سلاحان خفيان يجعلان من الصين قوة قادرة على إزاحة أمريكا

0

تحدث تقرير لموقع Responsible Statecraft الأمريكي عن القدرات الخفية للصين التي تستطيع أن تشل بها حركة أمريكا اقتصادياً وعسكرياً.

وبينما يشير التقرير إلى تزايد قدرات بكين في مجالات عدة، لكنه يرى أن هناك وسيلتين تحديداً هما أقوى سلاح لدى بكين في مواجهة واشنطن.

بين الصين وأمريكا..أيهما صاحب الاقتصاد الأكبر؟

عادة يتم التركيز على أن الصين تُعد “ثاني أكبر الاقتصادات العالمية”، في أي حديث عن المنافسة بين الصين وأمريكا.

ولكن الواقع أنه حتى قبل جائحة كورونا، أزاحت الصين أمريكا وأصبحت أكبر اقتصاد في العالم، وفقاً لقياسات صندوق النقد الدولي حسب أسعار صرف السوق، ووفقاً للقوة الشرائية للعملة الصينية في الصين، وليس الولايات المتحدة، وهي طريقة لقياس حجم الاقتصاد مختلفة عن الطريقة الأشهر وهي وفقاً للقوة الشرائية للدولار في الولايات المتحدة.

تشير هذه الطريقة التي استخدمها صندوق النقد الدولي إلى أن حجم  السلع والخدمات التي تنتجها الصين قيمتها أعلى من الولايات المتحدة، إذا قيست قيمها بالعملة الصينية باعتبار أن الأسعار في الصين  أرخص من أمريكا. وفقاً لهذه الحسابات يفوق الاقتصاد الصيني نظيره الأمريكي بمقدار السُدس.

هواوي تتصدر هواتف الجيل الخامس

فشركة هواوي الصينية امتلكت أكبر حصة في السوق العالمية للهواتف الذكية، بنسبة 20%، في الربع الثاني من عام 2020، وتجاوزت بهامشٍ بسيط شركة سامسونغ الكورية الجنوبية، وبهامشٍ كبير شركة آبل الأمريكية.(قبل أن تتضرر من عقوبات ترامب عليها).

ولكن اللافت أنه بحصة بلغت 47% في مجال هواتف الجيل الخامس، تتصدر هواوي القائمة في ذلك المجال البكر والأكثر تقدماً، إضافة إلى تفوق الذي أثار حنق الأمريكيين في مجال شبكات الجيل الخامس.

وعلى نطاق أوسع تستمر الصين في قطع أشواط مبهرة في تطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، حسب الموقع الأمريكي.

استثمارات هائلة في البنية التحتية

ومن حيث التاريخ الاقتصادي الحديث، فإن نظرة عابرة على أداء الولايات المتحدة والصين في محاربة الانهيار المالي في 2008 تحكي قصة صادمة.

تركت الصين علامة لا تنمحي في مواجهتها للتحديات المالية، فقد زادت الحكومة من الإنفاق على البنية التحتية زيادة كبيرة، ما أدى إلى زيادة الواردات وساعد في رفع الطلب العالمي. وفي حين زادت هذه التحركات من ديون بكين، فقد أسهمت في وضع أساسات ساعدت على تحول اقتصاد البلاد إلى نموذج نمو مدفوع بالإنتاجية.

ومع أن بناء البنية التحتية على نطاقٍ واسع يتطلب استثماراً ضخماً مباشراً، فمن المضمون أنه سيؤدي إلى زيادة الإنتاجية على المدى البعيد. فتوفير الوقت والتكاليف على المتنقلين، وتحسين الوصول إلى الأسواق، والمنافسة الصحية، وزيادة حركة تبادل الأفكار، وتوسيع الإمكانات الإبداعية، بمُساعدة من البنية التحتية الحديثة، كلها تحفز التنمية الاقتصادية.

التركيز على تعليم الرياضات والتكنولوجيا

جمعت الحكومة الصينية بين التنمية السريعة للبنية التحتية وتحسين مهارات القوة العاملة، عبر وضع نظامٍ تعليمي يركز على العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM). وخططت الحكومة لتعويض الانكماش المتوقع في قوتها العاملة بزيادة إنتاجية العمالة بهذه الطريقة.

وفي عام 2019، خصصت الحكومة 100% من التمويل البحثي للجامعات الكبرى إلى الجامعات التي تركز على تخصصات STEM، في حين خصصت كوريا الجنوبية 62% فقط من تمويلها لهذا الغرض. وفي المقابل، تنوعت الجامعات الأمريكية في المراكز المئة الأولى بين مجالات STEM والإنسانيات والعلوم الاجتماعية.

الصين تحاصر أمريكا فعلياً بهذين السلاحين.. الأول المعادن الأرضية النادرة

تمتلك الصين ورقتي ضغط قويتين في مجالين قد يمثلان خطراً على الولايات المتحدة، حسب تقرير  موقع Responsible Statecraft.

والورقتان هما الهيمنة على موانئ الحاويات في العالم، وإمدادات العناصر الأرضية النادرة بالغة الأهمية ليس فقط في قطاع تكنولوجيا المعلومات، بل أيضاً في إنتاج السيارات الكهربائية والهجينة، والمقاتلات النفاثة، وأنظمة توجيه الصواريخ.

ففي قطاع التصنيع، تجد الصين نفسها في موقفٍ جيد بفضل وفرة المعادن المميزة التي تُعرف بالمعادن الأرضية النادرة، وهي من المكونات الرئيسية لمنتجات متقدمة تكنولوجياً في مجال الطاقة النظيفة، مثل توربينات الرياح والألواح الشمسية والسيارات الكهربائية، وفي أسلحة عدة من المقاتلات النفاثة إلى الغواصات النووية.

إنّ سيطرة بكين على سوق المعادن الأرضية النادرة جعلت من الصعب- وشبه المستحيل- على الدول الأخرى مثل الولايات المتحدة وكندا وأستراليا أن تبني سلاسل التوريد الخاصة بها وتديرها بشكلٍ تنافسي. 

وقد استغلت الصين إمداداتها من المعادن الأرضية النادرة لجذب المصنعين الأجانب وزيادة قوتها الصناعية. كما أنّ نفوذ بكين زاد المخاوف من أنّها ستمتص الصناعات عالية التقنية من البلدان الأخرى- وأنها ستحظى بنفوذٍ كبير في تشكيل مستقبل الاقتصاد العالمي والتطور التكنولوجي.

وسبق أن استغلت الصين هيمنتها على المعادن الأرضية النادرة لأغراضٍ سياسية. ففي عام 2010، عقب تصاعد التوترات بين بكين وطوكيو، حظرت الصين- التي كانت تُنتج 93% من الإجمالي العالمي وقتها- صادراتها من المعادن الأرضية النادرة إلى اليابان.

وعاود هذا التهديد الظهور مرةً أخرى حين تنازع ترامب مع الرئيس الصيني شي جين بينغ حول التعريفات الجمركية عام 2019، حيث لوحت بكين بشكل غير رسمي بقطع الصادرات التي تنتج بكين نسبة كبيرة منها، وإيقاف التصنيع الأمريكي بشكل مفاجئ.

وليس من المفاجئ في الأعوام الماضية زيادة الطلب على هذه المعادن في الاقتصادات المتقدمة، فهي موزعة بتركيزات منخفضة ومن المكلف استخراجها من الخامات، وهذه الصناعة استثمرت فيها الصين كثيراً منذ السبعينات.

ووفقاً للمسح الجيولوجي الأمريكي في 2020، أنتجت الصين 58% من المعادن الأرضية النادرة، وانخفضت النسبة من 90% قبل أربعة أعوام، إذ توسعت الولايات المتحدة وأستراليا في تعدين هذه العناصر. لكن اعتباراً من 2018، استوردت الولايات المتحدة 80.5% من المعادن الأرضية النادرة من الصين. وفي مايو/أيار من هذا العام، أضافت إدارة ترامب هذه المعادن إلى قائمة من المعادن التي تُعتبر بالغة الأهمية للأمن الاقتصادي والوطني الأمريكي. وفي يوليو/تموز 2019، أعلنت الإدارة هذه العناصر “جوهرية للدفاع الوطني”، ما أتاح تخصيص موارد لوزارة الدفاع لتتحرك من أجل تأمين القدرات الإنتاجية المحلية للعناصر الأرضية النادرة.

لكن حتى إن زادت الولايات المتحدة من تعدينها لهذه العناصر، سيتطلب تكريرها تكنولوجيا متخصصة وعمالة مدربة واستثماراً أولياً مرتفعاً. وبسبب نقص هذه العوامل في الولايات المتحدة، تستمر الصين في شبه احتكار معالجة الخامات، مع شحن المواد الخام التي تحتوي على هذه العناصر الثمينة من خارج الصين إلى المواقع الصينية. 

وتولد عملية التكرير أيضاً كميات كبيرة من المخلفات المشعة وتلوث البيئة. نتيجة لذلك، تلجأ الدول المتقدمة إلى إجراء عمليات التكرير في الاقتصادات النامية.

السلاح الثاني: أمريكا محاصرة بخطوط الملاحة الصينية

في شهادة أمام الكونغرس في أكتوبر/تشرين الأول 2019، كشفت كارولين بارثولوميو، رئيسة لجنة المراجعة الاقتصادية والأمنية الأمريكية الصينية، أن ثلثي أكبر 50 ميناءً من موانئ الحاويات البحرية على الأقل يملكها ويديرها صينيون أو تدعمها استثمارات صينية. ويشمل هذا محطات في موانئ أمريكية كبرى بلوس أنغلوس وسياتل. 

وقبل عام، اعترف مسؤولون بشركة الشحن الحكومة الصينية China Ocean Shipping Company، وهي من أكبر خطوط شحن الحاويات في العالم،  بأن الشركة وصلت بالفعل بين مساراتها وما يُعرف رسمياً بطريق الحرير البحري، لتربط بين أسواق إقليمية في غرب إفريقيا وشمالي أوروبا والكاريبي والولايات المتحدة، وتكوين شبكة تجارية عالمية أكثر شمولاً وتوازناً. وتشرح بارثولوميو أنه “في حالة نشوب نزاع، يمكن أن تستعمل الصين سيطرتها على هذه الموانئ وموانئ أخرى في إعاقة التجارة الواصلة إلى البلدان الأخرى”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.