أمريكا تحارب الإسلام والمسلمين

يتكرر على ألسنة زعماء الغرب، ومفكريه، الذين لن يتغيَّروا في تعاملهم مع المسلمين، ذِكر الإسلام والخلافة. فعقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر، بل وقبلها، بعد سقوط المبدأ الاشتراكي، بدا من أفواه الساسة الغربيين النطق بالخلافة، بعد أن كان محرما عليهم ذكرها سنين، وصار لسان حالهم ومقالهم لا يخلو من ذكرها في سرّائهم وضرّائهم، وفي علاقاتهم الحالية والمستقبلية بالعالم الإسلامي، فبدأ رؤساء أمريكا بالتصريح بمحاربة الإسلام تحت مسمى الإرهاب والتطرف، خشية استيلاء المسلمين على بلد، ثم يقودون الشعوب الإسلامية الأخرى للإطاحة بكافة الحكومات المعتدلة في المنطقة، وكان بوش يخشى (إقامة إمبراطورية إسلامية متطرفة تمتد من إسبانيا إلى إندونيسيا).

وعلى ذات المنوال يحذر ساسة بريطانيا من عودة الخلافة، من مثل توني بلير ووزير داخليته آنذاك تشارلز كلارك، ورئيس الوزراء الحالي الذين يعلنون أنه: (لا يمكن أن تكون هناك مفاوضات حول إعادة دولة الخلافة، ولا مجال للنقاش حول تطبيق الشريعة الإسلامية).

وها هو الرئيس الأمريكي الأسبق (ريتشارد نيكسون)، يقول في مقطع من كلامه في إحدى مقالاته القديمة “ليس أمامنا بالنسبة للمسلمين إلاَّ أحد حلَّين: الأول: قتلهم والقضاء عليهم. والثاني: تذويبهم في المجتمعات الأخرى المدنيَّة العلمانيَّة”.

هذا هو واقعهم قديماً وحديثاً، نعم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر، يقول المولى عز وجل: ﴿إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُون﴾.

ومن الطبيعي من كانت هذه حاله، أن يقوم بوضع استراتيجيات محكمة، لمحاربة الإسلام، مستعيناً بتقارير مراكز الدراسات وبعض المفكرين. يرسمون الخطط الماكرة، والأساليب والوسائل لتنفيذ مخططاتهم الخبيثة، فكان خطاب الرئيس السابق أوباما للعالم الإسلامي في إندونيسيا وتركيا والقاهرة، وكان خطاب القاهرة هو الأبرز، فخطاب القاهرة الطويل يعتبر هو الأساس لاستراتيجية أمريكا تجاه العالم الإسلامي، إذ هي استراتيجية اختارت الدبلوماسية العامة والمشاركة، ومما تعنيه المشاركة بلسان حاله: “أن لا نواجه الإسلام وحدنا، بل أن نجعل حكوماتهم وقوانينهم تحاربه، وكذلك القوانين العالمية تحاربهم، وأن يحاربوا هم أنفسهم أيضاً، من خلال توجهاتهم الفكرية المختلفة، وأن يسعوا هم في تنفيذ أهدافنا عبر المشاركة السياسية. ومن ذلك مثلاً إنشاء توجهات إسلامية أقرب إلى الفكر الغربي تحت مسميات الاعتدال والتطور والحداثة والتجديد.

إن كل متابع للسياسة الدولية التي تقودها أمريكا يعلم أن (الحرب على الإرهاب) هو مشروع أمريكا، فهي التي جندت كل العالم من أجل هذا المشروع، وقد انخرط كل عملائها في منطقة العالم الإسلامي وإفريقيا في مشروعها هذا مسخِّرين كل الأدوات والأجهزة والمؤسسات في سبيل نيل رضا أمريكا، فما هو (الإرهاب) الذي تريد أمريكا محاربته وينخرط حكام المسلمين وحكام إفريقيا بمن فيهم حكام السودان في محاربته؟

إن الحرب على (الإرهاب) الذي تعنيه أمريكا هو بلا شك الحرب على الإسلام، ولأنها تدرك أن إعلانها الحرب على الإسلام صراحة سيثير ضدها وضد عملائها ملياراً ونصف المليار مسلم، وتعلم – أي أمريكا – أنها ستكون خاسرة، فإنها والغرب كله يعلمون أن الإسلام لا يمكن مجابهته لا فكريا ولا عسكريا، وقد جربوا ذلك قرونا من الزمان وفشلوا، لذلك جعلوا الظاهر هو حربهم على الجماعات الإسلامية المسلحة مثل القاعدة وتنظيم الدولة، حيث جعلوا هذه الجماعات الذريعة والشماعة لكل جرائمهم وكذبهم وظلمهم، فإن أعمال تنظيم الدولة التي تبني عليها أمريكا أكاذيبها ومؤامراتها ضد الإسلام والمسلمين، هذه الأعمال تخدم عمليا سياسة أمريكا في حربها على الإسلام، وإن هذه الأعمال فيها من الشناعة وإثارة الاشمئزاز ما يحمل الناس على النفور منها والخوف من حكمها، وقد جاء التنظيم ليعلن (الخلافة) وليقول أن ما يطبقه هو الإسلام، وهذا يخدم المشروع الأمريكي في محاربته للإسلام بأيدي أهله وبما يسميه المشاركة.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.