لماذا تبنت إدارة بايدن نظرية تسرب فيروس كورونا من مختبر ووهان؟

0

أمر جو بايدن المخابرات الأمريكية، في الأسبوع الماضي، بتكثيف الجهود لتحديد مصدر نشأة “كوفيد-19″، الأمر الذي أعاد للحياة نظرية أنَّ الفيروس ربما يكون قد تسرب من معهد ووهان الصيني لعلم الفيروسات، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Financial Times البريطانية.

لماذا تبنت إدارة بايدن تلك النظرية؟

وقال بايدن إنَّ المخابرات الأمريكية “اجتمعت حول سيناريوهين”: أنَّ الفيروس إما ظهر بشكل طبيعي أو كان نتيجة حادث مختبر. 

كانت هذه هي المرة الأولى التي يعطي فيها الرئيس الأمريكي مصداقية لاحتمالية تسرُب الفيروس من المختبر، وهي فكرة تعرضت لانتقادات واسعة باعتبارها نظرية مؤامرة منذ أعلنها سلفه دونالد ترامب لأول مرة.

وقبل فترة، قيل إن إدارة بايدن قد أغلقت التحقيق الذي كانت تقوم به وزارة الخارجية الأمريكية بناء على طلب الرئيس ترامب، لتقييم نظرية التسرب، حسبما ورد في تقرير لموقع هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي“.

وقال مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون إنَّ هناك عدة أسباب وراء استعداد إدارة بايدن للترويج علناً ​​لنظرية انتقدها الديمقراطيون سابقاً.

باحثون صينيون أصيبوا بأعراض الفيروس

وقبل أيام من أداء بايدن اليمين، أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية وثيقة وقائع عن معهد ووهان قالت فيها إنَّ العديد من الباحثين أصابتهم أعراض تشبه أعراض “كوفيد” قبل أول حالة معروفة علناً. وقالت أيضاً إنَّ المعهد عمل سراً مع الجيش الصيني.

وقال التقرير الاستخباراتي الأمريكي سري إن ثلاثة باحثين في مختبر ووهان، قد تلقوا العلاج في المستشفى في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 قبل أن يبدأ الفيروس في إصابة البشر في المدينة، حسب ما نشرته وسائل الإعلام الأمريكية مؤخراً.

ولم يأخذ النقاد هذا الادعاء على محمل الجد بسبب الرأي القائل بأنَّ وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو يميل إلى تسييس المعلومات الاستخباراتية، بجانب تركيز الناس أيضاً على تداعيات أعمال الشغب في الكونغرس في السادس من يناير/كانون الثاني ومراسم تنصيب بايدن.

العلماء صمتوا حتى لا يستفيد ترامب

لكن أحد الأشخاص المُطلعِين على النقاش قال إنَّ العامل الدافع هو التحول بين العلماء الذين كانوا قلقين من مساعدة ترامب قبل الانتخابات أو إغضاب العلماء المؤثرين الذين رفضوا النظرية، حسبما ورد في تقرير صحيفة The Financial Times.

وأضاف أنَّ هذا ساعد في جعل الديمقراطيين أكثر استعداداً لإعادة التفكير في النظرية. وقال: “أهم شيء حدث هو أنَّ علماء الفيروسات البارزين بدأوا يتحدثون صراحةً منذ ذلك الحين”.

وفي رسالة إلى دورية Science، قالت مجموعة من 18 عالماً بارزاً إنَّ كلتا النظريتين “قابلة للتطبيق” ويجب أخذهما “على محمل الجد” حتى نحصل على بيانات كافية. وأضافوا أنَّ التحقيق الأخير الذي أجرته منظمة الصحة العالمية مع الصين لم يكن متوازناً في مراجعته لكلا السيناريوهين.

تجدر الإشارة إلى أنه يعتقد أن المجتمع العلمي يميل لليبرالية، ويناصب اليمين المحافظ الذي يمثله ترامب العداء.

وكان ترامب قد اتهم هيئة الغذاء والدواء الأمريكية وشركة فايزر بتأخير الإعلان عن التوصل للقاح بعد الانتخابات لضمان خسارته وفوز بايدن، حسبما نقلت عنه شبكة “سي إن إن” الأمريكية.

وقال ترامب، الشهر الماضي في خطاب ألقاه أمام رعاة “الحزب الجمهوري”، في مار ألاغو بولاية فلوريدا، إن لقاح كورونا يجب أن يُسمى “ترامبسين” تيمُّناً باسمه؛ لأنه هو من ساهم في تطوير العديد منها.

منظمة الصحة العالمية تغير رأيها تدريجياً

وكان خبراء منظمة الصحة العالمية قد قاموا بمهمة بين 14 يناير/كانون الثاني و9 فبراير/شباط في الصين التي ظهرت فيها أولى حالات المرض في ديسمبر/كانون الأول 2019، لكنهم اعتبروا أن فرضية تسرب الفيروس من مختبر هي الأقل ترجيحاً.

ثم قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس بعد ذلك إنه رغم أن الخبراء الذين أجروا في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط تحقيقات في الصين حول منشأ الفيروس، خلصوا إلى أن فرضية تسرّب الفيروس من مختبر هي الأقل ترجيحاً، إلا أن الأمر “يتطلّب تحقيقاً أوسع، على الأرجح عبر بعثات جديدة مع خبراء متخصصين” أبدى استعداده لإرسالهم.

وذكر مدير المنظمة أن الخبراء الدوليين “عبروا عن صعوبات في الوصول الى البيانات الأولية” أثناء إقامتهم في الصين، لإجراء التحقيق، مضيفاً: “آمل أن تستند الدراسات الجديدة المشتركة على تقاسم بيانات بشكل أوسع وأسرع”.

وأعربت 14 دولة عن “قلقها المشترك” حيال تقرير خبراء منظمة الصحة العالمية حول منشأ كوفيد-19 وحثت الصين على السماح للخبراء “بوصول كامل” إلى كل البيانات.

وعقب ذلك، دعا المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، بدوره إلى إجراء تحقيق جديد.

المختبر قريب من السوق الذي ظهر فيه الفيروس

ويشير أنصار نظرية تسرب الفيروس من مختبر في مدينة ووهان بوسط الصين، إلى وجود منشأة أبحاث بيولوجية رئيسية في المدينة، ألا وهي معهد ووهان لعلم الفيروسات، حيث كان المعهد يدرس فيروسات كورونا في الخفافيش منذ أكثر من عقد، حسبما ورد في تقرير موقع هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي“.

ويقع المختبر على بعد كيلومترات قليلة من سوق ووهان للحوم، حيث ظهرت أولى الإصابات بالمرض في المدينة.

ويقول أنصار النظرية إن الفيروس ربما تسرب من هذه المنشأة وانتقل إلى السوق، ويجادلون أنه ربما يكون الفيروس غير معدل وجُمع من الطبيعة، ولم يخضع لتعديل وراثي.

وألمح بعضهم إلى احتمال أن يكون الفيروس قد أنتج لاستخدامه كسلاح بيولوجي محتمل.

كيف ترد الصين؟

وصفت الصين نظرية التسرب بأنها تشويه لسمعتها، وألمحت إلى أن الفيروس ربما يكون قد دخل البلاد عبر شحنات غذائية أتت إليها من الخارج.

وتشير الحكومة الصينية إلى بحث جديد نشره أحد علماء الفيروسات الرائدين في الصين حول عينات تم جمعها من الخفافيش في منجم مهجور بعيد، حسب “بي بي سي“.

ونشرت البروفيسورة شي جينجلي، التي يشار إليها غالباً باسم “المرأة الخفاش الصينية” والباحثة في معهد ووهان، تقريراً مؤخراً كشفت فيه أن فريقها قد حدد ثماني سلالات من فيروس كورونا عُثر عليها في الخفافيش في منجم في الصين عام 2015.

وجاء في البحث أن فيروسات كورونا التي مصدرها حيوان البانغولين تشكل تهديداً مباشراً على صحة الإنسان، أكثر من تلك التي وجدها فريقها في المنجم.

وقد يؤثر تأكيد فرضية التسرب من المختبر على موقف العالم من الصين والنظرة إليها، فيما تتهم بإخفاء معلومات مهمة في المرحلة الأولى من تفشي الوباء، كما سيزيد ذلك من توتر العلاقات الأمريكية الصينية، وفقاً لـ”بي بي سي”.

وقال جيمي ميتزل، الزميل في مركز أبحاث المجلس الأطلنطي ومقره واشنطن والذي كان يضغط من أجل التدقيق في نظرية التسرب من المختبر، لـ”بي بي سي” “منذ اليوم الأول مارست الصين عملية تستر واسعة النطاق”

وأضاف قائلاً “مع تزايد الأدلة على فرضية التسرب من المختبر، المطلوب هو المطالبة بتحقيق كامل في جميع فرضيات أصل الفيروس.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.