لبنان أمام طريق مغلق .. صراعات معلنة وأخرى من تحت الطاولة
تعيش الأحزاب في لبنان هذه الأيام حالة من تراشق الاتهامات فيما بينها، الأمر الذي عكس حالة من عدم الثقة المتبادلة في ظل وجود صراعات معلنة واخرى مخفية، حيث بلغت تلك الاتهامات قمتها حينما أصدر رئيس تيار المستقبل سعد الحريري بيانا يهزأ فيه من وزير الخارجية السابق ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.
وأفاد خبراء سياسيين في لبنان بأن هنالك دعم كبير قدمه البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وأشاروا إلى أن هذا الدعم من شأنه أن يقود لبنان من صراعات وتجاذبات سياسية واقتصادية إلى صراعات طائفية.
البطريك يدعم سلامة
كان البطريق الماروني بشارة الراعي، قد قدم دعمة في عظة الأحد إلى سلامة، مؤكدًا أن الهجوم الذي تعرض إليه الأخير من قبل رئيس الوزراء حسان دياب، يعد بالغ القسوة، وذلك بعدما وصف دياب الأسلوب الذي اتبعه رياض سلامة في إدارة مصر ف لبنان المركزي بأنه “مريب”.
ووسط جدل متزايد بشأن ما إذا كان ينبغي على حاكم المصرف المركزي الذي يشغل المنصب منذ 27 عاما أن يستقيل، قال البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، الذي يمثل أعلى سلطة دينية مسيحية في لبنان، إن انتقاد سلامة لن يسفر عن شيء سوى إلحاق الضرر بالبلاد.
وقال “نسأل: من المستفيد من زعزعة حاكمية مصرف لبنان؟ المستفيد نفسه يعلم”. وأضاف “أما نحن فنعرف النتيجة الوخيمة وهي القضاء على ثقة اللبنانيين والدول بمقومات دولتنا الدستورية”.
مصلحة حزب الله
كشف الخبراء السياسيين في لبنان، أن هذه الاتهامات المتبادلة بين الأحزاب والسياسيين من جهة، كلها تصب في صالح حزب الله، مؤكدين بأن حزب الله هو من حرك قضية إقالة رياض سلامة ومن ثم تراجع عنها بعدما عرف أن إخراج حاكم مصرف لبنان لن يكون بتلك السهولة، وسيصحبه تداعيات تؤثر على سعر صرف الليرة اللبنانية المتراجع أساساً.
ووفقًا لما نقلته صحيفة (العرب اللندنية) فقد صرح سياسي لبناني قائلًا إن حزب الله هو من يدير حاليًا المشهد السياسي في لبنان، وبالتحديد الصراعات الدائرة خلف الستار، خصوصا بعد أن أصبح رئيس مجلس الوزراء في جيبه وفي جيب جبران باسيل الذي يرى أن مستقبله السياسي يعتمد على الحزب.
وكرر باسيل رئيس التيار الوطني الحر، وهو الحزب المسيحي الماروني الذي ينتمي إليه الرئيس ميشال عون، الكثير من انتقادات دياب لرياض سلامة قائلا إن المصرف المركزي يتحمل “مسؤولية كبيرة” عن الخسائر التي حدثت وغياب الشفافية والتعاون.
وطالب باسيل الدولة الآن بالاضطلاع بمسؤولية “تصحيح” هذه الأخطاء، وقال إن هذا “لا يعني أنها تقوم بانقلاب على النظام المالي الحر ولا على استقلالية المصرف المركزي”.
الإمساك بمفاصل الدولة
وأكد الخبراء السياسيين أن حزب الله يسعى في الوقت الراهن للإمساك بمفاصل الدولة اللبنانية، سيما مع وجود الرئيس الفعلي لرئاسة الجمهورية (جبران باسيل) الذي ينفّذ ما يطلبه منه الحزب.
وأوضحوا أن حزب الله أخيرًا وجد ما كان يبحث عنه في حسان دياب بعد أن فتح معركة مع رياض سلامة في وقت لم يعد مطروحا البحث في الأسباب الحقيقية للانهيار الاقتصادي، وهي أسباب مرتبطة بممارسات حزب الله التي أوصلت الاقتصاد اللبناني إلى الانهيار.
ممارسات حزب الله، كان من شأنها أن تؤدي إلى قطيعة لبنان والعرب من جهة وإلى عقوبات أميركية على البنوك اللبنانية من جهة اخرى.
سخرية
ومن المعروف في الأوساط اللبنانية أن رياض سلامة لم يكن يعارض خضوع لبنان للعقوبات الأميركية خشية إفلاس المزيد من المصارف، كما حدث تمامًا مع “جمّال تراست بنك”.
وقد سخر تيار المستقبل في بيان أصدره، من دعوة باسيل إلى اللبنانين والسياسيين والاقتصاديين إلى اتخاذه مثالًا لا بد من الاقتداء به في النزاهة والشفافية وحسن سير الأداء.
وأورد تيار المستقبل في بيانه، ردًا على تصريح باسيل، “إنها تقع في خانة توجيه السياسات العامة للحكومة ورئيسها حسان دياب”.