الأزمة في دارفور بين القبلية العرقية وأذرع البشير لإجهاض الثورة
من الواضح أن الأزمة في إقليم دارفور غربي السودان، بدأت تاخذ منحنى آخر خلال الأيام الماضية، لا سيما بعدما أعادت أحداث وحدة “فتا برنو”، قضية الصراع العرقي بين القبائل من جديد إلى الواجهة بعد فترة هدوء في أعقاب الثورة في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة الانتقالية توقيع اتفاق شامل للسلام في البلاد.
ويرى مراقبون أن الأزمة في دارفور هي أزمة عرقية وليست سياسية في المقام الأول بين القبائل العربية التي استخدمها البشير لتصفية خصومة وبين القبائل ذات الجذور الإفريقية.
لذا فإن إحلال السلام في الإقليم لا يحتاج إلى العدالة والثقافة المجتمعية خصوصا أن من يحكمون ولايات دارفور الخمس بعد أكثر من عام على سقوط البشير هم من أتباعه.
الخلافات القبلية
وقال الفريق فتح الرحمن عثمان، الرئيس السابق لهيئة الشؤون الإدارية والتخطيط بالشرطة السودانية، الاحتجاجات والاعتصامات في دارفور هى مطالب شعبية كما يحدث في أي ولاية سودانية، من مطالبات بتحقيق الأمن في ولايات دارفور نتيجة الخلافات القبلية التي تحدث بين المزارعين بشأن مناطق الرعي وغيرها، هذه الأمور تحدث منذ سنوات طويلة.
وأضاف رئيس هيئة الشؤون الإدارية، مطالب أهالي دارفور وفي بعض المناطق تحديدا هى مطالب بتحقيق الأمن لأنهم في هذه الأيام لا يستطيعون الخروج لزراعاتهم نتيجة بعض الانفلات الأمني والتي تعد امتداد للظروف الأمنية التي كانت سائدة في الفترة السابقة، وفقًا لوكلة (سبوتنيك) للأنباء.
وتابع عثمان، إن ما يحدث في دارفور من أعمال عنف في بعض المناطق في الوقت الراهن هى مشاكل قبلية وليست أعمال تقوم بها مليشيات مسلحة أو عصابات، بل هى مشاكل بين الرعاة والمزارعين أونتيجة قيام بعض القبائل بنهب المواشي أو الحقول، وهنا تتحرك القبيلة الأخرى للثأر ولا تكون هناك أي أهداف سياسية لتلك التحركات القبلية المتوارثة والتي تلعب فيها المصالحات العرفية دور كبير.
القوى الظلامية
ومن جانبه قال عبد الله اسحق المحلل السياسي السوداني من دارفور، إن الأزمة التي تحدث في دارفور تقوم بها قوى تعمل ضد الثورة السودانية وضد الأسلوب السلمي الذي انتهجه المواطنون في وحدة “فتا برنو” وبعض المناطق في شمال دارفور، وهذا الأسلوب مدان من الجميع.
وأضاف المحلل السياسي، واقع الحياة في دارفور يشير إلى تصاعد العنف في فتابرنو وشرق دارفور، حيث يتعرض المواطنين لأعمال عنف من بعض المتفلتين والخارجين على النظام الحالي، وغالبية هؤلاء من القوى الظلامية التابعة للنظام السابق، لكن عملية السلام تسير في طريقها.
ولاه مدنيون
وحول موقف الحكومة السودانية من تلك الأحداث المتصاعدة في الفترة الأخيرة قال إسحاق، سوف تقوم الحكومة الانتقالية بتعيين ولاه مدنيون يمثلون قوى الثورة خلال مدة أقصاها الأسبوع القادم ولكن لن يدير هؤلاء أمر الولايات ما لم يتم تغيير الوضع القائم حاليا، لأن أمر الولايات في دارفور لا يزال تحت قيادة النظام السابق، لذا لن تكون خطوة تعيين الولاة الجدد ذات جدوى إن لم يتم تغيير القائمين على شؤون الولايات حاليا و التابعين للنظام السابق.
وأشار اسحق إلى أن هناك قوى ظلامية تريد تقويض عملية السلام الجارية حاليا في جوبا بين الحكومة السودانية والفصائل المسلحة حتى لا يتم تحقيق السلام الشامل والعادل والمستقر والذي يحقق رغبات المواطنين ويحقق أهداف الثورة.
وأكد المحلل السياسي أن الأزمة في دارفور مرشحة للتهدئة وليس للتصعيد في دارفور، حيث سيتم تعيين الولاة المدنيون في ولايات دارفور الخمس ووقتها ستنخفض وتيرة العنف وتبدأ مرحلة الإصلاح والتغيير والمحاسبة لكل رموز ومن يديرون تلك الأعمال.
الأطماع القبلية
وقال خليل أحمد دود الرجال رئيس مفوضية العدالة الشاملة بالسودان، إن السمو العرقي لدى قبائل دارفور هو أهم أسباب الصراع وبصفة خاصة لدى”القبائل العربية”، حيث يتمثل السمو العرقي في الأطماع التي لدى تلك القبائل في أراضي القبائل الإفريقية، بناء على وعود من حكومة النظام البائد وفق سياسة الأرض المحروقة التي كان يتبعها البشير للتخلص من خصومه من الثوار.