صراع متعدد الأطراف في شرق سوريا.. والهدف نهر الفرات
لا شك أن منطقة شرقي نهر الفرات السورية لم تغب عن صدارة المشهد منذ أواخر العام الماضي 2019، حيث خلطت العملية العسكرية التركية الأوراق، وفتحت الباب أمام تنافس متعدد الأطراف للهيمنة على المنطقة الأهم في سورية .
حضور عسكري
وينشط الروس والأتراك والأميركيون من أجل تعزيز حضورهم العسكري في المنطقة التي تشكل نحو ثلث مساحة سوريا، وتسيطر على أغلبها “قوات سورية الديمقراطية” (قسد)، والتي تحصل عل دعمها من التحالف الدولي، وهي تسعى بكل تأكيد إلى تعزيز التفاهم مع الروس للحيلولة دون تدخل تركي جديد في المنطقة .
واستقدمت القوات الروسية تعزيزات أخيراً إلى منطقة منبج في ريف حلب الشمالي الشرقي، غرب نهر الفرات، وإلى منطقة عين العرب (كوباني)، ذات الغالبية الكردية، شرقي النهر .
وهذه التعزيزات تأتي في سياق التفاهم العسكري ما بين الجانب الروسي و”قسد” في أكتوبر الماضي، وذلك خلال العملية التي شنها الجيش التركي مع فصائل المعارضة السورية ضد هذه القوات .
الخوف من الأتراك
ومن الواضح فأن التعزيزات الروسية، التي جاءت عقب طلب من “قوات سورية الديمقراطية“، تأتي في سياق محاولات للحيلولة دون قيام الجيش التركي بعمل عسكري واسع النطاق باتجاه منبج أو عين العرب .
وساد قلق في المنطقتين أخيراً مع بروز معطيات تشير إلى اقتراب الجيش التركي وفصائل المعارضة السورية المرتبطة به من شن عمل عسكري للسيطرة عليهما .
وكانت القوات الروسية قد أنشأت بالتفاهم مع قوات “قسد”، أواخر العام الماضي، قاعدتين في محيط مدينة عين العرب في منطقتي صرين ومشتى نور .
تنفيذ اتفاق موسكو
ولا يزال اتفاق روسي تركي ( اتفاق موسكو) والذي أبرم في مدينة سوتشي الروسية في 22 أكتوبر الماضي، يحكم التوازنات العسكرية في منطقة شرقي نهر الفرات التي تسيطر “قسد” على معظمها .
وكان الاتفاق قد نص على أن الشرطة العسكرية الروسية ستُخرج عناصر “قوات سورية الديمقراطية” مع أسلحتهم حتى مسافة 30 كيلومتراً من الحدود التركية، شرق الفرات، بالإضافة إلى إخراج جميع عناصر “وحدات حماية الشعب” التابعة للأكراد مع أسلحتهم من منطقتي منبج وتل رفعت في ريف محافظة حلب .
ولم ينفذ الاتفاق بحذافيره كما أغلب الاتفاقات الخاصة بالملف السوري وذلك بسبب تعقيدات الموقف على الأرض، حيث لا تزال “الوحدات” الكردية، التي تشكل العمود الفقري لـ”قسد”، تسيطر على منطقة تل رفعت في ريف حلب الشمالي، وعلى منطقة منبج، فيما سحبت قواتها إلى عمق 30 كيلومتراً في بعض مناطق شرقي نهر الفرات .
الضغط على الجانب التركي
وكانت “قوات سورية الديمقراطية” قد لجأت إلى الجانب الروسي من أجل الضغط على الجانب التركي لعدم توسيع نطاق عمليته في شرق نهر الفرات، مقابل السماح لموسكو والنظام السوري بنقل قوات إلى المنطقة، وهو الأمر الذي يعني عودة الأخير لاعباً رئيسياً في الأحداث في البلاد.
وكان الجانبان الروسي والتركي قد سيرا منذ ذلك الحين عدة دوريات مشتركة، سواء في منطقة عين العرب أو ريف الحسكة في الشمال الشرقي من سورية .
ميدان صراع
وتحولت منطقة شرقي نهر الفرات منذ أواخر العام الماضي إلى ميدان صراع بين كل أطراف الصراع على سورية، خصوصاً أنها تعد المنطقة الأهم في سورية نظراً لغناها بالثروات النفطية والزراعية والمائية، فضلاً عن موقع جغرافي متميز .
ويشكل العرب غالبية السكان في شرق الفرات، لكنهم بلا سطوة عسكرية تُرجح كفتهم بسبب هيمنة “الوحدات” الكردية، المدعومة من الأميركيين، على “قوات سورية الديمقراطية”، التي يعتبرها الجانب التركي غطاء لأحزاب كردية تطمح لإنشاء إقليم ذي صبغة كردية في شمال شرقي سورية، تعتبره أنقرة خطراً على أمنها القومي .