البارومتر السياسي يشعل المنافسة السياسية في تونس.. ومتغيرات كبيرة في الساحة
حدثت الكثير من المتغيرات في الساحة السياسية التونسية في الفترة الأخيرة، لا سيما في ظل انتشار فيروس كورونا المستجد في البلاد، حيث أن العددي من الشخصيات تقدمت إلى الواجهة السياسية في حين أن شخصيات أخرى تراجعت كثيراً من المشهد السياسي عموماً .
تسابق سياسي
ولا شك أنه مع اقتراب نهاية أزمة الفيروس في البلاد فإن الوضع السياسي سوف يكون مختلف جداً، وليس على مستوى الشخصيات فقط وإنما على مستوى المؤسسات الحزبية بشكل عام في البلاد .
وكان مؤشر “البارومتر السياسي” والذي أنجزته مؤسسة “سيغما كونساي” وصحيفة “المغرب” بين 15 إبريل الحالي و18 منه، ونُشر يوم الثلاثاء الماضي .
تبين أن أكبر المستفيدين في مستوى الثقة الكبيرة للشخصيات السياسية في تونس هما وزير الصحة عبد اللطيف المكي ورئيس الحكومة إلياس الفخفاخ.
وحدثت الكثير من التغييرات في (البارومتر السياسي) حيث أنه وبالرغم من محافظة رئيس الجمهورية قيس سعيّد على تقدمه بحصوله على نحو 61 في المائة من ثقة المستطلعين، إلا أن المكي، الذي لم يكن موجوداً أصلاً في قائمة الشخصيات المتنافسة، اقترب منه بشدة بنسبة 51 في المائة وكذلك الفخفاخ بنسبة 44 في المائة .
نسب متفاوتة
ويُمثّل خزّان الثقة النسبية عند الفخفاخ 23 في المائة مقارنة بسعيّد الذي نال 24 في المائة والمكي 17 في المائة.
وخسر سعيّد أيضاً 6 نقاط في مؤشرات الثقة الكبيرة، بينما ربح الفخفاخ 17 نقطة، فيما حقّق المكي رقماً كبيراً بحصوله على 37 نقطة دفعة واحدة.
وتراجعت شخصيات كثيرة في هذا المؤشر وفقاً لما أورده البيان، من بينها وزير الإصلاح الإداري ومكافحة الفساد محمد عبو، الذي خسر 11 نقطة، وكذلك النائب الصافي سعيد ورئيس الحركة الديمقراطية أحمد نجيب الشابي اللذين فقدا 9 نقاط.
وكذلك خسرت رئيسة لجنة التشريع البرلمانية، القيادية في حزب التيار الديمقراطي سامية عبو 8 نقاط، وتراجعت رئيسة كتلة الحزب الدستوري الحر عبير موسي 7 نقاط.
ويحمل الصعود الكبير للمكي والتقدم المهم للفخفاخ جوّاً من التنافس الشديد مع سعيّد الذي كان يتحرك وحيداً في الفضاء الشعبي منذ الانتخابات الرئاسية، أواخر العام الماضي .
منافسة مباشرة
ولا يبدو هذا التنافس نظرياً فقط من خلال استبيانات الرأي في البارومتر السياسي، فقد أظهرت الوقائع أن سعيّد دخل في منافسة مباشرة مع المكي، وبات يستبعده من الاجتماعات التي يعقدها للنظر في مسائل صحية على علاقة مباشرة بفيروس كورونا .
وذلك على الرغم من أنه صاحب المسؤولية الأولى. مع العلم أنه منذ 17 مارس الماضي، لم يتمّ استقبال المكي في اجتماعات سعيّد، التي بحثت في أغلبها مسائل صحية تتعلق بجائحة كورونا في البلاد .
وفضّل الرئيس التونسي استقبال كوادر من وزارة الصحة التونسية أو من الصحة العسكرية، وهو ما اعتبره البعض إقصاءً مقصوداً ونوعاً من التنافس غير المفهوم في الوقت الراهن من أجل مكاسب سياسية في المقام الأول .
ومن جانب آخر فإن سعيد يعمل على تكثيف تحركاته الشعبية، مصرّاً على التحرك في نفس الإطار الذي قفز به إلى السلطة، أي المناطق المهمشة، وبنفس الخطاب المنتقد للحكومات وتهميشها الفئات الضعيفة، وذلك في محاولة منه للتميّز عن الحكومة والبرلمان بالأخطاء التي ترتكبها وسترتكبها نظراً إلى ضعف الإمكانات وصعوبة الأزمة الأخيرة.
وعقد سعيد سلسلة اجتماعات صحية تقنية مع مسؤولين متخصصين في الأيام القليلة الماضية، وتحرّك أيضاً بقوة على الصعيد الدولي، لتفادي محدودية الصلاحيات المتاحة له دستورياً.
وتمكن سعيد عبر هذه التحركات من تحقيق اختراق مهم في هذا الاتجاه، عاملاً على تقديم مبادرة لمجلس الأمن انطلاقاً من مقاربة إنسانية مغايرة، ما جعله ينافس بقوة على قيادة معركة كورونا وعدم الاكتفاء بموقع تنفيذي شرفي.