في خضم الحرب.. كيف يقضي اليمنيون يومهم؟

0

بينما يجري الحديث عن كيفية التوصل لحل سياسي للصراع الدموي في اليمن، كيف يواجه اليمنيون حياتهم اليومية والتكيف مع ما تفرضه النيران المشتعلة من حولهم؟

في ظل هذا الوضع الراكد، سواء عسكرياً أو سياسياً أو إنسانياً، كان على اليمنيين التكيف مع تلك الحياة الجديدة وسط المعاناة والنضال، وتوضح القصص الستة أدناه بعض الأمثلة عن كيفية تغير الحياة بالنسبة لليمنيين العاديين، بحسب تقرير لموقع  Middle East Eye البريطاني.

التنقل والحركة داخل اليمن كابوس لا ينقطع

قبل اندلاع الصراع الدموي الحالي، كان اليمنيون معتادين على التنقل داخل المحافظات وفيما بينها، باستخدام الحافلات الصغيرة أو الحافلات العادية أو سيارات الأجرة، لكن هذا الأمر أصبح مستحيلاً الآن في العديد من المحافظات، حيث تسبب القتال في إغلاق الطرق الرئيسية، ولا يوجد سوى الطرق الجبلية.

حامد غالب، أحد سكان مدينة تعز ويبلغ من العمر 23 عاماً، شرح للموقع البريطاني التغييرات التي وجد نفسه مضطراً للقيام بها أثناء السفر: “في عام 2015، وصل القتال إلى منطقتنا في مدينة تعز، لذلك نزحت إلى قريتي الأصلية في محافظة إب. ولاحقاً في عام 2016، عدت إلى مدينة تعز عبر طريق جبلي وخطير لأنني لم يكن لدي عمل في إب، ولكني كنت أعمل في مدينة تعز”.

وأضاف حامد: “ظننت أن ذلك الطريق سيكون مؤقتاً خلال تلك الفترة، لكنه أصبح الطريق الرئيسي بين مدينة تعز والمحافظات الشمالية. قبل الحرب كنت أسافر بحافلات جيدة من مدينة تعز إلى محافظة إب، لكن الحافلات الآن لا تستطيع السير على هذا الطريق الجبلي الضيق، ولا يمكن سوى للسيارات القديمة الذهاب إلى هناك، وغالباً ما تسقط تلك السيارات من فوق الجبال. وكان هناك الكثير من الضحايا الذين سقطوا من تلك الطرق خلال السنوات الست الماضية”.

واستطرد قائلاً: “أصبح السفر بمثابة معاناة الآن، حيث يستغرق حوالي ثلاث ساعات فقط من مدينة تعز إلى منطقة الحوبان في تعز، بينما كان يستغرق عشر دقائق بالحافلة أو سيارة الأجرة. كما كانت تكلفته 100 ريال يمني (0.16 دولار) في السابق، والآن يتكلف حوالي 5000 ريال يمني (8.33 دولار)”.

ويختتم حامد حديثه قائلاً “كثير من الناس في مدينة تعز لا يستطيعون زيارة عائلاتهم خارج المدينة بسبب الطرق، وأنا واحد منهم، لذلك نأمل أن تنتهي الحرب حتى نتمكن من السفر على الطرق الرئيسية كما في السابق”.

المساعدات بديلاً للوظائف

يقول عبدالجليل ناجي، البالغ من العمر 45 عاماً، ويعمل خبازاً منذ عقود، إنه حتى لو كان يعمل في وظيفة معينة، فإنه لا يستطيع إعالة أسرته. نتيجة لذلك يعتمد هو والعديد من اليمنيين الآخرين على المساعدات الإنسانية.

ويضيف عبدالجليل ناجي “قبل الحرب، كان دخلي كافياً لإعالة أفراد عائلتي، ولم أكن بحاجة إلى أي مساعدة من أي شخص، ولكن الآن هناك فرص قليلة للعمل، وحتى عندما أعمل يكون الدخل أقل مما كان عليه قبل الحرب والأسعار ترتفع كل يوم. والدخل لا يكفي لشراء السلع الأساسية لعائلتي، وأنا حقاً أعتمد على المنظمات لمساعدتي في توفير الطعام. ولولا المساعدات لما تمكنت عائلتي من الحصول على ما يكفي من الطعام والخدمات الأساسية الأخرى”.

ويستطرد عبدالجليل ناجي قائلاً “قبل الحرب، كنا نبيع عشر قطع خبز مقابل 100 ريال يمني (0.16 دولار) والآن السعر ثلاثة ريالات فقط (0.005 دولار أمريكي). أما الذين لديهم أطفال، فلا يمكنهم تزويد أسرهم حتى بالخبز لأن معظم أرباب الأسر فقدوا وظائفهم ونادراً ما يكون لديهم عمل مثلي”.

ويضيف: “تلعب المنظمات دوراً رئيسياً في التخفيف من معاناة اليمنيين ولا يمكن لأحد أن ينكر هذا الدور، لكن بالتأكيد عندما نعمل ونعيل عائلاتنا من دخلنا يختلف عن الاعتماد على المساعدات. جاءت المنظمات لمساعدتنا فقط على البقاء على قيد الحياة، ونأمل أن نتمكن من استئناف حياتنا كما كانت قبل الحرب، والعثور على وظائف جيدة لمساعدة عائلاتنا في العثور على ما يكفي من الطعام وبناء مستقبل جيد لأطفالنا”.

الأطفال هجروا المدارس بحثاً عن عمل 

يقول ماجد محمد (16 عاماً)، وكان عمره 10 سنوات فقط عندما اندلعت الحرب في اليمن، إنه كان يعتاد الذهاب إلى المدرسة، ولكن أُجبر بعد ذلك على التوقف عن المدرسة والذهاب إلى العمل بدلاً من ذلك، ويستطرد ماجد قائلاً “كنت في الصف الرابع الابتدائي عندما اندلعت الحرب في مدينة تعز، وكنت أذهب إلى المدرسة مع أشقائي الأربعة، لكن بعد ذلك توقفت الدراسة في كل مكان وهربنا من منازلنا”.

“كنت آمل أن أكمل دراستي وأن أصبح مهندساً، لكن منذ عام 2015 ونحن نعاني، لقد عانى والدي من صدمة نفسية، ولم يكن هناك من يمدنا بالطعام والاحتياجات الأخرى، فذهبت أنا وإخوتي للعمل في السوق لشراء الطعام لعائلتنا. من الصعب رؤية والدتك وإخوتك جائعين ولا يمكنك المساعدة، فالدراسة ليست أهم من الطعام”.

ويختتم ماجد حديثه لميدل إيست آي قائلاً: “أعتقد أنه من الصعب استئناف الدراسة بعد ست سنوات، لكننا ندعم شقيقنا الأصغر في الدراسة وهو الوحيد في الأسرة الذي يذهب إلى المدرسة الآن”.

البيوت أصبحت خياماً

اعتادت صفية سعيد، وهي أم لأربعة أطفال، أن تعيش داخل منزلها، لكنها الآن تحتمي في خيمة بعد الفرار من القتال. وتقول صفية “أصبح الأمن والطعام من أهم أولوياتنا، ولقد هربنا من منازلنا بحثاً عنهما حتى لو انتهى بنا الأمر للسكن تحت أغطية بلاستيكية لا تحمينا من الأمطار أو الطقس البارد. قبل الحرب كنا نتمتع بحياة طيبة في منزلنا بالقرب من عائلتي وأقاربي وجيراننا الذين نشأنا معهم، لكننا الآن نعيش في خيام مع أشخاص جدد، التقيت معظمهم لأول مرة في هذا المخيم”.

وتستطرد قائلة: “لقد حرمتنا هذه الحرب من كل شيء، بما في ذلك المأوى الجيد، وغيّرت حياتنا من سيئ إلى أسوأ. لم نعتقد أبداً أننا سنعيش في خيمة، ولكننا نعيش فيها الآن، حيث لا يوجد مطبخ، ولا حمامات، ولا أبواب ولا شيء جيداً هنا”.

الحطب بدلاً من الغاز

اعتادت نجود سالم، في الثلاثينيات من عمرها، وهي أم لأربعة أطفال، الطهي بالموقد باستخدام أسطوانات الغاز، لكن بعد عام 2015 أصبحت أسطوانات الغاز مكلفة للغاية بالنسبة للعديد من اليمنيين.

وتقول نجود “قبل الحرب كان سعر أسطوانات الغاز رخيصاً، وكان لدينا دخل، ولكن الآن لا يوجد دخل منتظم للعائلة، وأسطوانات الغاز متوفرة فقط في السوق السوداء بأسعار مرتفعة، تصل إلى حوالي 8000 ريال يمني (13.33 دولار). لا يمكننا تحمل سعر أسطوانة الغاز، ولا أتذكر آخر مرة قمت فيها بالطهي باستخدام الغاز. أعتقد أنه كان قبل عام 2015، ثم قمنا ببيع الأسطوانة الفارغة لشراء الطعام. الآن نحن نهتم فقط بالحصول على ما يكفي من الطعام وطهيه باستخدام الحطب والكرتون الذي نجمعه من الشوارع”.

وتختتم حديثها قائلة: “إن العودة إلى الحياة العادية واستخدام أسطوانات الغاز كما كان من قبل أصبحت بمثابة حلم لنا، ولا أعتقد أن هذا الحلم يمكن تحقيقه لأن كل عام يكون أسوأ من العام الماضي”.

الطاقة الشمسية بدلاً من الكهرباء

قبل الحرب، لم يكن معظم اليمنيين على دراية بالطاقة الشمسية، ولكنها أصبحت بعد ذلك المصدر الرئيسي للإضاءة. يشرح مجاهد عبدالله، طالب جامعي يبلغ من العمر 23 عاماً وهو واحد من تسعة أشقاء هذا التغيير قائلاً “لم نسمع عن الطاقة الشمسية قبل عام 2015، لكن في ذلك العام توقفت الكهرباء، وكانت معظم المحافظات في الظلام. خلال ذلك الوقت ظهرت الطاقة الشمسية كحل مؤقت، واستخدمناها لإضاءة منازلنا وشحن الهواتف والأشياء الأساسية الأخرى”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.