الخلافات تعصف بالحزب الكبير

حزب الأمة القومي بين عجز الرئيس وسطوة الأمين العام

بتاريخه العريق والإرث السياسي الذي يمتلكه يعتبر حزب الأمة القومي من أكثر الأحزاب جماهيرية في السودان ، ويعتبر كيان الأنصار حاضنة الحزب الإسلامية المحافظة والتي تتمدد في وسط السودان وغربه لتشكل ولاءا راسخا يعزز وجود الحزب في أي معادلة سياسية إذا ألتزم جانب الإتساق الأخلاقي مع شعاراته والوفاء لأفكار مؤسسيه .
بعد وفاة الإمام الصادق المهدي ظهرت كثير من التباينات بين قادة الحزب وظلت تعلو للسطح بين الوقت والآخر داخل مؤسسة الرئاسة والأمانة العامة من جهة وبين كيان الأنصار من جهة أخرى ، وانتقلت بشكل أعمق بين الرئاسة والأمانة العامة ، وقد كانت آخر الخلافات بين الكيان والمؤسسة التنفيذية قد ظهرت جليا في إحتفال الحزب بذكرى تحرير الخرطوم والتي جاءت بائسة لأن من قام عليها كانت الأمانة العامة وهي شأن أنصاري بحت بحسب رؤية رئيس الحزب المكلف اللواء فضل الله برمة ناصر ، فقد أقيمت كلقاء علاقات عامة أُستبعد منه أسر واحفاد قادة الأنصار أمثال (التعايشي ، النجومي، علي ود حلو ، أبو عنجة وغيرهم) والذين درج الحزب على الحرص على حضورهم في المناسبات التي تحتفي بتاريخ الدولة المهدية وانتصاراتها، لكن هذا العام اكتفت الأمانة العامة بحضور طلاب خلوة الإمام عبد الرحمن فقط ، حتى أنهم لم يدعوا الإمام أحمد المهدي إبن السيد عبد الرحمن وهذا ما أظهر شرخا عميقا بين البيت الأنصاري وحزب الأمة .
سبق هذه الواقعة ما نقل وفقا لموقع ”دارفور24“ عن أن ”50“ عضواً بالمكتب السياسي لحزب الأمة تقدموا بمذكرة لرئيس الحزب المكلف فضل الله برمة ناصر، رافضين فيها ما وصفوه ب “العبث بتاريخ الحزب” ، مطالبين رئيس الحزب بوضع حد “للخروقات المؤسسية” متهمة الأمين العام بالانفراد بالقرار.
وقال رئيس الحزب المكلف؛ فضل الله برمة ناصر ”لدارفور24“ إن قيادة الحزب ستتعامل مع المذكرة بإيجابية وتابع “نحن نشجع الجميع على إبداء آرائه شفاهة أو كتابة، طالما الهدف هو الإصلاح”
ومذكرة الخمسين هذه سبقتها مذكرات أخرى من دوائر أضيق ناشدت الرئيس بؤدرمة ناصر بتلافي أخطاء الأمين العام الواثق البرير ومحاولاته لسلخ جلد الأمة القومي وتحويله لحزب علماني بحسب القيادي بحزب الأمة وكيان الانصار الأستاذ عبدالله الصادق الماحي والذي دعا ضمن آخرين لاصلاح الحزب ليعود قويا وفاعلا وقائدا للمشهد الوطني وفق مشاريعه السياسية والفكرية ومناهجه المتوارثة وبإرادة جماهيره وقيادة كوادره المؤتمنة على المبادئ..
فمنذ توقيع الوثيقة الدستورية الأولى في ابريل 2019م اتخذ حزب الأمة كحصان طراودة لتحقيق أجندة احزاب صغيرة ولصالح افراد فاشلين ادمنوا الفشل ، وركب عليه انتهازيون تماهوا مع العلمانيبن والاستخبارات الاجنبية بحسب عبد الله الصادق ، والذي وصف البرير بأنه يصر على تغيير مناهج الحزب واهمال مشاريعه السياسية والفكرية ويضعه تحت سطوة احزاب لا تمتلك جماهير ولا رؤية .
فقد ظل الواثق البرير منذ انتخابه أمينا عاما للحزب يعمل على خلق تيار له في حزب الأمة القومي غريبا على حقائق الاشياء في الحزب. وظل يستغل موقعه التنظيمي ومقدرات الحزب ووظائف الدولة في بناء تيار علماني جديد ، تيار خاص به شاذ وغريب وبعيد تماما عما عليه الحزب عبر تاريخه الطويل..
لكن المؤكد ان الرهان والانكسار تحت سطوة أفراد واحزاب صغيرة بلا جماهير نظير مفارقة مشاريع الحزب السياسية والفكرية لن توصل تيار البرير الى تطلعاته في قيادة الحزب رغم انف جماهيره وكوادره وقياداته المخلصة والصادقة من حراس مشارع الحق..

فقد نجحت قيادات يسارية وافراد علمانيون وكيانات صغيرة، في استغلال تواضع كفاءة واثق البرير كونه لم يتدرج في التنظيم ولا يملك خبرة سياسية بالاضافة لاندفاع تياره في اطار اجندة اليسار وتم استغلال تطلعاتهم للسلطة والوظائف والمال والاعمال في تغيير كل مبادئ الحزب ، لكن المؤكد لن تسمح جماهير الحزب عامة والانصار خاصة بتغيير حزب الحقاني تحت اى دعاوى وستصحح هذا المسار المتدحرج قبل الوصول الى الهاوية..
ستواجه هذه الارادة القوية الحاسمة بالرفض والصراخ من مجموعتين: اولهم اهل المصالح من المستوزرين الجدد والمستفيدين من المواقع والمصالح، الذين لم يصدقوا ما بلغوه من مواقع ومصالح ما كانت بالاحلام، ومجموعة اخرى من صادقين ارهقهم انتظار الاستقرار الوطني، ومندفعين انطلت عليهم الدعائية السوداء بحق حراس مشارع الحق العاملين بجد لتمكين الحزب مجددا من موقعه الوطني المستحق. وهؤلاء سيعودون الى الحق مهما طال الزمن. أما الادعياء من أهل المصالح سيواصلون اندفاعهم مع البرير تماهيا مع احزاب الحلاقيم، ليشكلوا لهم تيارا علمانيا شاذا عما عليه جماهير الحزب وكل اهل السودان، وسيخرجون من الأمة القومي لحزب جديد أشبه بالحلاقيم..

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.