تونس: توجس وقلق من مقترحات تمويل خطة مواجهة كورونا
أثارت أزمة وباء كورونا العديد من ردود الأفعلا العربية، حيث قامت الكثير من الدول باتخاذ إجراءات أكثر صرامة من أجل عدم تفشي الفيروس وسط المجتمع، وهو الأمر الذي عملت تونس على تطبيقه في الأيام القليلة الماضية .
البحث عن حلول
وتحدث نقاشات واسعة بين الرئيس التونسي قيس سعيّد ورئيس الحكومة إلياس الفخفاخ ورجال الأعمال، أثارتها أزمة وباء كورونا وما أفرزته من تداعيات اقتصادية واجتماعية جسيمة على الاقتصاد التونسي المنهك أصلاً .
كما أن أزمة كورونا انعكست على بحث الحكومة عن مصادر إضافية لتمويل قرارات عدة لدعم حوالي مليون عائلة تونسية لمجابهة الوباء والبقاء في المنازل .
ولا شك أن تونس مثلها مثل بقية البلدان العربية الآخرى لا سيما جمهورية مصر، حيث عانى أصحاب المؤسسات الصغرى والحرفيين من الحجر الصحي الشامل ومنع التجول ليلاً.
سخط من التبرعات
كما انطلقت حملات تبرعات مختلفة شملت المواطنين داخل البلد وخارجها، غير أنه رافقها انطباع عام بعدم قيام رجال الأعمال والمؤسسات الكبرى بدورهم كما كان منتظراً منهم خلال الأزمة، وهو الأمر الذي قوبل بسخط كبير في الشارع التونسي، كما أن تبرعات العديد منهم بدت شحيحة وغير متوقعة .
وجاء ردّ الفعل الأول من الرئيس قيس سعيّد، الذي عاد في اجتماع حول الأزمة إلى إحياء اقتراح قديم له يعود إلى بدايات الثورة التونسية (2010)، عندما صدرت قائمة تضم 460 متهماً بالفساد والثراء غير المشروع قبل الثورة .
وكان سعيد وقتها قد طرح فكرة إبرام صلح جزائي مع هؤلاء، عبر ترتيب المعنيين بالأمر وفقاً للمبالغ المحكوم بها عليهم، من الأكثر تورطاً إلى الأقل تورطاً، في مقابل ترتيب المعتمديات (المستوى الثاني من التقسيم الإداري في تونس بعد المحافظات) في تونس من الأكثر فقراً إلى الأقل فقراً .
ووفقاً لذلك، يقوم المحكوم عليه، في إطار الصلح الجزائي، بإنجاز المشاريع التي يطالب بها الأهالي في كل معتمدية (بنى تحتية، مؤسسات استشفائية، مؤسسات تربوية وغيرها) .
فيما أن المحكوم عليه بالمبلغ الأكبر يذهب إلى المنطقة الأكثر فقراً لتمويلها، تحت إشراف هيئة قضائية، مع إنشاء هيئات جهوية (محلية) في كل ولاية تتولّى التنسيق والمراقبة .
هلع لدى رجال الأعمال
وأثار طرح سعيّد هذه الفكرة من جديد هلعاً لدى رجال الأعمال والمؤسسات الاقتصادية، لكنه لم يكن الوحيد، إذ تحدث رئيس الحكومة الياس الفخفاخ بدوره عن إمكانية اتخاذ إجراءات جديدة في هذا الاتجاه .
ولم يستبعد الفخفاخ، في حوار له يوم الخميس الماضي، احتمال اللجوء إلى ضرائب استثنائية، قبل أن يستدرك بالقول: “أرجو ألا نضطر لذلك”.
وأضاف: ”نحن في حرب ضد فيروس كورونا ووجب تعبئة الموارد لهذه الحرب، إما من الخارج أو من الشركات والمؤسسات التي يمكنها أن تساهم'”، موضحاً أن تصريح رئيس الجمهورية لم يتحدث عن مصادرة أموال رجال الأعمال، بل فُهم اقتراحه بشكل خاطئ، قائلاً: ”مؤسف أن نذهب إلى معارك جانبية في هذا التوقيت” .
وفي لقاء مع رجال الأعمال، يوم الجمعة الماضي، فنّد الرئيس سعيّد ما يتم تداوله حول “المصادرة”، مشدّداً على أن “القضاء المستقل هو الذي يجب أن يتولى النظر في هذه الملفات” .
وكسب الفخفاخ دعماً واسعاً، مع تفويض البرلمان صلاحياته له، لمدة شهرين، مساء السبت، من أجل مواجهة وباء كورونا .
وذكر الفخفاخ أن الحكومة أعدّت مجموعة من النصوص القانونية وتنتظر المصادقة على التفويض حتى تصدرها، وأن طلب التفويض لم يكن في إطار التنازع على الصلاحيات وإنما استباقاً لتطورات الأزمة في البلاد .