عُمال مصريون تحت مطرقة كورونا وسندان لقمة العيش
اعتادوا على كسب عيشهم بقاعدة رزق اليوم باليوم .. لم يكونوا على دراية بما يخبأه لهم القدر.. داهمهم على حين غرة فيروس كورونا المستجد.. أوقف حالهم.. جعلهم في حيرة من أمرهم.. عُمال مصريون باتوا اليوم يئنون تحت وطاة كوفيد 19.
مصطفى وأقرانه يعملون في قطاع البناء، لكنهم على استعداد لتقديم أي نوع من العمل البدني، وهم من بين العمالة غير المنتظمة في مصر، والتي يبلغ قوامها نحو 12 مليون شخص، بحسب إحصاء لاتحاد عمال نقابات مصر.
ويعرف العامل غير المنتظم بأنه من يعمل خارج أي مظلة تأمينية أو اجتماعية، ويعتمد على تحصيل أجره بشكل يومي.
وتمثل العمالة غير المنتظمة في مصر أكثر من 40 بالمئة من العاملين في البلاد، البالغ عددهم 30 مليوناً، بحسب أحدث إحصاء للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء المصري (جهاز الإحصاء الحكومي).
المرض الوِحش
يقول مصطفى، حاله حال عُمال مصريون آخرون، وهو شاب ثلاثيني يعول خمسة أبناء، “منذ شهر لم يدخل جيبي جنيه واحد، لم يطلبنا أحد للعمل، ربما من قبل انتشار المرض (الوِحش) – في إشارة على ما يبدو إلى وباء الكورونا – العمل غير متوفر، ولا أستطيع شراء وجبة غذاء لي أو لأولادي”.
حظر التجوال
شكاوى مصطفى والملايين من عمال اليومية تزايدت بعد تمديد الحكومة المصرية إجراءاتها الاحترازية ضد فيروس كورونا، بفرض حظر التجوال، وغلق منشآت تجارية وحرفية، علاوة على غلق المقاهي التي تقدر بنحو 2 مليون مقهى.
وقررت الحكومة المصرية اتخاذ عدة خطوات لمحاولة دعمها، أبرزها قرار بصرف منحة قدرها 500 جنيه (33 دولارا)، لكن تطبيق ذلك يقابله مشكلة عدم وجود قاعدة بيانات لهؤلاء العمال، وفقًا لما ذكره موقع (بي بي سي عربي).
وأصبح على العمال تسجيل أنفسهم، ثم تأتي مرحلة التثبت من استحقاقهم للدعم الحكومي، لكن هذا كله يستغرق وقتا ليس بالقصير، بحسب مسؤولين بوزارة القوى العاملة.
تأثير سلبي
ويقول عمرو عدلي، أستاذ الاقتصاد السياسي في الجامعة الأمريكية، في القاهرة إنه “من الصعب قياس عمق تأثير الأزمة على العمالة غير المنتظمة على المدى القصير لعدم وضوح أوان انتهاء الأزمة وإذا ما كان هذا الوباء موسمياً أم مؤقتاً”. وأضاف “لكن بالطبع سيكون هناك تأثير سلبي”.
وأوضح عدلي أن التأثير سيكون سلبيا على المدى القصير بسبب تداعياته على القطاعات المختلفة من المقاولات والسياحة والتجارة، مضيفا أن هناك جانبا إيجابيا أيضا يتمثل في إنشاء قاعدة البيانات التي تقوم الحكومة بإعدادها حاليًا، لأنها قد تكون نواةً للاستعانة بهذه العمالة وربما دمجها مع الأعمال الحكومية أي وضعها تحت مظلة أو كيان”.
مبادرات مجتمعية
وتعمل عدة منظمات غير حكومية على مبادرات لتوفير دعم نقدي للعمالة غير المنتظمة أيضا من خلال الحكومة المصرية، من بينها صندوق تحيا مصر ومؤسسة مصر الخير وغيرها، غير أن الأمر مرتبط بالحصر والتدقيق وجمع الأموال اللازمة من المتبرعين والجهات المانحة، بحسب ما قال القائمون على هذه المبادرات.
الصحة مقابل حياة الأسرة
يقول رمضان، وهو يرمي بمعداته غاضبا، “هتفرق ايه اذا أصبت بالكورونا من عدمه؟ أنا الآن بلا دخل منذ أكثر من أسبوعين ولا أجد قوت يومي وإذا استمر الحال على كده هموت من الجوع أنا والسبع عيال، وإذا أصبت بالكورونا هموت… النتيجة واحدة”.
ويضيف رمضان: ” نادوا في البلد عندنا للذهاب إلى مركز البريد لتسجيل أسمائنا كعمالة غير منتظمة وسجلت كما قالوا عشان ناخد الفلوس اللي الحكومة قالت عليها، ولكن لا أعتقد أنها ستصدق فيما تقوله”.
الجدير بالذكر أنه وبحسب إحصاءات رسمية، يرزح نحو ثلث المصريين تحت خط الفقر.