
ففي دارفور وحدها يُعتبر 1.8 مليون شخص مهجرين داخليين، وغالبيتهم تعيش في مخيمات. وحتى الوضع الاقتصادي يبقى مخيبا للأمل، فالسودان ينتمي للدول العشر الأكثر مديونية في العالم، وذلك وفقًا لموقع (DW) بالعربي.
مكافحة الفساد
أعلنت لجنة إزالة التمكين فى السودان أمس الجمعة، استرداد 99 قطعة أرض من وزير الخارجية الأسبق علي كرتي و 22 قطعة من وزير الزراعة الأسبق عبد الحليم المتعافي وتسجيل ملكيتهما لصالح وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي بحسب اخبار السودان.
يذكر أن لجنة ازالة التمكين ومحاربة الفساد واسترداد الأموال فى السودان قد أعلنت يوم الخميس 2 أبريل عدة قرارات تراوحت بين الإعفاء لمديري إدارات بعدد من الوزارات إلى إنهاء خدمات عدد من العاملين بوزارتي المالية والشباب والرياضة وإلغاء تسجيل وتراخيص عدد من المنظمات والشركات.