معضلة التحالفات السياسية في السودان تطيل عمر الأزمة

0

يشهد السودان توتراً في المشهد السياسي خلال الفترة الحالية، بخاصة بعد قرارات البرهان في 25 أكتوبر (تشرين الأول)، التي أبعدت رئيس الوزراء عبد الله حمدوك من المشهد السياسي، مما حطّم آمال السودانيين في الوصول لمطلبهم الأساسي، وهو حكومة مدنية متكاملة عبر صناديق الاقتراع.

وأصبحت العملية السياسية في السودان شبه متعطّلة، ونتج عنها ظهور تحالفات سياسية جديدة للوصول إلى حكم ديمقراطي، وإعادة مسار الانتقال.

في هذا السياق، قال المحلل السياسي، حافظ كبير، إن “هناك متغيراً أساسياً في الساحة السياسية في السودان، وهو اتحاد البعثة الأممية، والاتحاد الأفريقي، والإيقاد. فخلال المرحلة السابقة التقت البعثة عدداً كبيراً من القوى السياسية. وهناك قوى سياسية موافقة على العملية السياسية، وأخرى رافضة، ابتداءً من الدخول في حوار سياسي، منها الحزب الشيوعي، وربما لجان المقاومة، لكن بصورة أساسية المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير سيكون جزءاً من الحوار السياسي”.

ويضيف كبير، “هناك نقاش حول إضافة الإسلاميين إلى الحوار السياسي، وهو المؤتمر الشعبي، ومواقفه الأخيرة توضح أنه يقف إلى جانب الأحزاب التي ترى أن الذي حدث في السودان انقلاب عسكري، والحل السياسي يجب أن يُفضي إلى تكوين مجلس سيادة مدني”.

أما في ما يتعلق بمشاكل التحالفات السياسية فيؤكد كبير، أن “هناك مشاكل تواجه التحالفات السياسية الجديدة، بخاصة الموجودة في الميثاق، والجبهة الثورية مرتبطة بالسلطة باتفاق سياسي، ولا تستطيع العبور وترك الحكومة إلى المجلس المركزي بشكل تام، لكنها ستنسق بينها وبين المجلس المركزي، باعتبار أن جزءاً من هذه الحركات الحركة الشعبية بقيادة مالك عقار وحركة الهادي إدريس والمجلس الانتقالي بقيادة الهادي الطاهر حجر وتجمع قوى اتحاد السودان، يتفقون مع رؤية المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير”.

وعن الاتحاد الديمقراطي ومشاركته يرى كبير أن “الاتحاد الديمقراطي يُلملم أطرافه الآن للانضمام لهذا الحوار، ربما ليس من منصة الحرية والتغيير، إنما من منصة الأحزاب المقبولة في العملية السياسية. وربما تتشكل رؤية جديدة أو تحالف جديد من قوى الميثاق والحركات المسلحة الموجودة في الساحة، مثل حركة مناوي وحركة جبريل، ويمكن أن ينفتح هذا التحالف ويضم إلى جانبه مجموعات جديدة، وتم أخيراً في هذا الاتجاه ضم مسار الشرق ومجموعات من لجان المقاومة واللجان الأهلية”

وعن النتيجة النهائية للتحالفات المختلفة قال كبير إنه “بصورة عامة فإن المواقف هي التي ستحدد التحالفات السياسية وشكلها، وكذلك نتائج الحوار السياسي، حيث إن هناك تحالفات كثيرة من أجل تغيير الوضع الحالي وصياغة دستور جديد، وهناك تحالفات ربما تظهر في المستقبل، والقديمة سيُعاد تشكيلها. وبصورة عامة فإن قوى الحرية والتغيير ستصطف إلى جانب القوى المناهضة، وستعرف ما جرى بأنه انقلاب. وسينضم إلى الميثاق الوطني القوى السياسية التي ليس لديها موقف حاد من المكون العسكري، وسيكون هناك عدة أطراف، ولا نستطيع أن نحكم على النتائج حتى يأتي 10 مايو (أيار) وتنطلق العملية السياسية، وعموماً كل تحالف سيسعى لضم أكبر عدد من القوى الممكنة إلى رؤيته لتعزيزها”.

وظهرت عدة تحالفات جديدة وأصبح السؤال من الذي سيُدير العملية السياسية في النهاية، ويصبح صاحب الصوت المسموع؟ في هذا السياق، يقول القيادي بـ”تحالف قمم”، والمتحدث الأسبق باسم الميثاق الوطني، محمد آدم، إن “السودان الآن أصبح بين عدة أطراف. نظرتنا للأمر تحتاج إلى تحالف له رؤية مشروع وطني حقيقي، لذلك قمنا بالتحضير لكيان (قمم) منذ أزمة 25 أكتوبر”.

وعن حقيقة الصراع في السودان الآن قال آدم، “النزاع الآن تشكله العاطفة السياسية أكثر من العقل السياسي، لذلك كنا نحتاج لشباب ثورة ديسمبر لوضع رؤية موضوعية معهم لإدارة الأزمة بشكل واضح. الأزمة في السودان الآن في ظاهرها شيء، وفي عمق الصراع شيء آخر. ولدينا في البلاد أكثر من 50 كياناً ما بين مهني وسياسي منها كيانات شبابية وطبية ومهنية وإعلامية، وبعضها سياسي، إضافة إلى المستقلين”.

وعن سلام جوبا قال آدم، “بنينا المشروع على مسألة الإجابة عن التساؤلات والتخوفات من كل الأطراف، وكنا نرى أن هنالك جزئية مهمة من المشروع، وهي السلام، والسلم الاجتماعي في السودان، خصوصاً أنه أصبح مهدداً بشكل كبير، وأصبحت مخرجات السلام في جوبا تحتاج إلى إنزالها إلى أرض الواقع بشكل آمن ومخاطبة الملفات التي ناقشها منبر جوبا”

أما عن العلاقات السودانية الخارجية وتأثيرها على الوضع السياسي الراهن فقال آدم، “وضعنا رؤية لشكل العلاقات الخارجية. أزمة الخارج في السودان مؤثرة بشكل مباشر في الأزمة الداخلية. المجتمع الدولي والإقليمي يعرف ماذا يريد من السودان. ووجب أن يعرف السودان ماذا يريد من المجتمع الدولي والإقليمي، لذلك بنينا محوراً كبيراً في العلاقات الخارجية، والتي تمثل رقماً صعباً على الأزمة السياسية”.

وفيما يتعلق بالوضع الاقتصادي في السودان قال آدم، “أصبح واحداً من المهددات والمحفزات للانتقال الديمقراطي، لأن الانتقال الديمقراطي هو عملية تغيير شاملة ليس سياسيةً فقط، بل اقتصادية واجتماعية، يجب تقديم رؤية اقتصادية لتفجير الطاقات لإدارة الموارد بشكل جيد، وطرحنا كتحالف جديد موضوع حوكمة الدولة السودانية، لأن واحدة من أهم الأمور لإدارة الدولة اقتصادياً والتخطيط الاقتصادي بشكل أفضل هو حوكمة الدولة. والتردي الحاصل الآن هو بسبب غيابها”.

من جهته، قال المحلل السياسي، محمود العوض، إن “الشعب السوداني بطبيعته يحب أن يكون قيادياً، وفي رأس الحكم، وكلما اجتمعت مجموعة أصبحت تؤسس تحالفاً جديداً دون وضع رؤى معينة، مما أنتج مجموعات سياسية كثيرة بأفكار صغيرة وتحريض للشارع، وهذا سبب رئيس في تعطل العملية السياسية وإهدار الوقت في محادثات سياسية بين فترة وأخرى بمخرجات صفرية”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.