دخلت الحكومة التونسية في العديد من الضغوطات بعد إستقالة حكومة إلياس الفخفاخ، لا سيما خلال الـ 24 ساعة الماضة، حيث حدث الكثير من الشد والجذب بين المكونات السياسية المختلفة في البلاد .
أزمة عميقة
ومن الواضح بأن هناك أزمة عميقة وغير مسبوقة، لا سيما وأنه تمت إقالة كل وزراء حركة النهضة التي كانت السبب الأساسي في الإستقالة التي تقدم بها إلياس الفخفاخ .
كما أن البرلمان التونسي شهد العديد من التجاذبات مع مساعي لسحب الثقة من رئيسه راشد الغنوشي، ما يجعل البلاد مفتوحة على سيناريوهات عدة في الفترة المقبلة، وهو الأمر الذي يجعل التخوف هو سيد الموقف في الوقت الراهن .
وفي سياق الأزمة التونسية قال رئيس “المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات” فرع تونس، مهدي مبروك، في تصريحات لوسائل إعلام تونسية إنّ “تطورات الأحداث والسيناريو الذي حصل، وخصوصاً كيفية حصوله لم يكن متوقعاً، ولكن الـ72 الأخيرة كانت حاسمة، وهي وراء تسارع الأحداث، خصوصاً بعد توقيع التيار الديمقراطي، أحد مكونات التحالف الحكومي، على لائحة الحزب الدستوري الحر لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين تنظيماً إرهابياً (اللائحة سقطت) “ .
وأضاف: ” إن بداية التحرك لسحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي، يضاف إلى ذلك شبهة تضارب المصالح لرئيس الحكومة إلياس الفخفاخ وبالتالي تسارعت الأمور التي عجلت بموقف النهضة وإعلانها الانطلاق في مشاورات لحكومة بديلة، وهو ما أدى لاستقالة الفخفاخ” .
مشهد مختلف
وزاد مبروك أنّ “ما قاد إلى الأزمة وتجدده بشكلها الحالي هو نتائج الانتخابات والناجمة عن القانون الانتخابي المعتمد، وكذلك النظام السياسي، وهو نظام شبه برلماني وشبه رئاسي” .
واستطرد أنّ “النتائج الانتخابية لم تفرز فوز حزب أغلبية أو يتمتع بقاعدة واسعة”، مشيراً إلى أنّ “المشهد كان مختلفاً عن أعوام 2011 و2012 و2014، بحيث يصعد عادة حزبان هما الحزب الأول والثاني، ولكن ما حصل هو تشتت للأحزاب، وحتى الأحزاب الخمسة الأولى الحالية لا يمكنها أن تجمع نسبة أصوات تمكّنها من تمرير المشاريع”.
وتابع: “تمّ الذهاب إلى ما سمي بحكومة الرئيس، وهذه الحكومة لم تلعب دوراً تجميعياً، وكانت حكومة الخصوم المتحالفين؛ فالتيار الديمقراطي وحركة الشعب على الرغم من انتمائهما لموجة الثورة، لكنهما سرعان ما كشفا عن عدائهما لحركة النهضة والتي انتمت بدورها مكرهة للحكومة، والعداء كان متبادلاً”. ولفت مبروك إلى أنّ “الأعداء في البرلمان هم أعداء في الحكومة، وقد كانوا في الأخيرة حلفاء الضرورة فقط، وبالتالي عجز رئيس الوزراء عن أن يكون فريقه الحكومي منسجماً، وهو ما كشفت عنه مناكفات سياسية عدة، كان بعضها حاداً”.
دور حزب قلب تونس
واختتم مبروك إنّ “وصول الغنوشي إلى رئاسة البرلمان لم يكن من خلال حلفاء الحكومة، وإنما من خلال حزب قلب تونس، وهو ما جعل حركة النهضة وكأنها مدينة لهذا الحزب الذي تم رفع الفيتو في وجهه، وظلّ معاقباً تحت ضغط التيار الديمقراطي وحركة الشعب في الحكومة، ما دفع لعدم إشراكه فيها”. وأكد أنّ “الأحداث تسارعت في الأيام الأخيرة، خصوصاً بعد تصويت حليفي النهضة في الحكومة لصالح لائحة الدستوري الحر، ثمّ توقيع سحب الثقة من الغنوشي، وهي علامات جعلت النهضة تستشعر الخطر، ودفعتها إلى لعب ورقة تثبت وجودها واستطاعت في 24 ساعة قلب المعادلة السياسية”.
