تقسيم السودان بداية الإنهيار ودور الإدارة الأمريكية في ذلك

قام  رجل الأعمال الروسي يفغيني بريغوجين بتقديم تحليل وتقييم للوضع السياسي في السودان بناءًا على جميع المعطيات السياسية والإقتصادية على مدار الثلاثين عامًا قبل سقوط نظام عمر البشير، وأستعان بريغوجين بخبراء إقتصاديين وسياسيين روس للقيام بذلك، وقدم هذه التقييمات لرئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان كنوع من التعاون في عام 2021، ، وكانت هذه التقارير التي أعدها الخبراء على مدار أشهر مختلفة من عام 2021 تشير الى عدم ثقة المواطن السوداني في السياسيين والمسؤولين عن الفترة الإنتقالية، سواء من المدنيين أو العسكريين كذلك، باعتبار أن هؤلاء المسؤولين لم يستطيعوا أن يغيرو من واقع الحال بعد مرور عامين على سقوط البشير ونظامه.

كل النتائج التي توصل إليها الخبراء تشير الى وجود مشاكل عديدة ومتجذرة يصعب حلها بسبب تراكمها، وكان أهمها الصراع الذي أدى الى إنفصال جنوب السودان بسبب سياسات واشنطن والإدارة الأمريكية في المنطقة، والتي كانت السبب الرئيسي في تقسيم أكبر دولة عربية الى شمالية وجنوبية، كنوع من حل الصراع بين الحركات المسلحة ولتوفير الأمن وتحسين الإقتصاد، الذي لم يتغير الا للأسوء.

ولم تقتصر السياسات الأمريكية على تقسيم البلاد فحسب، بل فرضت عقوبات سياسية وإقتصادية لفترات طويلة شلت العجلة الإقتصادية بشكل كامل، وهي العقوبات التي لم ترفع بشكل كامل حتى يومنا هذا بالمناسبة، وتم التصويت على تمديدها قبل عدة أسابيع دون أي سبب مقنع، سوى أن الإدارة الأمريكية لا يعجبها بعض التصرفات السياسية داخل البلاد.

دعمت الولايات المتحدة الجماعات المتمردة في السودان وقدمت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية التمويل للمنظمات غير الحكومية بهدف تسليط الضوء على الأحداث السلبية داخل السودان، وبعد ذلك إتهمت الحكومة السودانية بإرتكاب جرائم ضد هذه الجماعات وبالتالي فرضت عليها عقوبات.

في الخامس عشر من فبراير من عام 1995، تحدث مستشار الأمن القومي الأمريكي أنتوني ليك في مؤتمر لمركز الدراسات الاستراتيجية عن السودان وقال، “سنعمل مع الحكومات الأخرى في المنطقة لنرى كيف يمكننا احتواء نفوذ الحكومة السودانية على أفضل وجه حتى تغير رأيها وتتصرف وفقًا لمعايير السلوك الدولي التي نعتقد أن الحكومات يجب أن تلتزم بها”.

بهذه الطريقة طالبت الجماعات المسلحة من المجتمع الدولي أن تنفصل عن السودان، وكان لها ما تريد بسبب دعم الولايات المتحدة الأمريكية لها، وبهذا بدأت مرحلة تقسيم السودان، وهذه المرحلة كما يعلم الجميع بدأت في إعطاء الجنوب الإستقلال ولم تنتهي هنا، فواشنطن مازالت تخطط لتقسيم السودان الى دويلات في المستقبل القريب.

توالت الأحداث بعد حديث أنتوني ليك حتى وصلنا الى عام 1997، حيث منحت إدارة الرئيس بيل كلينتون العسكرية 20 مليون دولار لإريتريا وإثيوبيا وأوغندا للإطاحة بحكومة البشير بطريقة غير مباشرة، وصرح بهذا الصدد الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر وقال أن هذا يعتبر عرضًا صامتًا لدعم الإطاحة بحكومة الخرطوم، كما أعرب عن اعتقاده أن سلوك واشنطن كان له تأثير سلبي على مصلحة الجيش الشعبي لتحرير السودان في التفاوض على تسوية سياسية.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.