رمضان في السودان.. غياب الموائد الجماعية وعابري السبيل لأول مرة

جانب من المؤائد الرمضانية في السودان
0

من المتعارف عليه فإن الشعب السوداني يعتبر من الشعوب المضيافة والكريمة والتي تقدم كل ما لذ وطاب لعابري السبيل خاصة عندما يتعلق الأمر بشهر رمضان المعظم .

عادات قديمة

حيث يحافظ الشعب السوداني على العادات الرمضانية التي ينتظرونها كل عام، ويجلس مجموعة من الناس في مكان واحد، يحمل كل منهم طعامه من اجل مشاركة الآخرين، وهو الأمر الذي يتميز به السودان عن بقية الدول العربية .

وكانت هذه العادة تنظم في أحلك الأوقات والظروف الاقتصادية المعقدة التي يعانيها الشعب السوداني، لكن الأمر يغيب هذا العام بسبب الحجر المنزلي الذي فرضته السلطات الطبية في البلاد على خلفية جائحة كورونا .

 وتعود عادة تناول الطعام الجماعي في الطريق إلى الأجداد القدامى في السودان، حيث تم توارث هذه العادة جيلاً بعد جيل، حتى أصبح الشعب السوداني من الشعوب المشهورة بهذه العادة إذ من النادر حدوث هذا الأمر في الدول الآخرى .

ويجد السودانيون لذة في تناول الطعام في جماعات، باعتبار أن هذا الأمر فيه العديد من البركات التي يمكن أن تحل على المجتمع بشكل عام، إذ يظهر شكل التضامن المجتمعي بسودانيته البحتة .

حجر بسبب كورونا

وقد لا يستسيغ الكثيرين في هذا الشهر المعظم الأكل داخل البيوت بأعتبار أنهم يتبعون عادة معينة ولكنهم فقدوها في العام الحالي بسبب فيروس الكورونا .

ويعتبر الإفطار الجماعي أو (الضرا) كما يسمى في بعض المناطق السودانية من مآثر رمضان في كل أنحاء السودان، إذ يحرص الناس على تناول إفطار رمضان خارج البيوت، “

وتشير هذه العادة إلى تكافل السودانيين وتماسكهم وكرمهم، كما أن الضرا هو المكان الذي يجتمع فيه الناس حول موائد الإفطار الجماعية، ويؤدون فيه صلاة المغرب في جماعة، وغالبا ما يكون التجمع في الشوارع التي هي مفترق طرق عديدة أو الساحات المكشوفة، حتى تتسنى لهم دعوة المّارة وعابري الطريق الذين أدركهم وقت الإفطار خارج منازلهم لتناوله مع الجماعة .

تنافس على المارة

ويتنافس السودانيون على الأشخاص المارين بالشوارع، إذ يرغب كل واحد في دعوة أكبر عدد من الناس ليتناولوا الإفطار من مائدته حتى يكسب مزيدا من الأجر ويثبت كرمه الفياض في الشهر الفضيل .

ويكثر هذا الأمر بشكل خاص في الشوار السفرية الكبيرة بين المدن المختلفة، إذ يقوم بعض السودانيون بقفل الشوارع أمام السيارات بطرق مختلفة حتي يتوقف أصحاب السيارات ويقومون بتناول الأفطار ومن ثم مواصلة مسيرهم .

ورغم أن عادة الضرا نادرة في الأحياء الراقية من المدن المكتظة، إلا أنها تطورت في الأحياء الشعبية والمناطق الأخرى، بعد أن دخلت الموائد الجماعية التي تقيمها بعض الجمعيات ورجال الأعمال في ساحات المستشفيات والأسواق والطرقات السريعة .

عادة ريفية

وللسودانيين عادة غريبة خاصة في المناطق الريفية خلال شهر الصيام، إذ يقومون بربط (العمّة) أو (العمامة) من الأطراف وشدها وسط الشارع، حيث يمسك إثنان طرفي العمّة لوقف العربات للإفطار لأن بعض السائقين لا يستجيبون للدعوة للإفطار في الشوارع، لكنهم عندما يرون العمّة مشدودة أمامهم من قبل الأهالي ينزلون احتراما لعاداتهم وتقاليدهم في الدعوة لإفطار الصائم .

وللمرة الأولى منذ عقود اختفى أعرق تقليد للإفطار الجماعي في العاصمة السودانية الخرطوم وبعض المدن الأخرى، وذلك نتيجة الحجر الصحي ومنع الجولان اللذين فرضهما انتشار فايروس كورونا .

ويعيش السودان تحت حالة الطوارئ الصحية، والتي قضت بإغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية، ووقف الدراسة في المراحل كافة لمنع انتشار كورونا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.