عودة الروح للحياة الاجتماعية في تونس.. والسبب كورونا
بعد أن أقدمت الحكومة التونسية على خطوة جديدة من الخطة الوطنية لمواجهة وباء كورونا، وعلى الرغم من أنها لم تعلن الانتقال إلى المرحلة الثالثة، إلا أنها اتخذت إجراءات استباقية في محاولة للحدّ من الاصابات التي تصاعدت وتيرتها بشكل مقلق .
تجاوز تناقضات
وما يطمئن في الخطاب الحكومي التونسي في الفترة الأخيرة أنه أصبح أكثر وضوحاً، وقائماً على قرارات محددة، وقابلاً للتقييم والمتابعة والمحاسبة .
كما أن الائتلاف الحكومي الوطني قد نجح في تجاوز تناقضاته، وتراجع اللغط حول تباين وجهات النظر بين رئاسة الجمهورية والبرلمان التونسي .
وظهر رئيس الوزراء إلياس الفخفاخ في صورة إيجابية ومطمئنة، وتوحدت مكونات السلطة في مواجهة هذا الخطر الداهم الذي يهدد الجميع دون تمييز أو استثناء .
وأغلقت حكومة تونس كامل حدودها، وهي بصدد إعادة التونسيين العالقين في الخارج وتسفير بقية الأجانب الراغبين في اللحاق ببلدانهم المختلفة .
وبذلك يُغلَق الباب نهائياً أمام احتمال تسرّب الفيروس من خارج البلاد، إذ لا تزال المعطيات تؤكد أنّ معظم الإصابات مستوردة .
لكن ما تخشاه وزارة الصحة الاتحادية في تونس التي تؤدي دوراً حيوياً في هذه المعركة، هو عدم التزام كثير من المواطنين احترام الحجر الصحي، وهو ما سبّب انتشار العدوى بنسق متصاعد .
بؤر للفيروس
ويكفي أن يغادر مصاب بيته دون إذن طبي حتى تترتب عن ذلك إصابة ما لا يقلّ عن 4 أو حتى 8 أشخاص، وهناك حديث في جمهورية تونس عن بؤر خطيرة للوباء مثلما حصل في الحيّ اليهودي من جزيرة جربة.
وفي الخطاب الذي توجه به الرئيس قيس سعيّد قبل أيام، والذي دعا فيه التونسيين إلى “الانضباط والتزام الإجراءات التي أقرتها الدولة في إطار مكافحة وباء كورونا”.
وهذه الدعوة لقيت اعتراضاً من بعض رؤساء البلديات الذين رأوا فيها محاولة رئاسية للحدّ من صلاحياتهم التي نصّ عليها الدستور، وأكدوا أنهم أعلم بأوضاع جهتهم من بقية السلطات، بما في ذلك رئاسة الجمهورية.
الدولة القوية
وأوضح ذلك إلى بروز تعارض في الصلاحيات بين الديمقراطية المركزية والسلطة المحلية. هذا الأمر دفع وزراء الحكومة المنتمين إلى أحزاب متعددة للانحياز إلى وجهة نظر رئيس الدولة، وعلّلوا رأيهم بالظروف الصعبة التي تمرّ بها البلاد، سواء على الصعيد الصحي أو الاقتصادي، وهو ما يقتضي – حسب رأيهم – الالتفاف حول الدولة وتضييق مساحة الاجتهاد الفردي أو الجهوي، حتى لا تتعرض المصلحة الوطنية للتهديد والتفتّت .
وفي ظلّ الأزمة الحالية التي تعاني منها تونس التي تعصف بالبلاد، عاد البحث من جديد عن فكرة الدولة القوية، على الرغم من تمسك معظم الأطراف بالمنهج الديمقراطي في اتخاذ القرار .
وما طالب به إلياس الفخفاخ في خطابه الأخير الذي شرح فيه الإجراءات المتخذة يصبّ في هذا الاتجاه، ولا سيما حين دعا البرلمان التونسي إلى تمكينه من إصدار مراسيم وقوانين عاجلة خلال الشهرين المقبلين حتى يتمكّن من تنفيذ القرارات التي أعلنها لمواجهة الأزمة .
وذلك وفق ما نصّ عليه الدستور التونسي في فصله السبعين، خصوصاً أنّ جلسات البرلمان شبه متوقفة، وحركته أصبحت بطيئة، ما أثر بوضوح في مؤسسات الدولة المختلفة .