العراق في لحظة مفصلية.. واشنطن أم طهران
لم يخفي وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو عن أن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى خلال الفترة المقبلة إلى فتح حوار نموذجي مع جمهورية العراق، وذلك في لقاء صحافي مصغر، الثلاثاء .
حوار استراتيجي
وأوضح بومبيو أنّ الإدارة “تريد فتح حوار استرتيجي مع العراق في منتصف يونيو المقبل”، ولعل تسميته لرئيس الوفد المفاوض ديفيد هيل، تشير إلى أنه قد تم الاتفاق مع بغداد حول الموضوع والموعد .
وتصريح بومبيو جاء في سياق الرد على سؤال حول تهديد “كتائب حزب الله” العراقية بوضع فيتو على اختيار أي مرشح لتولي رئاسة الحكومة العراقية لا ترضى عنه .
وحرص الوزير في جوابه على تمرير تلميحات عن الخطوط العريضة لهذا الحوار من المنظور الأميركي الذي عبّر عنه من خلال تحديده للتوجهات المطلوب اعتمادها من جانب أي رئيس حكومة قادمة .
ويعى بومبيو أهمية العراق بالنسبة لهم في الشرق الأوسط،، حيث تحدث عن “أهمية التزام الحكم في بغداد” بعملية الإصلاح “اللازمة لبناء عراق سيّد مستقل يبتعد عن النمط الطائفي الذي أدى إلى الفساد والإرهاب ” .
وأوضح بومبيو أن الحوار يجب أن ينهض على أساس مثل هذه المعايير التي “تريدها واشنطن للدخول في حوار استراتيجي مع العراق لمواجهة العنف والتهديدات التي قد تأتي بها عودة الإرهاب في البلاد في أي فترة من الفترات ” .
مسار سياسي
وفي غمز واضح إلى الدور الإيراني في العراق ورغبة واشنطن في التخلص منه خلال الفترة الماضية، شدد الوزير على ما سمّاه “رسالة إدارة ترامب التي قامت من البداية على أساس ضمان مسار سياسي لـ (لعراق) يسير قدماً إلى الأمام”.
وكان الوزير بومبيو قد سبق له أن رسم هذا المسار في خطاب له في مايو/ 2018، طالب فيه إيران بالعودة إلى “سلوك الدولة العادية” وتلبية 12 شرطاً قبل فك العقوبات عنها؛ وهي شروط رأى فيها المراقبون دعوة لتغيير النظام بشكل واضح .
ومنذ ذلك الوقت، لم تتزحزح إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن هذه السياسة. ولم يكن سراً أن الوزير بومبيو وقف وراءها من البداية.
ويوم الإثنين الماضي، أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية بياناً مطولاً أكّدت فيه مجدداً حيثيات سياستها هذه، بالترافق مع سرد مفصل لما سمته تمويل إيران لنشاطاتها في المنطقة بدل إنفاقها على مشاريع التنمية في الداخل .
وأوضحت بأن التشديد في العقوبات لا تمنع طهران من استيراد الحاجات الطبية والغذائية من الخارج، وحتى من الولايات المتحدة، وهي في ذلك كانت ترد على دعوة خطية صدرت الإثنين، بتوقيع مسؤولين أميركيين وأوروبيين سابقين، تطالب إدارة ترامب بتلطيف العقوبات على طهران “لأسباب إنسانية” بغية تخفيف وطأة كورونا التي كانت حصة إيران منها موجعة.
تدابير معينة
واقترح الموقعون ضرورة اتخاذ تدابير معينة “لتسريع عملية استيراد الأدوية لإيران والسماح للمصارف بالتعامل معها في هذا الخصوص، مع التوصية بتسهيل موافقة صندوق النقد الدولي على قرض لطهران” .
وسبق لصحف أميركية كبرى أن خصصت افتتاحياتها، قبل أيام، لمطالبة الإدارة بموقف مشابه في ظل أزمة كورونا .
كما انضمت إليها أصوات مؤيدة للرئيس ترمب، حثته على القيام بمثل هذه “المبادرة لتكون بمثابة رسالة بأن أميركا ليست ضد الشعب الإيراني” كما قال الكاتب والسياسي المحافظ باتريك بيوكانن .
لكن الإدارة ليست في هذا الوارد، وتدعمها في هذا التوجه جهات محسوبة على الخندق الإسرائيلي، مثل “مركز الدفاع عن الديمقراطيات” في واشنطن، فاللحظة حسب خطابها تتيح الفرصة لتثمير العقوبات.
ومن خلال هذا الجدل الكبير بين المؤيد والمعارض لتشديد العقوبات أو تخفيضها على إيران في هذا الموعد يأتي على ما يبدو مشروع الحوار الاستراتيجي مع العراق كمفتاح لخلخلة نفوذ طهران في بغداد، والذي هدد، أخيراً، ولا يزال، بمواجهة أميركية إيرانية فوق الأراضي العراقية؛ وهذا احتمال حمل البنتاغون على إعادة تمركز قواته هناك، وسحب بعضها للحد من إمكانية استهدافها .