كيف يمكن لدول الخليج مساعدة مصر والسودان في أزمة سد النهضة؟

0

جاء إعلان ثلاث دول خليجية دعمَها لمصر في ملف سد النهضة بعد تحذير الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من المساس بمياه بلاده ليثير تساؤلاً حول قدرة دول الخليج على دعم مصر في أزمة سد النهضة، وما هي أوراق الضغط الخليجية على إثيوبيا؟

وأعلنت السعودية والبحرين وسلطنة عمان، الثلاثاء 30 مارس/آذار 2021، عن دعم موقف مصر والسودان، في ملف سد النهضة الإثيوبي، المتعثرة مفاوضاته منذ أشهر.

أبرز أوراق الضغط الخليجية على إثيوبيا

واحد من أهم أوراق الضغط الخليجية على إثيوبيا، هي الاستثمارات الضخمة هناك، لاسيما السعودية والإمارات. وإضافة إلى الاستثمارات هناك أيضاً وارادت دول الخليج من أديس أبابا، إضافة إلى المساعدات المالية التي تقدم لها، خاصة من الإمارات والسعودية

الإمارات داعم كبير لـ”أديس أبابا”

لدى الإمارات استثمارات ضخمة في إثيوبيا، وعلاقات وثيقة مع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، حسبما يقول الكاتب والمحلل المتخصص في الشؤون الإفريقية، شفاء العفاري، لموقع Al-Monitor البريطاني.

ويوجد في الوقت الحالي 92 مشروعاً استثمارياً إماراتياً في إثيوبيا، وهي متركزة في قطاعات الزراعة والصناعة والعقارات والرعاية الصحية والتعدين.

في 20 مارس/آذار 2019، قال عبدالله بن أحمد آل صالح، وكيل وزارة الاقتصاد لشؤون التجارة الخارجية والصناعة، في منتدى أعمال إثيوبي إماراتي، إن الصادرات الإماراتية إلى إثيوبيا في 2018 وصلت إلى 200 مليون دولار، بزيادة 46% عن عام 2017.

كما قال سهيل بن محمد المزروعي، وزير الطاقة والبنية التحتية الإماراتي، إن حجم استثمارات بلاده في السودان وصل إلى 7 مليارات دولار، وكان أبرز هذه الاستثمارات في مجالات الزراعة والسياحة.

وينقل تقرير لموقع “العربي الجديد” عن مصدر اقتصادي مصري أن الاستثمارات الإماراتية في إثيوبيا تضاعفت بشكل خطير خلال العامين الماضيين، والأخطر من ذلك هو تركزها في مجالات الزراعة والإنتاج الحيواني والطاقة، وهو ما تسبب في قلق مصري بسبب ارتباط تلك الاستثمارات بشكل وثيق بمشروع السد.

ولكن اللافت أنه بجانب الاستثمارات الضخمة، فإن أبوظبي كانت كريمة جداً في مساعدة أديس أبابا على مساعدتها في مشكلة نقص العملة.

ففي عام 2018، أعلن أن الإمارات سوف تقدم 3 مليارات دولار كمساعدة لإثيويا منها مليار دولار ستُودع في البنك الوطني (لإثيوبيا) في غضون أيام قليلة لمعالجة نقص العملة الأجنبية”. حسبما قال أحمد شيد، رئيس مكتب شؤون الاتصالات الحكومية في إثيوبيا لوكالة رويترز، بعد اجتماع رئيس الوزراء الإثيوبي أًبي أحمد مع ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد في أديس أبابا”.

السعودية.. ثالث مسثتمر في إثيوبيا

تعدُّ السعودية حالياً، وفق بيانات أديس أبابا، سادس أكبر شريك تجاري لإثيوبيا بقيمة تبادل إجمالية تبلغ 6 مليارات دولار، وزاد بشكل كبير إصدار تصاريح العمل للعمالة الإثيوبية البسيطة في السعودية، خصوصاً قبل جائحة كورونا، ما عزّز العلاقات بين البلدين.

ومنذ انضمام السعودية لمنظمة التجارة العالمية في عام 2005، أصبحت إثيوبيا واحدةً من أهم الدول الجاذبة للاستثمار من قبل المواطنين السعوديين، وأعلن القنصل العام الإثيوبي في جدة، مروان بدري، أن الاستثمارات السعودية في إثيوبيا تبلغ نحو 13 مليار دولار، متوقعاً زيادتها، لكن جائحة كورونا أعاقت المسيرة بعض الشيء.

وقبل سنوات كانت السعودية هي ثالث أكبر مستثمر في إثيوبيا بـ294 مشروعاً، حسب تقرير لصحيفة الشرق الأوسط السعودية نشر في عام 2017.

ومعظم الاستثمارات السعودية في مجالي الزراعة والإنتاج الحيواني، كما أن لهم استثمارات هائلة في مزارع البن، الذي تستورد منه الرياض سنوياً أكثر من 80 ألف طن.

وطرحت أديس أبابا حوافز عدة طرحتها للمستثمرين السعوديين، من بينها الإعفاء الجمركي وإلغاء الازدواج الضريبي، واتفاقية القرض وتوصيل الكهرباء، في حين قدم الصندوق السعودي للتنمية تمويلات وقروضاً ميسرة لاستنهاض التنمية في ريف إثيوبيا.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2019، وبينما كانت مفاوضات سد النهضة جارية برعاية إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب (الذي عاقب إثيوبيا بعد ذلك)، أعلنت حكومة آبي أحمد حصولها على قرضين من السعودية بقيمة 140 مليون دولار، لتمويل مشاريع للبنية التحتية والطاقة، وأنه سيتم توجيه القرضين إلى إنشاء طرق ومشاريع الطاقة وإمداد المياه. وقبلها في عام 2016، وبموجب اتفاقية التعاون التجاري والاقتصادي والأمني بين السعودية وإثيوبيا، زوّد صندوق التنمية السعودي 305 مستثمرين سعوديين و69 شركة سعودية بالتمويل لتطوير الإمكانات الإثيوبية.

العمالة الإثيوبية في الخليج.

من بين أوراق الضغط الخليجية على إثيوبيا التي لا يتم التركيز عليها كثيراً، مسألة العمالة الإثيوبية، ولاسيما في السعودية.

وتمثل العمالة السعودية في إثيوبيا نسبة كبيرة من العمالة المنزلية التي يقدر عددها الإجمالي بنحو 2 مليون و400 ألف، وفقاً لتقديرات نهاية 2018.

ويعتقد أن عدد العمالة الإثيوبية يتراوح بين نحو 350 إلى 400 ألف، حيث كانت تمثل في عام 2019 نحو 20% من جملة تأشيرات العمالة المنزلية.

علماً أن السعودية أوقفت عدة مرات تأشيرات العمالة الإثيوبية (أحياناً بسبب جرائم ارتكبها أفراد منهم) ما سبب ارتباكاً لأديس أبابا، وكان يمكن أن يسستخدم هذا الملف بشكل كبير في الضغط على إثيوبيا في ملف سد النهضة خلال عمليات وقف استقدام العمالة وإعادتها.

وسبق أن استخدمت الرياض مسألة التهديد بطرد العمالة للضغط على دول عدة منها باكستان.

وبالنسبة للإمارات، فلقد أعلن آبي أحمد في يوليو/تموز 2019، أن بلاده ترسل 50 ألف عامل إثيوبي إلى الإمارات، في إطار برنامج يستهدف تطوير القوة العاملة المحلية.

وبناء على هذه الحقائق، فإننا نلاحظ وجود عدد كبير من أوراق الضغط الخليجية على إثيوبيا، أغلبها مملوك للسعودية والإمارات، ولكنها لم تستخدم على الإطلاق.

في المقابل فإن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عاقبت إثيوبيا عندما تنصلت من مشروع اتفاق للأزمة جرى التوصل إليه عبر الوساطة الأمريكية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.