العرب على أبواب دمشق ولبنان ينتظر الفرج من الشقيق الأكبر
«الحل في سوريا يأتي من السعودية، والحل في لبنان يأتي من دمشق» هل هذا، فعلاً، ما تقوله لعبة الدومينو لخدمة العرب على؟ هذا ماتم الإعلان عنه
القول لوزير خارجية مصري سابق يعتبر أن رجب طيب اردوغان الذي شق دونالد ترامب أمامه الطريق ليلعب في أكثر من مكان في المنطقة وخارج المنطقة، قد أدرك ما يعنيه وصف جو بايدن لمجزرة الأرمن عام 1915 بـ»الابادة الجماعية».
هكذا اقفل الرئيس الأميركي الباب أمام نظيره التركي الذي كان يراهن العرب على، وبكل ذلك الغباء، وبكل تلك الغطرسة، على اعادة احياء السلطنة، دون أن يعلم أنه ليس أكثر من حصان خشبي بين يدي البيت الأبيض.
اردوغان دق، بالقفازات الحريرية، على باب قصر الاتحادية، كما على باب قصر اليمامة. المصريون الذين أمام المأزق الأثيوبي ما زالوا على حذرهم حيال من وصفوه بـ الثعبان بقبعة السلطان».
السعوديون لا ينسون كيف طعنهم في الظهر في سوريا، وفي الخاصرة في قطر . هو الذي طالما خطط لاستخدام النيوانكشارية («الاخوان المسلمون»، و»داعش»، مروراً بـ»جبهة النصرة») لاختراق دمشق وبغداد، العرب على لتسقط الرياض، تلقائياً، بعدما تناهى اليه أن جاريد كوشنر يتبنى السيناريو الخاص باقامة كوندومينيوم تركي ـ «اسرائيلي» ، بادارة أميركية، في الشرق الأوسط.
في هذا الوقت الذي يشي بتحولات دراماتيكية في السياسات الأميركية، جاء كلام الأمير محمد بن سلمان حول الرغبة لاقامة «علاقات طيبة» مع ايران، تزامناً مع خطوات التواصل بين الرياض ودمشق، ليصدم اردوغان الذي كان يراهن على تحطيم العرب على الدول العربية، بالتالي تحويلها الى ولايات عثمانية.
في بدايات الأزمة في سوريا كانت نظرة البلاط السعودي للمشهد مختلفة كلياً. لم يأخذ برأي فلاديمير بوتين الذي قال لأهل البلاط ان انهيار الدولة في سوريا يستتبع انهيار المنظومة العربية بأكملها، ودائماً لمصلحة قوى تحاول، باللوثة التاريخية أو باللوثة الايديولوجية، أن تملأ الفراغ الذي بدأ الحديث عنه مع اطلاق «مبدأ ايزنهاور» عام 1957.
صورة الولايات المتحدة في المملكة اهتزت بقوة. الانسحاب من أفغانستان، وهي تكاد تكون السقف الصخري لـ «الشرق الأوسط الكبير»، مؤشر خطير على المسار المستقبلي للسياسات الأميركية في المنطقة. هذه الخطوة تداخلت مع خطوة العرب على خفض القوات في الخليج، في حين بدت الادارة الجديدة وقد عقدت العزم على العودة الى الاتفاق النووي، ليبدو آيات الله وكأنهم الطرف الأقوى في مفاوضات فيينا.
أعلنت المواقع الرسمية السورية أن تغييرات ضخمة ستحصل بعد زيارة فيصل المقداد إلى سلطنة عُمان، ويمكن وضعها في إطار دبلوماسية دمشق الجديدة، والتي تعتمد على التذخير السياسي
في التوقيت تأتي هذه الزيارة في اطارين، الأول هي الزيارة الأولى التي قام بها المقداد إلى عُمان بعد زيارة طهران بشكل مباشر، والثاني جاءت بعد زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى الخليج (الفارسي)، ولقاءاته التي ستثمر قريبً جُملة من تغييرات ضخمة والحلول والتي تتوافق مع دمشق بالمضمون والأهداف.
الأمر الأكثر أهمية يأتي في أنّ هذه الزيارة هي الأولى لوزير خارجية سوري منذ اندلاع الحرب على سوريا، وربطا بذلك، فإن زيارة المقداد إلى سلطنة عمان هي الزيارة الثالثة له إلى الخارج بعد إيران وروسيا، وهي زيارة ذات أهمية كبيرة لأنها أول زيارة لوزير الخارجية لبلد عربي، ولدور سلطنة عمان المحوري في الإقليم حيث إنها غالباً تشرف على تفاهمات ضخمة.
زيارة وزير الخارجية السوري إلى سلطنة عمان مثيرة للاهتمام بمكانها وتوقيتها، ومثيرة أيضاً لأن النوافذ العمانية تُطل على دروب كثيرة وغير تقليدية بالمعنى السياسي، حيث أن سلطنة عُمان أول دولة عربية وخليجية تُعيد سفيرها إلى دمشق، كما حافظت على سياسة الحياد منذ اندلاع الصراع في سوريا، وهو ما يؤهلها للعب دور الوسيط والإشراف على تفاهمات ضخمة، ربما ترتيب المصالحة الخليجية السورية. فهل ستشهد مسقط لقاءات للوفد السوري مع نظراء لهم من دول خليجية أخرى؟
حقيقة الأمر أن زيارة فيصل المقداد ونائبه بشار الجعفري إلى مسقط، قد لا تكون محصورة بلقاء مسؤولين عمانيين، بالنظر إلى جولة لوزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف شملت السعودية والإمارات وقطر، وصفت بالإيجابية وأوحت بتعديل المزاج الخليجي تجاه سوريا، فمن الواضح أن الجميع يبحث عن حلول للعودة إلى دمشق أولا، وثانيا لإيجاد حل سياسي لا يتجاوز سقف دمشق.
15عشر سنوات على الحرب في سوريا والمأساة مستمرة، وإن كانت كل الأطراف الدولية تتفق على أن الحل الوحيد هو الحل السياسي، إلا أن الاختلاف حول شكله ومساراته لا يزال سيد الموقف، لكن اصرار القيادة السورية على استمرار مناهضة السياسات الأمريكية والوقوف إلى جانب حركات المقاومة وتشبيك العلاقات الجيو استراتيجية مع روسيا وإيران،
فضلا عن قوة دبلوماسية توظف في مسارات صحيحة، كل ذلك سيكون له وزن ضاغط في استثمار انتصار دمشق العسكري، لا سيما بأن موقع دمشق يجعلها بوابة للشرق الأوسط برمته، وبالتالي فإن دمشق كانت ولا زالت بيضة القضبان في أي توازنات قادمة، ما يعني أن دمشق والقيادة السورية وباستراتيجية النفس الطويل، تمكنت من المحافظة على موقعها الفاعل والمؤثر في تغييرات ضخمة وجُل القضايا العربية، الأمر الذي سنشهد له تداعيات إيجابية افتتحتها زياة المقداد الى سلطنة عُمان.