ماهي “حركة لبيك باكستان” وما أسباب الاحتجاجات التي تقودها؟
أجبرت جماعة إسلامية صوفية متشددة في باكستان، حكومة عمران خان على الذهاب للبرلمان، الثلاثاء 20 أبريل/نيسان 2021، للتصويت على طرد السفير الفرنسي بعد احتجاجات عنيفة مناهضة لفرنسا، على خلفية الرسوم المسيئة للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
ويعد طرد السفير واحداً من أربعة مطالب رئيسية لـ”حركة لبيك باكستان” المتشددة المحظورة، التي تقوم باحتجاجات منذ أكثر من أسبوع، بسبب اعتقال زعيمها على إثر احتجاجات نشر الرسوم المسيئة للنبي، فيما بدأت حكومة خان الإثنين، 19 أبريل/نيسان، محادثات مع الحركة. فما قصة هذه الحركة وكيف بدأت الاحتجاجات الأخيرة؟
ما هي “حركة لبيك باكستان”؟
حركة لبيك باكستان”، هي حزب ديني سياسي متشدد ينتمي عقائدياً للطائفة البريلوية الصوفية، وهي طائفة نشأت في الهند ثم امتدت إلى باكستان وبنغلاديش، وتعرف بغلوها في تقديس ذات الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ويعتقد أتباعها أن “الرسول والأولياء لهم قدرة على التحكم في الكون”.
تقول “حركة لبيك باكستان” إن هدفها هو جعل باكستان دولة إسلامية، تحكم وفق الشريعة الإسلامية. وولد حزب “حركة لبيك باكستان” من رحم احتجاج حركة مؤيدة لممتاز قدري، وهو حارس شخصي لحاكم إقليم البنجاب، قام بقتل سيده عام 2011، بسبب دعوته لإصلاح القوانين الصارمة ضد الإساءة للإسلام.
وتأسست الجماعة يوم 1 أغسطس/آب 2015، في نيشتار بارك في مدينة كراتشي جنوب البلاد، وبرزت في البداية كـ”حركة اجتماعية سياسية إسلامية”، كما ورد بموقعها الرسمي على شبكة الإنترنت، حيث أسسها وقادها خادم حسين رضوي، الذي توفي العام الماضي، وشارك في جنازته مئات الآلاف من أنصاره.
ما أسباب الاحتجاجات الحالية العنيفة في باكستان؟
تقود “حركة لبيك باكستان” منذ أشهر حملة ضد فرنسا، بعدما دافع الرئيس إيمانويل ماكرون عن إعادة نشر مجلة شارلي إيبدو رسوماً كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد، تحت شعار “حرية التعبير”، وذلك خلال مراسم تكريم مُدرس قُتل في 16 أكتوبر/تشرين الأول، بعدما عرض على تلاميذه هذه الرسوم المسيئة خلال حصة مدرسية.
وتصاعدت هذه الاحتجاجات في 12 أبريل/نيسان، احتجاجاً على اعتقال زعيم الحركة سعد رضوي، نجل زعيم الحركة الراحل، بعد مطالبتهم بطرد السفير الفرنسي، وحددوا مهلة حتى 20 أبريل/نيسان، لتنفيذ هذا الطلب.
وعلى إثر ذلك، اشتعلت مظاهرات عنيفة في لاهور ومناطق أخرى في البلاد، قتل على إثرها 6 أشخاص، بينهم عناصر من الشرطة، وأصيب مئات آخرون، ودفعت السفارة الفرنسية إلى دعوة رعاياها إلى مغادرة البلاد موقتاً. وخلال الاحتجاجات احتجزت الحركة 11 شرطياً لديها، لمفاوضة الدولة عليهم، تم الإفراج عنهم الإثنين، بعد مفاوضات بين الحكومة الباكستانية والحركة.
وخلال الأسبوع الماضي، حجبت السلطات الباكستانية وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات الرسائل الفورية مؤقتاً، بسبب الاحتجاجات العنيفة، ولم تذكر الحكومة سبب هذا الحظر، لكن كثيراً ما تستخدم الأحزاب السياسية في باكستان منصات التواصل الاجتماعي لحشد المؤيدين.
وأغلقت معظم الشركات والأسواق ومراكز التسوق الكبرى أبوابها، وتوقفت خدمات النقل العام في المدن الكبرى استجابة لدعوة للإضراب من (حركة لبيك باكستان) ومجموعات تابعة لها.
وعملت حكومة رئيس الوزراء عمران خان جاهدة من أجل السيطرة على جماعة “حركة لبيك باكستان” لسنوات، لكنها أعلنت هذا الأسبوع فرض حظر تام على الجماعة، مصنفة إياها “جماعة إرهابية”. وعزّزت التدابير الأمنية في محيط السفارة الفرنسية في إسلام آباد، وتم نشر حاويات على طول الحائط الخارجي للسفارة وحراس تابعين لقوة شبه عسكرية باكستانية.
مطالب أخرى لـ”حركة لبيك باكستان”
يعد طرد السفير الفرنسي واحداً من أربعة مطالب رئيسية لـ”حركة لبيك باكستان”، تم التفاوض عليها مع حكومة خان خلال فترة احتجاز أفراد الشرطة، وقال الوزير شيخ راشد أحمد، في بيان مسجل بالفيديو الإثنين: “بعد مفاوضات طويلة مع حركة لبيك باكستان، تم الاتفاق على أن نطرح مشروع قرار في البرلمان اليوم لطرد السفير الفرنسي”.
ويقول مسؤولون وقياديون في الحركة، إن “لبيك باكستان” قدمت أربعة مطالب رئيسية خلال المحادثات مع الحكومة. وشملت المطالب طرد السفير الفرنسي، والإفراج عن زعيم الحرك وحوالي 1400 عامل موقوف، ورفع الحظر عن الحركة التي تم تصنيفها إرهابية، وإقالة وزير الداخلية.
من جهته، قال رئيس الوزراء عمران خان إن طرد السفير الفرنسي لن يؤدي إلا إلى إلحاق الضرر بباكستان، وإن التواصل الدبلوماسي بين العالم الإسلامي والغرب هو السبيل الوحيد لحل الخلافات.
وأضاف في خطاب أذاعه التلفزيون: “عندما نعيد السفير الفرنسي ونقطع العلاقات معهم فهذا يعني أننا نقطع العلاقات مع الاتحاد الأوروبي”. وقال: “نصف صادراتنا من المنسوجات تذهب إلى الاتحاد الأوروبي، لذا فإننا سنفقد نصف صادراتنا من المنسوجات”.
قبل ذلك، طالب خان، السبت 17 أبريل/نيسان، الحكومات الغربية بتجريم الإساءة إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، تحت غطاء حرية التعبير، ومعاقبة المسيئين للإسلام.
تصريحات رئيس الوزراء الباكستاني جاءت بعد تغريدة من زعيم حزب “من أجل الحرية” في هولندا المُعادي للإسلام، خيرت فيلدرز، هاجم فيها شهر رمضان، إضافة إلى ما شهدته باكستان مؤخراً من مظاهرات ضد فرنسا بسبب إساءتها للنبي الكريم محمد.
وقال عمران خان في سلسلة تغريدات عبر تويتر: “أدعو الحكومات الغربية التي حظرت أي تعليق سلبي على المحرقة اليهودية (الهولوكوست) إلى استخدام نفس المعايير لمعاقبة من ينشرون عمداً رسائلهم المليئة بالكراهية للمسلمين ويسيئون إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم”.
أضاف خان: “من الواضح أن أولئك الغربيين، بمن فيهم السياسيون اليمينيون المتطرفون الذين ينشرون عمداً مثل هذه الإساءات تحت ستار حرية التعبير، يفتقرون إلى الحس الأخلاقي والشجاعة للاعتذار إلى 1.3 مليار مسلم عن هذا الأذى”.
بينما أعرب عن قلقه إزاء تصاعد موجة الإسلاموفوبيا، لاسيما في الغرب، مشدداً: “نطالب باعتذار من هؤلاء المتطرفين”. كما وجّه عمران خان رسالة إلى “المتطرفين في الخارج”، الذين يتعمدون إيذاء المسلمين في أنحاء العالم، قائلاً: “نحن المسلمين نمتلك أعظم محبة واحترام لنبينا صلى الله عليه وسلم، الذي يعيش في قلوبنا، ولا نتسامح مع أي ازدراء أو إهانة”.