العراق تحت مِقصلة كورونا وحربه المتجددة مع داعش
مع انتشار فيروس كورونا المستجد في العراق والارتفاع الأخير في عدد الحالات المسجلة، تساءل العراقيون أيهم أكثر خطورة العدو الجديد المميت المتمثل في الفيروس أم العدو القديم المألوف المتمثل في داعش ؟
ووفقاً لموقع صوت أميركا، وجد العديد من سكان العراق في الأسابيع الأخيرة أن داعش أكثر فتكًا من كورونا ، خاصة في المحافظات الشمالية المتنازع عليها بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان في أربيل.
وبحسب موقع قناة (الحرة) فقد أعلن العراق عن أول حالة إصابة بفيروس كورونا في أواخر فبراير، وأبلغت وزارة الصحة في البلاد منذ ذلك الحين عن 13 حالة وفاة بسبب الفيروس في محافظات كركوك وديالى وصلاح الدين ونينوى المتنازع عليها.
إلا أن عمليات قتل المدنيين والقوات الأمنية المبلغ عنها على يد داعش في تلك المحافظات، وصلت إلى 50 شخصًا على الأقل.
ارتفاع في الإصابات
ولمنع انتشار الفيروس التاجي بشكل أكبر، فرضت السلطات العراقية حظراً صارماً، ومنعت حركة المرور “غير الضرورية” والتجمعات العامة والشركات على الصعيد الوطني.
وقد أسفرت هذه القيود عن نتائج جيدة، إلا أن الوضع تغير في مايو حيث شهدت البلاد ارتفاعًا كبيرًا في حالات الإصابة، عندما خففت الحكومة حظر التجول.
وحتى يوم الجمعة، أعلنت وزارة الصحة تسجيل 9846 حالة إصابة ونحو 258 حالة وفاة.
الإغلاق الصارم
وبينما يكافح العراق لاحتواء الموجة الجديدة للفيروس المعدي، يبدو أن المناطق المتنازع عليها هي الأقل عرضة لهذه الموجة، ويرجع ذلك وفقًا لبعض الخبراء، إلى الإغلاق الصارم ما يحد من حركة السكان في المنطقة.
وفي عام 2014، عندما سيطر داعش على الموصل في هجوم كبير، سيطرت البشمركة على المحافظات الشمالية بعد أن تخلت وحدات الجيش العراقي عن مواقعها، إلا أنها أٌجبرت على الخروج في أكتوبر 2017 عندما اقتحمها الجيش العراقي وميليشيات الحشد الشعبي.
ويسيطر الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي الآن على المناطق الحضرية، لكن معظم التضاريس الريفية على طول سلسلة جبال حمرين لا تزال أرضا محظورة، وتشير مصادر المخابرات المحلية إلى أن ما يصل إلى 3000 مقاتل من داعش قد يستخدمون هذه المنطقة كمعقل حيث يختبئون ويتدربون ويخططون للهجمات.
فرصة إعادة التنظيم
ومع تحول انتباه العراق إلى حد كبير إلى محاربة فيروس كورونا ، يحذر الخبراء من أن داعش تواجه ضغوطًا أقل في الأراضي المتنازع عليها ومستعدة لإعادة تنظيم خلاياها النائمة.
وبالرغم من أن داعش لم يعلن مسؤوليته عن كل حادث في المنطقة، إلا أنه تبنى الهجمات الرئيسية، بما في ذلك سلسلة من الهجمات المنسقة في مايو الماضي والتي أودت بحياة ما يقرب من اثني عشر من أعضاء قوات الحشد الشعبي.
وفي تسجيل صوتي صدر في أواخر مايو، شجع المتحدث باسم داعش أبو حمزة القريشي مقاتلي التنظيم والمتعاطفين معهم على زيادة أنشطتهم ضد أهداف الحكومة العراقية.
ارتفاع نشاط الإرهاب
وقال محسن دوسكي، عضو الحزب الحاكم في اللجنة الأمنية في برلمان كردستان: “خلال الشهرين الماضيين، كانت أنشطة داعش تحدث بشكل شبه يومي“.
وأوضح: “لا يوجد حاكم في تلك المنطقة، عودة البيشمركة إلى المنطقة كانت ضروري لاستعادة الاستقرار وضمان هزيمة دائمة لتنظيم داعش”، وتابع: “العراق لا يستطيع السيطرة عليه ولا يسمح للبشمركة بالعودة اليه”.
توحيد القوة ضد التنظيم
وأكد بعض مراقبي العراق أن تصاعد الهجمات على المناطق المتنازع عليها لا يعني عودة الخلافة المادية لداعش، ومع ذلك، فإنهم يحذرون من أن التظيم يمكن أن تزيد من التوترات العرقية والطائفية.
وبحسب ديفيد بولوك، خبير الشؤون الكردية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، فإن استراتيجية أكثر ديمومة لهزيمة داعش في المنطقة تتطلب من بغداد وأربيل التوصل إلى حل وسط بشأن المنطقة وتوحيد قواها ضد التنظيم.
وقال إن وجود القوات الأميركية يوفر فرصة لكلا الجانبين للتوصل إلى حل، مضيفا: “عاجلاً أم آجلاً، ستبدأ القوى الخارجية في الابتعاد تدريجياً عن هذا مما يقلل من وجودها ودعمها لذا عليك الاستفادة من ذلك أثناء وجودها هناك”.