الضربة العسكرية الأولى لجو بايدن في سوريا. هل هي رسالة لإيران ؟

0

أمر الرئيس الأمريكي جو بايدن، الخميس 25 فبراير/شباط، بشن ضربات جوية عسكرية على اثنين من المواقع التي تتواجد فيها عناصر تابعة للقوات الإيرانية المتواجدة في سوريا. وذلك على حسب زعمهم رداً على سلسلة الاعتداءات الأخيرة التي قامت بها إيران، ومنها هجوم صاروخي في العراق الأسبوع الماضي أسفر عن مقتل متعاقد فلبيني وإصابة جندي أمريكي. 

وكانت الضربة العسكرية الأمريكية، والتي تعتبر بمثابة التحرك العسكري المعروف الأول لبايدن منذ توليه الرئاسة، قد شهدت استخدام 7 قنابل لضرب 7 أهداف تستخدمها جماعتا “كتائب حزب الله” و”كتائب سيد الشهداء” لنقل الأسلحة. فيما كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان أن 22 شخصاً من العناصر الإيرانية قد قُتلوا على الأقل في هذا القصف الذي يعدّ الأول في عهد إدارة بايدن الجديدة.

ماطبيعة الرسائل التي أراد بايدن توصيلها من خلال هذه “الضربة النوعية”؟

قالت مجلة Politico الأمريكية بأنَّ بايدن فضَّل “الخيار الأوسط” (أي الضربة العسكرية) من بين الخيارات التي عُرِضَت عليه للرد. حيث ظلت الخطط الأخرى غير معروفة.

وصرّح مسؤول أمريكي، لموقع VOX الأمريكي، متحدثاً بشرط عدم الكشف عن هويته للتحدث بحرية عن القضايا الحساسة. إنَّ فكرة الإدارة من وراء الضربات العسكرية الجوية هي أنها بحاجة إلى “توصيل رسالة مفادها أنَّ الولايات المتحدة لن تغض الطرف عن هجمات الميليشيات (كما وصفها) التي ترعاها إيران على قواتنا”.

وقال المتحدث باسم البنتاغون، جون كيربي، أنَّ الرئيس بايدن قد أمر “برد عسكري مناسب” لإرسال “رسالة لا لبس فيها. بأنَّ الرئيس بايدن سيتحرك لحماية أفراد القوات الأمريكية وقوات التحالف. وفي الوقت نفسه، تصرفنا بطريقة مدروسة تهدف إلى تهدئة الوضع العام في كل من شرق سوريا والعراق”.

ووفقاً لصحيفة The Wall Street Journal، وقعت الغارات في نحو الساعة (11 مساء بتوقيت غرينتش)، واستغرق  التخطيط لها عدة أيام. وقال وزير الدفاع لويد أوستن للصحفيين يوم الخميس إنَّ بايدن اتخذ القرار هذا الصباح.

وقال أوستن: “أنا واثق من الهدف الذي سعينا وراءه، ونعلم ما أصبناه”، مشيراً إلى أنه نصح بايدن بشن الضربات العسكرية. وأضاف: “نحن على ثقة من أنَّ هذا الهدف يستخدمه المسلحون الشيعة أنفسهم الذين هاجموا القوات الأمريكية الأسبوع الماضي”.

“الرسالة واضحة: نحن جادون”

في السياق، قال فيليب سميث، الخبير في شؤون الميليشيات الشيعية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى. لموقع VOX الأمريكي: “كانت هذه خطوة ذهبية من إدارة بايدن”؛ لأنها سمحت لطهران بمعرفة أنَّ الفريق الأمريكي الجديد على استعداد لضربات عسكرية مرتبطة بالإيرانيين أينما عملوا في جميع أنحاء الشرق الأوسط. “هذه هي الإدارة التي تقول: نحن جادون”.

وأضاف سميث أنها كانت أيضاً وسيلة لإرسال هذه الرسالة دون إثارة غضب العراق، الذي شعر بالقلق من الضربات الجوية الأمريكية على وكلاء إيران على أرضه خلال إدارة ترامب، واعتبرها انتهاكاً للسيادة العراقية. واستهداف منشأة أسلحة في سوريا يجنب الإدارة الأمريكية تلك المشكلة.

فيما يعتقد آخرون، مثل فيليس بينيس من معهد الدراسات السياسية، أنَّ القرار كان “استفزازياً وخطيراً” بلا داعٍ. وتساءلت: “هل هذا ما يفترض أن تعنيه: لقد عادت أمريكا؟”.

ما الذي تعنيه هذه الضربات العسكرية بالنسبة لمستقبل الاتفاق النووي؟

لكن السؤال المطروح الآن هو: ما الذي قد يعنيه الهجوم الانتقامي لجهود إدارة بايدن للعودة إلى الاتفاق النووي الإيراني؟ فقد وافقت واشنطن على الانضمام إلى اجتماع غير رسمي مع إيران بوساطة الاتحاد الأوروبي. لكن طهران قالت إنها لا تزال “تدرس” العرض. ومن المحتمل أن يرفض النظام المحادثات المستقبلية بعد تحركات بايدن.

ومع ذلك، يبدو أنَّ حسابات بايدن تعطي الأولوية لحماية القوات الأمريكية العاملة في الشرق الأوسط من هجمات الوكلاء الإيرانيين على تلك العملية الدبلوماسية. وبذلك أصبح أحدث رئيس يأمر بعملية عسكرية في الشرق الأوسط.

من جانبه، قال مايكل مولروي، المسؤول الكبير السابق عن سياسة الشرق الأوسط في البنتاغون. إنَّ الضربات المحدودة تهدف على ما يبدو إلى الإشارة إلى أنَّ استخدام إيران للميليشيات وكلاءً لها لن يُعفيها من المسؤولية عن مهاجمة الأمريكيين. لكن وقت الهجوم ومكانه كانا مهمين أيضاً.

وأضاف مولروي، لصحيفة The New York Times الأمريكية. “قرار الضرب في سوريا بدلاً من العراق كان على الأرجح لتجنب إثارة مشكلات للحكومة العراقية. وهي شريك رئيسي في الجهود المستمرة ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). كان من الذكاء الضرب في سوريا وتجنب رد الفعل في العراق”.

لقد ردت إدارة بايدن على الهجوم الصاروخي في أربيل رداً أكثر تناسباً من حملة ترامب الضارية ضد إيران والتحركات السابقة لوكلائها في العراق. التي غالباً ما أوقعت الحكومة العراقية في مرمى النيران. ومنذ هجوم إربيل، قال مسؤولون في الإدارة الأمريكية إنَّ الولايات المتحدة سترد الهجوم في الوقت والمكان المناسبين.

ومع ذلك، فإنَّ التروي في نهج الإدارة الجديدة أثار تساؤلات في كل من واشنطن وبغداد حول الخطوط الحمراء لبايدن. عندما يتعلق الأمر بالرد على هجمات الميليشيات المدعومة من إيران والتي تستهدف الأمريكيين في العراق.

العراق لم يعد بحاجة مساعدة!!

يُذكر أنَّ الجيش الأمريكي خفض عدد قواته في العراق إلى أقل من 2500 جندي. وانسحب من عدة قواعد هناك على مدار العامين الماضيين. ويقول إنَّ العراق لم يعد بحاجة إلى المساعدة التي كان يقدمها في الماضي لمحاربة تنظيم “داعش”. على الرغم من اعتراف المسؤولين الأمريكيين بأنَّ هجمات الميليشيات ساهمت أيضاً في قرار نقل القوات إلى قواعد يسهل الدفاع عنها.

وكانت إيران قد أوضحت أنها تعتزم شن مزيد من الهجمات رداً على الضربة الجوية الأمريكية بدون طيار في بغداد في كانون الثاني/يناير 2020. التي قتلت القائد الإيراني الجنرال قاسم سليماني ومسؤولاً أمنياً عراقياً كبيراً. وبعد أيام من تلك الضربة، نفذت الحكومة الإيرانية هجمات صاروخية على القوات الأمريكية في قاعدة عين الأسد الجوية في محافظة الأنبار العراقية. مما أدى إلى إصابة أكثر من 100 جندي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.