“كارثة إنسانية” أم “مطالب عادلة”؟.. أزمة السودان تتعقد

0

اعلنت لجنة أطباء السودان المركزية عن (173) حالة  اصابة تم حصرها بينها إصابة غير مستقرة برصاص حي في الفخذ، و(101) حالة إصابة بطلق ناري متناثر -مرجح أنه بسلاح خرطوش- (من بينها إصابة في العين -من مواكب مدينة مدني- خطيرة وتستدعي تدخلاً جراحياً وإصابات في الرأس والعنق والصدر والبطن والفخذ، بعضها استدعى تدخلاً جراحياً)، و(7) إصابات في الرأس بعبوات غاز مسيل للدموع، و(3) حالات إصابة في العين بعبوات غاز مسيل للدموع. وأوضحت اللجنة  في تعميمٍ صحفي، ازدياد استخدام سلاح الخرطوش بكثافة ضد المتظاهرين السلميين مما أدى لإصابات خطيرة واستشهاد العديد من المصابين بطلقاته.

في سبتمبر/أيلول 2013 اندلعت موجة من الاحتجاجات الشعبية في ود مدني، والخرطوم، وأمدرمان وبلدات أخرى في شتى أنحاء السودان، بعد أن أعلن الرئيس عمر البشير عن إيقاف دعم الوقود وبدء إجراءات تقشف أخرى. ردت قوات الأمن الحكومية على الاحتجاجات باستخدام القوة، بما في ذلك القوة المميتة، على هيئة الذخيرة الحية. تناقلت التقارير مقتل أكثر من 170 شخصاً بينهم أطفال، أثناء تعامل الحكومة مع الاحتجاجات، مع إصابة المئات غيرهم واعتقالهم واحتجازهم، والبعض لأسابيع وشهور، دون اتهامات أو إتاحة مقابلتهم لمحامين أو إتاحة الزيارات العائلية. ولقد تعرض المحتجزين، لا سيما من ينحدرون من دارفور، للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة.

أصبحت العاصمة الخرطوم شاهدة على الانقسامات بشأن إدارة المرحلة الانتقالية، حيث تنظم أطراف متناحرة تظاهرات واعتصامات في خضم أزمة سياسية يشهدها السودان بعد حوالي شهر من محاولة انقلابية، في وقت يعاني السودانيون من تضخم يقترب من الـ400 في المئة.ووصف رئيس الحكومة، عبد الله حمدوك، الأزمة التي تمر بها بلاده بأنها “أسوأ وأخطر” ما تواجهه الدولة منذ إسقاط عمر البشير في 2019، قائلا إنها “تهدد بلادنا كلها وتنذر بشرر مستطير”.

يقول المحلل السياسي محمد عثمان الرضى إن السودان يشهد انقساما سياسيا، مضيفا “أصبح هناك معسكرين؛ كل معسكر يسعى إلى هزيمة الآخر”.والسبت، تظاهر آلاف السودانيين المؤيدين للجيش، مطالبين بحل حكومة حمدوك، وتشكيل “حكومة عسكرية” تدير البلاد، لحين إجراء انتخابات عامة.وفي المقابل، يؤكد خصوم متظاهري السبت أن تحركهم نظم بإيعاز من أعضاء في قيادة الجيش وقوات الأمن، وأن أنصار النظام السابق كانوا بين المتظاهرين، داعين إلى “تظاهرة مليونية” الخميس المقبل.ويصف محمد عثمان الرضى مثل هذه التظاهرات بأنها “كروت (بطاقات) يستخدمها المواطنون من أجل الضغط على متخذي القرار”، مضيفا “هي من الأساليب الناجعة خلال الفترة الانتقالية”.

الطرف المستفيد، فهو “المكون العسكري الذي يتقوى بالفصيل المنشق عن الحرية والتغيير، باعتبار أنه يميل بدرجة أكبر لتوفيق المواقف مع موقف الجيش في الفترة الانتقالية”، بحسب المجذوب.وعلى عكس ما حدث في مظاهرات سابقة، تمكن محتجو السبت من الوصول إلى بوابات القصر الرئاسي الحصين، في ظل وجود ضعيف للشرطة عند منطقة الاحتجاج.يقول المجذوب: “هذا تحالف غير مرئي، لكن ملامحه تظهر في السماح للمحتجين بالوصول إلى القصر الرئاسي والاعتصام بجواره دون اعتراض أو استخدام القوة”.

ويرى البعض أن الظرف الثاني المستفيد هو “عناصر النظام السابق التي تتماهى مع تظاهرات السبت باعتبار أن المكون العسكري وبعض الأحزاب تميل إلى الكفة التي يمكن أن تعيد الوضع السياسي إلى ما كان عليه حكم البشير”.وأضاف مجذوب “عناصر نظام البشير التي تضررت من سقوط النظام، ومجموعة من المكونين العسكري والمدني لا تريد الانتقال الديمقراطي بل تعودت على الحكم الشمولي، خاصة تلك الأحزاب التي تعاونت مع نظام الإنقاذ، ولذا فهي تعمل على تقويض حكومة حمدوك”.

وكان الحكام الجدد للسودان يرون في إنهاء الصراعات الداخلية أولوية قصوى للمسار الديمقراطي في الدولة التي كانت منبوذة ذات يوم.وفي هذا السياق، يقول هندي إن الوعاء السياسي الذي تكون بعد الإطاحة بالبشير كان يهدف إلى احتواء القوى المهمشة، ومحاولة الخروج من نمط حل المشاكل السودانية عبر المحاصصة إلى اتفاقيات شاملة وتسويات لاستيعابها داخل مؤسسات الدولة والمشاركة بها، وتوزيع الثروات، وإقامة أدوات حكومية قادرة على على الأقل على نقل التنمية في تلك المناطق وتطويرها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.