تعديلات قوانين المنظومة العدلية في السودان بين كفتيّ الرفض والقبول
يشهد السودان تحولات كبيرة في تلك المرحلة، يحاول خلالها التخلص من الإرث القديم وإرسال قواعد دولة تسع جميع الأطياف، حيث تجري تعديلات قوانين في المنظومة العدلية، آخرها إلغاء حد الردة وقانون منع تداول الخمور لغير المسلمين وتجريم ختان الإناث.
وبحسب وكالة (سبوتنيك) للأنباء، تباينت آراء المراقبين حول تعديلات قوانين المنظومة العدلية، حيث يرى فريق أنها مطلب شعبي وثوري ولا مفر من انتهاج التوجه الغربي بشأن حقوق الإنسان، في حين يرى آخرون أن القوانين لا تصلح وحدها لتغيير ثقافات وتقاليد وأعراف الشعوب.
وتلك القوانين وإن كانت مقبولة اليوم لدى الفريق الذي يمتلك الصوت العالي بحكم السلطة، فإنها مرفوضة من فئات أخرى لا تستطيع التعبير الآن، وبالتالي هذا يولد صراعات غير معلنة قد تليها انفجارات جديدة.
خط الثورة السودانية
قال فيصل علمنة، عضو الجبهة الثورية السودانية، إن إلغاء حد الردة وإتاحة تناول وتداول الخمور لغير المسلمين وختان الإناث، جميعها تصب في الخط الذي تنتهجه الثورة السودانية فيما يتعلق بحرية الإنسان، وهذا الخط يستند إلى التوجه الألماني في هذا الشأن.
وأضاف علمنة، أنه “نظرا للتعدد القبلي والإثني والديني والسياسي والثقافي في السودان، كان لا بد من إعلاء قيمة الإنسان قبل كل شىء، هناك بعض الشعوب أو المجتمعات في السودان، شرب الخمور من العادات والتقاليد لديهم منذ الأزل، فلا يمكن أن يقوم فصيل بعينه بتطبيق معتقده على الآخرين، يجب أن يكون الجميع أحرار، فيما يعتقدون وفق تقاليدهم وعادات في مجتمع علماني يحتوي الجميع”.
القانون وحده لا يكفي
من جانبه، قال نبيل أديب محامي حقوق الإنسان ورئيس لجنة التحقيق في مجزرة الخرطوم بعد الثورة، إن “العديد من قيادات العمل الإسلامي يرى أن حد الردة لا أساس له في الشريعة الإسلامية ومن هؤلاء الصادق المهدي والترابي، لذا فإن إلغاؤه لا يعد تعديا على الحدود”.
وأضاف الخبير القانوني “أما بالنسبة لعملية شرب الخمور وتداولها، هذا الأمر خاص بغير المسلمين، وهو متاح في الكثير من قوانين الدول العربية والإسلامية، وما يتعلق بالختان وتجريمه، الختان عادة قبلية ومجتمعية تتسبب في أذى للمرأة وتعد تعديا على حقوقها، لذا فتغليظ العقوبة يعد أحد المطالب، لكن القانون وحده لا يكفي ويجب أن يكون هناك وعي وثقافة مجتمعية”.
تعدي على القانون
وقال بروفسير مالك حسين المرشح السابق لرئاسة الجمهورية السودانية، إنه “ليس من حق السلطة الحالية تغيير أو سن القوانين، لأنها سلطة غير شرعية والوثيقة التي جاءت بتلك الحكومة غير شرعية، وكل ما بني ويبنى عليها باطل، حتى وإن تم تعيين مجلس تشريعي”.
وأضاف المرشح السابق أنه “لا يحق للحرية والتغيير والمجلس السيادي تعديل القوانين، هذا الأمر يحدث لو أن الأمر هو انقلاب عسكري من البداية، الانقلاب العسكري يستطيع عمل مراسيم دستورية يغير ويعدل بها القوانين، لكننا الآن في ظل نظام دستوري ديمقراطي، والوثيقة الدستورية لا تعدل، لذا فنحن ليس لدينا أي وسيلة لسن القوانين سوى من مؤسسة تشريعية منتخبة”.
وأشار مالك إلى أن التعديلات والتغييرات يجب أن تأتي من نظام دستوري منتخب ومنظم، وهذه التعديلات غير دستورية ولن يقبلها الشعب السوداني، وهذا التعديل سوف يؤدي إلى فتن كبيرة جدا وصراع بين اليمين واليسار وعدم استقرار، وصراع بين اليسار والقوى المعتدلة في الشعب السوداني، والحل الوحيد هو الانتخابات المبكرة، ولا يحق للحركات المسلحة أن تحكم.